في دعوة على العشاء كان بها ما يزيد على عشرة من الزملاء والأصدقاء في القاهرة اكتشفت أني الوحيد من بينهم الذي ليس لديه رخصة سلاح، بل الذي لا يحمل سلاحا وكانوا جميعا يحملون أسلحتهم المرخصة، واستحثوني جميعا على ضرورة استخراج رخصة سلاح على اعتبار أني أكثرهم استهدافا كما زعموا، وقد رأيت انتشار ظاهرة امتلاك رخصة السلاح في مصر بشكل كبير بعد الثورة المصرية، وسط انتشار البلطجة وعمليات السرقة التي واكبتها عملية تدمير منظمة لجهاز الشرطة وإنهاك لقدراته وكفاءته.
روى لي الزميل جمال هليل مدير مكتب قناة الجزيرة الرياضية في القاهرة أن أحد الضيوف ممن يسكنون على أطراف مدينة القاهرة كان يشارك معه في برنامج على الهواء من المكتب في الأسبوع الماضي، وبعد انتهاء البرنامج في العاشرة مساء غادر الضيف الاستوديو عائدا إلى بيته، وبعد ساعة اتصل عليه حتى يطمئن إلى وصوله إلى بيته ويشكره على مشاركته في البرنامج فإذا بشخص يرد عليه على الهاتف ويقول له بوقاحة متناهية «أنا مش الدكتور أنا الحرامي اللي سرق عربيته» هكذا أصبح البلطحية يسرقون السيارات ثم يتصلون بأصحابها يطلبون فدية حتى يعيدوها، والذي يرفض تسليم سيارته أو يقاوم يقتل، وقد قتل كثيرون في عمليات سطو مسلح على سياراتهم حينما قاوموا وكان من أطرف عمليات السطو والسرقة التي وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية هي السطو على سيارة محافظ كفر الشيخ سعد الحسيني حيث كان عائدا بسيارته ومعه سائقه وحارسه الخاص المسلح من كفر الشيخ إلى المحلة الكبرى عند منتصف الليل فتعرض لكمين في منطقة سرقت فيها عشرات السيارات من قبل من الأهالي وأخذ اللصوص سيارته وجردوا حارسه من سلاحه وحينما أبلغهم أنه المحافظ لم يصدقوه وتركوه مع سائقه وحارسه في الشارع، حتى جاءت سيارة عابرة فأنقذته، وكان الحسيني قد نسي هاتفه في سيارته فاتصل به أحد الأصدقاء فرد عليه كبير اللصوص الذين سرقوا السيارة وأخبره أنه سارق السيارة وأنهم يطلبون فدية فإذا بصديق سعد الحسيني يقول للص «يخرب بيتك هذه سيارة المحافظ»، يبدو أن اللصوص أدركوا أن الأمر لن يمر بسلام فاتصل على صديق المحافظ وأبلغه أنهم تركوا السيارة بكل ما فيها في مكان ما، ومع انتشار البلطجة والسرقات في أنحاء كثيرة من مصر سعى بعض الناس في القرى والأحياء التي غابت عنها الشرطة إلى أخذ حقوقهم من اللصوص بأيديهم ولا يكاد يمر يوم دون أن يقوم الناس في هذه القرية أو تلك بسحل هذا البلطجي أو قتل ذاك أو حرق ثالث، أو تعذيب رابع حتى الموت، فقرروا أن يأخذوا زمام القانون بأيديهم بعدما غابت الشرطة وغاب حماة القانون، وآخر تلك الحوادث ما وقع في قرية الجندية التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية في مصر يوم الخميس الماضي 21 مارس حينما سطا عدد من اللصوص في الصباح الباكر على أحد أصحاب السيارات لكن الرجل بدلا من أن يترك لهم السيارة صرخ مناديا أهل القرية أن ينقذوه وينقذوا سيارته، فتنادى أهل القرية فهجموا على اللصوص فهربوا إلا أحدهم وقع في يد أهل القرية فظلوا يضربونه حتى أدموه ثم قاموا بربطه في شجرة وأشعلوا فيه النيران حتى مات، ثم جاءت الشرطة في النهاية فحملت جثة البلطجي القتيل وانصرفت، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يقوم فيها أهل تلك القرية بمثل هذا العمل، فقبل عدة أشهر تعرضت بيوتهم لسرقة مواشيهم وقاموا بإبلاغ الشرطة فلم تفعل شيئا، فقرر أهل القرية أن يدافعوا عن أنفسهم وكمنوا للصوص حتى إذا جاء اللصوص في الليل هجموا عليهم وقتلوا عددا منهم رافعين شعار «القصاص باليد» وتطبيق حد «الحرابة» على اللصوص بعدها لم يجرؤ لص على أن يعتب ارض القرية أو بيوتها مرة أخرى حتى جاءت مجموعة اللصوص الأخيرة ولقي أحدهم نهاية دامية، حيث أصر أهل القرية على تصوير كل مراحل ضربه وحتى موته ونشروا الصور حتى تكون عبرة لكل بلطجي.
أمر محزن أن يأخذ الناس حقوقهم بأيديهم لكن ماذا يفعل الناس إذا غابت الشرطة وغاب تطبيق القانون؟!
الوطن القطرية