وهبني الله حياةً مهنيةً غنيةً بالتجاربِ والأحداثِ على مدى أربعين عاماً، عاشت معي خلالها أجيال من القراء والمتابعين والمشاهدين معظم أحداثها، من أبرزها تغطيتي للحربِ الأفغانيةِ بين عامي ١٩٨٧ و١٩٩٠ إبانَ الاحتلالِ السوفييتي لأفغانستان وهي التغطية التي صقلت موهبتي الصحفيةَ مبكراً، وعمقت تجاربي المهنيةَ فيما بعد.

وفي العام ١٩٩٠ انتقلتُ إلى الكويت مديرَ تحريرٍ لـ “مجلة المجتمع” الكويتية، وهي واحدةُ من أكثرِ المجلاتِ السياسيةِ الأسبوعيةِ انتشاراً وتأثيراً في الخليج آنذاك، فتعلمتُ فنونَ الإدارةِ والتحريرِ الصحفي كما قمتُ بتغطيةِ الحربِ في البوسنةِ والهرسك بين عامي ١٩٩٤ و١٩٩٥.


انتقلتُ من إدارةِ تحريرِ مجلةِ المجتمعِ الكويتيةِ إلى قناةِ الجزيرةِ الفضائيةِ في بدايةِ مايو عام ١٩٩٧ حيث عالمُ الصحافةِ التلفزيونيةِ الأكثرُ صعوبةً، والقناةُ الأكثرُ شهرةً ومهنية، فتعلمتُ كافةَ مهاراتِ الصحافة التليفزيونية و الإنتاجِ والتقديمِ التلفزيوني وفنونِه، وأنتجتُ وقدمتُ على مدى حوالي ربعِ قرنٍ ما يقربُ من ألفين وخمسمائةِ ساعةٍ تلفزيونيةٍ من خلالِ أربعة برامجَ حواريةٍ هي “الشريعة والحياة”، و”بلا حدود”، و”شاهد على العصر” و” شاهد علي الثورة ” وحلقاتٌ متفرقةٌ من برنامجِ لقاء اليوم التقيتُ خلالَ هذهِ البرامج مع العشراتِ من زعماءِ العالمِ وقادتِه السياسيين، علاوةً على المئاتِ من المفكرينَ والخبراءِ وصناعِ القرار.


كما قمتُ بتغطياتٍ مهمةٍ أبرزُها معركةُ الفلوجةِ في العراقِ عام ٢٠٠٤، والتي كانت أحدَ أكبرِ المعاركِ الفاصلةِ أثناءَ الاحتلالِ الأمريكي للعراق.
أصدرتُ خلالَ مسيرتي المهنيةِ أكثرَ من عشرين كتابا، ونشرتُ أكثرَ من عشرةِ آلافِ مقال في معظمِ الصحفِ العربيةِ من الخليجِ شرقاً إلى المغربِ وبريطانيا غربا.
وقد تعرضتُ بسببِ مهنتي لمحنٍ كثيرةٍ، من أبرزِها الاعتداءُ الذي وقعَ علي في مصرَ في شهر نوفمبر من العام ٢٠٠٥ ، واعتقالي في ألمانيا بطلبٍ من السلطاتِ المصريةِ في شهر مايو من العام ٢٠١٥، كما تعرضت ولازلت لحملات إعلامية منظمة في الصحف وعلي شاشات التلفزة ووسائل التواصل الإجتماعي نظمتها دول وأجهزة أنفقت عليها الأموال وحشدت جيوش السفهاء وأبواق الباطل هدفها اغتيالي مهنياً وسياسياً وأخلاقياً لكن الله أفشل مؤامراتهم وخيب مسعاهم وسخر لي من عباده من يدفع عني لكن هذهِ تضحياتٌ صغيرةٌ مقابلَ العملِ الكبيرِ الذي نقومُ بهِ وهو الإنحياز للحقيقة والإنسان و زيادة مساحةِ الوعي والمعرفة لدى الناس.

وحتى لا يبقي تراثي المهني مبعثراً هنا وهناك قررت أن أجمع المفيد والمهم والأبرز منه هنا في هذا الموقع سواء من المقالات أو البرامج أو الكتب أو التجارب الهامة علاوة علي الجديد الذي ساسعي لإضافته كل يوم من برامج ومقالات وتحليلات وآراء ما استطعت إلي ذلك سبيلا ، حتي يستفيد منه الناس خاصة، الأجيال المتعاقبة التي تسعي للتعرف علي الحقيقة وعلي الواقع وتاريخ الأمة الحديث من خلال ما قمت بتغطيته من أحداث أو أجريته من حوارات أو قدمته من أراء وتحليلات ، لاسيما وأني قد حققت في حياتي المهنية الكثير من الانفرادات خاصة في الحوارات مع صناع القرار وشهود العصر التي لن يجدها القاريء أو المشاهد إلا هنا .

فالصحافة رسالة ورسالتي هي الانحياز للحقيقة و الإنسان وزيادة مساحة الوعي والمعرفة لدي الناس وسأبقي ما أحياني الله حريصاً علي أداء هذه الرسالة سائراً علي درب الحق والحقيقة سائلا الله الثبات والتوفيق والسداد وحسن الخاتمة

أحمد منصور

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك