فى خطبته التى ألقاها فى مسجده فى الرياض يوم الجمعة 14 ديسمبر الماضى قال الدكتور محمد العريفى الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود عن فضل مصر وأهلها: «أيها المصريون، الإسلام فيكم وجد أعياده، وكنتم يوم الفتح أجناداً، وكنتم عام الرمادة مداداً، ودرأتم العدوان الثلاثى وأسياده، وحطمتم خط بارليف وعتاده، وكنتم يوم العبور أسياده وقواده. يا أهل مصر، يا أهلى ويا مشايخى، ويا من أخذت عليهم الأسانيد فى قراءة القرآن، يا أصحابى، إن فى أرضكم الوادى المقدس طوى، وفيها الجبل الذى كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام، وفيها الجبل الذى تجلى الله تعالى إليه فانهد الجبل دكاً، وهى مبوَّأ الصدق الذى قال الله تعالى عنه: (ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق) وفى أرضكم يجرى نهر النيل المبارك الذى ينبع أصله من الجنة.. قال النبى عليه الصلاة والسلام: (النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة) رواه مسلم، وفى أرض مصر، الربوة التى آوى إليها عيسى عليه السلام وأمه.. قال جل وعلا (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين)، وعلى أرض مصر ضرب موسى عليه السلام بعصاه فانفجر الحجر له ماء، وانشق البحر له فكان كل فرق كالطود العظيم، نعم إنها مصر، إذا أردت القرآن وتجويده فالتفت إلى مصر، وإذا أردت اللغة والفصاحة فإنك تنتهى إلى مصر، إذا أردت الأخلاق الحسنة وحلاوة اللسان وحلاوة التلاوة والقرآن فالتفت إلى مصر.. إننا لا نتحدث عن بلد عادى، إنما نتحدث عن بلد عظيم القدر، أشار الله تعالى لكبر مصر، وأشار لعظم مساحتها، فقال جل وعلا: (فأرسل فرعون فى المدائن حاشرين)، وهذا يدل على كثرة مدنها. ولعظم قدر مصر منذ القديم افتخر الهالك فرعون أنه يحكمها دون غيرها فقال كما ورى الله تعالى عنه: (أليس لى مُلك مصر)، قال عمرو بن العاص رضى الله تعالى عنه: (ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة) يعنى أن كل بلاد الإسلام فى كفة وأن الذى يلى على مصر يكون قد أخذ الكفة الأخرى، وقال سعيد بن هلال: (إن مصر أم البلاد وغوث العباد، إن مصر مسورة فى كتب الأوائل، وقد مدت إليها سائر المدن يدها تستطعمها وذلك لأن خيراتها كانت تفيض على تلك البلدان)، وقال الجاحظ: (إن أهل مصر يستغنون بما فيها من خيرات عن كل بلد، حتى لو ضُرب بينها وبين بلاد الدنيا بسور ما ضرهم). وفى مصر رباط الإسكندرية الذى رابط فيه العلماء والزهاد والعباد والمجاهدون والأبطال والشجعان، قال أبوالزناد صاحب أبوهريرة رضى الله عنه: (خير سواحلكم ربابا الإسكندرية)، وقال سفيان بن عيينة يوماً لأحمد بن صالح: (يا مصرى أين تسكن؟ قال: الفسطاط قال: تأتى الإسكندرية فإنها كنانة الله التى يجعل فيها خير سهامه)، وعند المصريين جامع عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول جامع بُنى فى قارة أفريقيا، وقد قدر قبلته جماعة من الصحابة قُدروا بثمانين صحابياً، اجتمعوا عنده عند بنائه، وقدروا قبلته يوجهونه إليها، وعند المصريين الجامع الأزهر الذى له الفضل المشهور والعلم المنثور، والتقدم الكاسر، والارتفاع القاهر، العلماء فيه متكاثرون، والعباد فيه قائمون، والزوار إليه متوافدون، مصر قادت الأمة الإسلامية أكثر من مائتين وخمسة وستين سنة، كانت الخلافة فى مصر من بعد انقطاع الخلافة من بغداد من عام 656 للهجرة إلى انتقال الخلافة إلى العثمانيين فى تركيا فى عام 924 بينهما أكثر من مائتين وخمسة وستين سنة، كانت الخلافة فى مصر وهى التى تقود بلاد الإسلام».. نكمل غداً.