لم يكف مؤيدو الانقلاب العسكرى عن بث الأكاذيب بالليل والنهار لاسيما هؤلاء الذين يظهرون فى الفضائيات كضيوف والذين يتحدثون وكأنهم أعضاء فى كتائب إعلامية دورها هو ترويج الأكاذيب وممارسة التضليل الأعلامى بشكل مقزز، وسأروى هنا شهادة أستاذة جامعية كانت بين المعتصمين عند دار الحرس الجمهورى وكانت شاهدة على المذبحة التى ارتكبت هناك وأصيبت هى الدكتور أحلام عبدالعزيز غريب الأستاذ المساعد بكلية الطب البيطرى جامعة الزقازيق والتى قالت فى شهادتها: «حينما وقع الانقلاب العسكرى شعرت أن مصر ستعود لحكم العسكر مرة أخرى وأن الديمقراطية التى كنا نحلم بها سوف يقضى عليها، لم أستطع النوم أو الطعام والشراب، وقررت يوم الأحد 7 يوليو أن أذهب للاعتصام فى رابعة العدوية وجاء معى زوجى وهو أستاذ بكلية العلوم وابنى وهو طالب بالسنة الثالثة فى الجامعة، ولأنى مريضة فقد فضلت البقاء عند دار الحرس الجمهورى لأن الزحام كان شديدا عند رابعة العدوية، قضيت ليلة من أفضل ليالى العمر من الناحية الروحانية لاسيما عند صلاة القيام.
أحداث الحرس الجمهورى
فى الركعة الثانية لصلاة الفجر سمعت صراخا عاليا وإطلاقا للرصاص وقنابل الغاز وسرعان ما تحول المكان إلى فوضى عارمة، كان همى أن أجد ابنى لأنه مريض بصعوبة فى التنفس وأدركت أن هذا الغاز يمكن أن يسبب له اختناقا، لكن إطلاق النار والخرطوش من كل مكان وكذلك الغاز الخانق جعلنى أصاب باختناق وحينما رأيت الناس ينبطحون على الأرض ويتنفسون من التراب انبطحت بسرعة وعملت مثلهم وفى لحظة رفعت رأسى كانت هناك مركبة لونها زيتى غامق وعليها ضابط كان يرش الناس بالخرطوش وكأنه يرش الماء وجه لى بندقيته وأطلق دفعة من الخرطوش اخترقت جنبى واستقر معظمها داخل جسمى ووصل بعضها إلى رئتى وسرعان ما خرج الدم من فمى.
لقد عدت إلى رابعة رغم إصابتى ولن أغادرها حتى أحصل على حريتى وكرامتى التى سلبها الانقلابيون |
فى هذه الأثناء وجدت ضابطا يرتدى الزى الأسود للشرطة الخاصة يقف على رأسى ببندقية ويوجهها إلى رأسى ويسبنى بألفاظ جارحة ويقول لى أعطنى هاتفك وانهضى وإلا قتلتك؟ قلت له أنا مصابة ولا أستطيع الحركة، وأبحث عن ابنى، كانت الدماء تغطى خمارى وملابسى وتخرج من فمى، قلت له أنا أستاذة جامعية وأنا فى سن أمك ومصابة لكنه لم يكف عن سبى وسب من حولى من الجرحى الذين كانوا يجلسون على الرصيف ينزفون كان بينهم سيدة غارقة فى دمائها وعلمت أنها مصابة برصاصة حية، وكان هناك أخرى مصابة فى رجلها بالخرطوش لكنها كانت تستطيع الحركة وكانت مثلى تبحث عن أبنائها، ساعدتنى على القيام وأخذتنى فى جو عارم من الفوضى إلى سيارة الإسعاف حينها وجدت الجنود يجمعون الهواتف النقالة ويفرغون الحقائب من محتوياتها ومن بينها حقيبتى ثم يحرقونها مع الخيام
و حينما وصلت سيارة الإسعاف وجدت بها عددا من الجرحى كان من بينهم طفل اسمه عمر مصاب بالخرطوش فى كل جسده وأبلغنى أنهم اعتقلوا أباه ونقلوه لسيارة الأسعاف، لقد عدت إلى رابعة، رغم إصابتى فى أحداث الحرس الجمهوري، ولن أغادرها حتى أحصل على حريتى وكرامتى التى سلبها الانقلابيون