رغم أن القوات المسلحة المصرية والمخابرات العسكرية لم تعلن بعد مرور أكثر من أربع وعشرين ساعة أية معلومات محددة وتفصيلية ودقيقة حول الحادث الإجرامى الذى وقع فى سيناء واستهدف نقطة أمنية مصرية وقتل على أثره ثمانية عشر ضابطا وجنديا مصريا، فقد ظهر اللواء محمود زاهر على شاشة قناة الجزيرة بعد الحادث بوقت قليل وتحديدا فى نشرة حصاد الأحد وحمل حركة حماس والإخوان المسلمين فى مصر المسئولية واتهمهم بالسذاجة واعتبر التقارب الأخير بين مصر وحماس سببا فى الهجوم، وقد عجبت للسطحية والسذاجة وحجم التخاريف والخزعبلات التى أدلى بها الجنرال صاحب الترويج لشائعة وفاة حسنى مبارك التى سبق وروجها على شاشة الجزيرة وقال: «مبارك الله يرحمه»، وأود أن أقول للواء زاهر، عليه أن يحترم عقول الناس ويعرف أن هناك فرقا بين الرأى والتحليل والخزعبلات والتخاريف، فأداؤه أصبح فجا وسطحيا ولا ينتمى لأى فكر استراتيجى أو عسكرى، وإنما لفكر الحقد والكراهية لكل ما هو إسلامى، وأى سواق تاكسى فى مصر يستطيع أن يفسر الأمور بشكل أفضل بكثير من الجنرال الذى سبق أن نعى حسنى مبارك على شاشة الجزيرة، بينما كان مبارك فى مستشفى المعادى العسكرى يجرى الأشعة واقفا على رجليه، الجنرال يواصل التسطيح والتدليس ويتهم حماس والإخوان بالمسئولية عن تلك الجريمة البشعة، نستطيع أن نتفهم الكراهية الشديدة التى يكنها الجنرال المتقاعد وأمثاله ممن قادوا الثورة المضادة عبر شاشات التلفزة خلال ثورة 25 لحركة المقاومة الإسلامية حماس التى ركعت إسرائيل وأذلتها، ولجماعة الإخوان المسلمين التى كانت خيار الشعب المصرى فى الانتخابات التشريعية والانتخابات البرلمانية، لكننا لا نتفهم خروجه على الشعب بمعلومات كاذبة تثير الفتنة والشقاق عن أحداث حتى المخابرات العسكرية والعامة المصرية لم تصل إليها، وحتى نضع النقاط على الحروف ونحاول أن نفهم المشهد بعيدا عن تسطيح الجنرال وأمثاله، فإننا لا يمكن أن نعزل ما حدث فى سيناء عن مشهد لقاء الرئيس محمد مرسى قبل أيام مع خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، هذا المشهد الذى هز إسرائيل من داخلها؛ لأن المخلوع مبارك لم يفعل ذلك طوال حياته، المشهد الأكثر تأثيرا هو إفطار محمد مرسى مع إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة فى غزة وفتح معبر رفح المتنفس الوحيد أمام سكان غزة كى يخرجوا ويدخلوا كما يشاءون هذا التقارب دفع الصهاينة إلى التفكير فى كيفية تدمير هذا المشهد رأسا على عقب، ومن المعروف قدرة الموساد الخارقة على العمل فى سيناء وحتى داخل غزة والمعروف أيضا لسائقى التاكسى فى مصر أن الموساد يخترق معظم الجماعات المتطرفة إن لم يكن له دور فى تأسيس بعضها وهناك قصص لا نهاية لها فى هذا الجانب، ومن ثم فإن دفع مجموعات من صناعة الموساد لتنفيذ هجوم كهذا يؤدى إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد، مثل تشويه صورة الفلسطينيين عبر الطابور الخامس الموجود فى مصر من ليبراليين وعلمانيين وكارهين لكل ما هو إسلامى وإعادة النغمة القديمة بأن الفلسطينيين هم سبب البلاء والخراب لمصر، وإثبات أن الخطوات التى قام بها الرئيس مرسى للتقارب مع حركة حماس جرت الوبال والبلاء على مصر، وإغلاق معبر رفح إلى أجل غير مسمى وتشديد شروط العبور منه إن فتح، وإغلاق الأنفاق التى ما زالت تعمل على كسر الحصار، وهز الحكومة المصرية من داخلها وتوتير علاقاتها مع أهل سيناء، حيث كان النظام السابق علاقاته دائما سيئة بأهل سيناء، وإعطاء الفرصة للمهرطقين من أمثال الجنرال زاهر لبث الأكاذيب والتخاريف عبر وسائل الإعلام والتأثير على الرأى العام، هذه العومل وغيرها يجب أن تكون حاضرة فى المشهد، وأن ندرك أن المستفيد الوحيد هم الإسرائيليون، فالمشهد واضح بكل تفاصيله، إسرائيل كانت تعلم ولم يجرح جندى واحد من جنودها وهى المستفيدة وأيدى الموساد ليست بعيدة أيا كانت هوية المنفذين وانتماءاتهم، ومصر والفلسطينيون هم المتضررون، لكن رب ضارة نافعة، فقرار الرئيس مرسى بنشر الجيش والشرطة فى سيناء يجب أن يتم دون تأخير وأن تستعاد سيناء بالكامل تحت السيادة المصرية، وبعد ذلك، لكل حادث حديث أيها المرجفون.