لم تتعرض الولايات المتحدة الأمريكية لفضيحة تسريب للوثائق كما تعرضت على يد الأسترالى جوليان أسانج مؤسس موقع ويكليكس، الذى سرب مئات الآلاف من الوثائق خلال الخمس سنوات الماضية مما أوقع الولايات المتحدة فى حرج بالغ أمام أصدقائها وحلفائها، وقد لعب الجندى الأمريكى برادلى ماننج الذى يحاكم الآن بتهمة تسريب الوثائق الدور الأساسى فى تزويد أسانج بحجم كبير من الوثائق العسكرية كان من أبرزها الفيلم الذى أظهر طائرة مروحية أمريكية وهى تطلق الرصاص ببرود تام على عدد من المدنيين العراقيين كان من بينهم صحفيون فقتلهم مما شكل فضيحة كبيرة لسلوكيات الجيش الأمريكى فى العراق كشفت عن الكثير من العمليات المشابهة، وقد لاحقت الولايات المتحدة جوليان أسانج بكل الوسائل الممكنة واستنزفته نفسيا وماليا فى ملاحقات قضائية فى بريطانيا، وفى النهاية لجأ إلى سفارة الأكوادور فى لندن طالبا للجوء السياسى ولازال يقيم فيها منذ أكثر من عام، حيث لم يتوقف طوال فترة ملاحقته عن نشر المزيد من الوثائق، لكن الولايات المتحدة لم تكد تفيق من فضائح تسريب وثائقها عبر موقع ويكيلكس حتى قام إدوارد سنودن الموظف السابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سى آى إيه الذى لا يزيد عمره على 29 عاما بتسريب معلومات عن قيام الولايات المتحدة بالتجسس على ملايين الأمريكيين فضلا عن اختراق أنظمة وشركات الاتصالات فى دول كثيرة والتجسس على مستخدمى خدماتها، وقال سنودن فى تصريحات نشرتها صحيفتى «الواشنطن بوست الأمريكية» و«الجارديان» البريطانية فى 5 و6 يونيو الماضى «إن وكالات الاستخبارات الأمريكية جمعت سجلات متعلقة بملايين المكالمات الهاتفية وراقبت بيانات الانترنت المتعلقة بها «كما قامت وكالة الأمن القومى الأمريكى بالتنصت على الكومبيوترات الرئيسية التابعة لتسع شركات انترنت منها الفيسبوك وجوجل ومايكرو سوفت وياهوو ورصدت الاتصالات التى كانت تجرى عن طريق الانترنت عبر برنامج يسمى «بريزم» ورغم نفى الشركات كلها أن تكون قد سمحت للسلطات الأمريكية بالاطلاع على البيانات الخاصة بها المخزنة فى كمبيوتراتها الرئيسية إلا أن جيمس كلابر رئيس المخابرات الأمريكية اعترف بأن حكومة بلاده قد جمعت معلومات من الشركات التى تقدم خدمات الانترنت عن استخدام غير الأمريكيين للشبكة الدولية من خلال الاطلاع على البريد الالكترونى وموضوعات البحث.
واضطر الرئيس الأمريكى باراك أوباما أن يخرج فى 7 يونيو الماضى ليدافع عن برامج الحكومة الأمريكية لمراقبة الهواتف والانترنت قائلا إنها حظيت بموافقة الكونجرس والقضاء الأمريكى.
وأضاف أوباما فى إطار التبريرات «لا نستطيع الحصول على 100% من الأمن و100% من الخصوصية، وصفر من الازعاج». لكن سنودن الذى لجأ إلى هونج كونج ومنها انتقل إلى روسيا ثم إلى كوبا انتظارا لطلب تقدم به للجوء إلى الإكوادور التى سبق ولجأ أسانج إلى سفارتها، لم يتوقف عن تقديم معلومات محرجة كل يوم عما تقوم به أمريكا بالتجسس على دول العالم وعلى رأسها الصين التى أعربت عن قلقها البالغ مما ذكره سنودن وتقدمت بشكوى للولايات المتحدة لكنى وجدت وكالة أنباء الصين الجديدة لخصت سلوك الولايات المتحدة فى عبارة موجزة جميلة فقالت «إن الولايات المتحدة هى أكبر نذل فى عصرنا».