من المقرر أن يعقد حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، مؤتمره العام فى التاسع عشر من أكتوبر الجارى لاختيار رئيس جديد للحزب خلفا لرئيسه السابق الدكتور محمد مرسى الذى أصبح رئيسا للجمهورية وتخلى عن رئاسة الحزب، ومن المقرر أن تجرى الانتخابات بين نائب رئيس الحزب الحالى الدكتور عصام العريان والأمين العام السابق للحزب الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب السابق. ورغم أن حظوظ الكتاتنى تبدو أقوى من حظوظ العريان من خلال أرقام استمارات التزكية التى جمعها كل منهما من المؤتمر العام، حيث جمع الكتاتنى 453 بطاقة تزكية فيما جمع العريان 109 فقط، فيما أخفق باقى المرشحين فى جمع مائة استمارة تزكية حتى يتمكنوا من خوض الانتخابات. ولأن الجميع يترقب المؤتمر والانتخابات التى من المقرر أن تجرى بشفافية أمام وسائل الإعلام وأمام جميع أعضاء المؤتمر العام، فقد حضرت هذا العام تجربتين انتخابيتين لحزبين يتشابهان مع الحرية والعدالة؛ الأول هو حزب العدالة والتنمية المغربى، والثانى هو حزب العدالة والتنمية التركى، وكل تجربة من هاتين التجربتين كانت مختلفة إلى حد بعيد عن الأخرى، ولا أدرى ما التجربة التى سيخوضها حزب الحرية والعدالة فى مصر. حزب العدالة والتنمية المغربى يعتبر هو الجناح السياسى لحركة التوحيد والإصلاح المغربية، وهى تعود فى أفكارها ومبادئها إلى جماعة الإخوان المسلمين، غير أنها ليست جناحا يرتبط تنظيميا بها، علاوة على اختلاط منهجها بالسلفية العلمية ومدارس أخرى، فقبل العام 1996 كان هناك عدة حركات إسلامية تعمل فى المغرب، اتفقت فى هذا العام كل من حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامى على الاندماج، ووضعوا ثلاث قواعد هى التى ما زالت تحكم الحركة وعملها حتى الآن، وهى أولا: أن المرجعية هى الكتاب والسنة، ثانيا: أن الشورى ملزمة، ثالثا: أن المناصب بالانتخاب، ففى كل القرارات يتم التصويت والأغلبية هى التى تقرر، وفى كل المناصب الأعضاء هم الذى يختارون القيادات بدءا من رئيس الحركة وحتى أصغر منصب فى أبعد قرية فى المغرب، لذلك فإن كثيرا من المسئولين فى الحركة حينما تنتهى مدة ولايتهم يصبحون أعضاء عاديين إذا لم يتم إعادة انتخابهم مرة أخرى، وأستطيع أن أؤكد أن التجربة المغربية فى هذا المجال تجربة فريدة ومميزة عن باقى الحركات الإسلامية، فعلى مدى العقدين الماضيين تبادل المسئولية والقيادة أشخاص عديدون، بعيدا عن احتكار المنصب والمسئولية لسنوات طويلة كما يحدث لدى معظم الحركات الإسلامية وعلى رأسها الإخوان المسلمون. وقد سعيت فى حوارات مطولة مع أكثر من مسئول فى الحركة، على رأسهم محمد الحمداوى رئيس حركة التوحيد والإصلاح وعبدالإله بنكيران رئيس حزب العدالة والتنمية، حتى أفهم الجوانب المختلفة لهذه التجربة المميزة، فوجدت هناك ما هو أكثر ميزة مما سبق، ففيما يتعلق بالتجربة والأفكار والمرجعية قال الحمداوى: «تجربة الحركة الإسلامية فى المغرب محلية خالصة من خلال إجراءاتها وأدبياتها ووسائل تربيتها وكتبها القائمة على الانفتاح على الآخر، فتجد فى لقاءاتنا وفى جلساتنا كتب حسن البنا، والتفسير فى ظلال القرآن لسيد قطب، وفى نفس الوقت تجد ما كتبه الدكتور حسن الترابى وما كتبه راشد الغنوشى، وما كتبه مفكرو الجماعة الإسلامية فى باكستان، وما كتبه سعيد النورسى فى تركيا، كما تجد أدبيات وكتابات بعض المدارس السلفية العلمية فى مناهجنا، فلذلك بحكم أنها انطلقت من تجربة محلية كانت لها هذه الإمكانية؛ أن تنفتح على إنتاج الحركة الإسلامية بكل اتجاهاتها». أما المميزات الأخرى المهمة التى رصدتها للحركة الإسلامية فى المغرب، فإن من أهمها: أن من يختار العمل السياسى والعمل الحزبى عليه أن يكون بعيدا من الناحية التنظيمية عن العمل الدعوى والتربوى الذى تقوم به الحركة، كما أن الحركة لا تتدخل فى العمل السياسى للحزب، وأحيانا تفاجأ بقرارات سياسية يتخذها الحزب قد لا ترضى عنها الحركة بل قد تصدر بيانات تنتقدها، فالحزب فى كثير من الأحيان يتخذ مواقف تقتضيها المواءمات السياسية، بينما ترى الحركة أنها تخالف مبادئها فتنتقدها دون أن تجبر الحزب على تغيير موقفه. نكمل غدا.