في حادثة هي الأولى من نوعها في دولة عربية استيقظ الليبيون يوم الجمعة الماضي 11 أكتوبر على حادثة اختطاف رئيس الحكومة الليبية علي زيدان من غرفة نومه في الفندق الذي يقيم فيه في العاصمة الليبية طرابلس من قبل مجموعة مسلحة نسبت إلى تنظيمين مسلحين من المفترض أنهما ينضويان تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع في ليبيا المجموعة الأولى هي «غرفة عمليات ثوار ليبيا» والثانية هي «لجنة مكافحة الجريمة»، ورغم أن كلا المجموعتين في نظر بعض المراقبين تعتبران من الكيانات الغامضة المسلحة في ليبيا إلا أن البيان الرسمي الذي صدر عن الحكومة الليبية كان أكثر غرابة إذن قال البيان «إن رئيس الحكومة علي زيدان اقتيد إلى جهة غير معلومة لأسباب غير معروفة من قبل مسلحين..». أما «غرفة عمليات ليبيا» فقد أسست قبل عدة أشهر بقرار من رئيس المؤتمر الوطني الليبي نوري أبو سهمين لتشارك في حماية أمن العاصمة طرابلس لاسيما مداخلها ومخارجها ويشارك فيها عدة آلاف من المقاتلين الذين شاركوا في الثورة معظمهم إسلاميون، وتعتبر هذه خطوة جيدة لاستيعاب المقاتلين داخل منظومة الدولة ، أما «لجنة مكافحة الجريمة» فقد شكلت بناء على طلب من شباب طرابلس الذين شاركوا في الثورة ودورها هو حماية العاصمة من الجرائم التي انتشرت وكذلك المخدرات وغيرها، ومن المفترض أن كلا الجهتين تلتزمان بالعمل تحت قانون السلطة المؤقتة في ليبيا، لكن ما حدث سلط الأضواء على الفوضى الأمنية القائمة في البلاد، حيث تنتشر المليشيات وحيث بدأت كذلك المليشيات التابعة للقذافي في استعادة نشاطها مجددا لاسيما في بني غازي حيث يتم كل يوم تصفية بعض المنتسبين للنظام الجديد سواء من العسكر أو المدنيين، ومما يعكس حجم الفوضى هو البيان الذي صدر عن المختطفين والذي أشار إلى أن زيدان متهم في قضايا مالية وإدارية يجرى التحقيق معه فيها، لكن المدعي العام الليبي عبد القادر رضوان قال إنه لم يصدر أية أوامر اعتقال بحق رئيس الحكومة، لكن القصة من عدة روايات تلخصت في أن «غرفة عمليات ليبيا» أرادت أن ترد على اختطاف الأميركان لأبو أنس الليبي بهذه الطريقة التي استنكرتها معظم القوى الليبية، رغم اتهامات لرئيس الحكومة بأنه تواطأ مع الأميركان فيما يتعلق باختطاف مواطن ليبي من بيته وسط العاصمة من قبل قوات خاصة أميركية. لاشك أن هذه الحادثة لن تمر مرور الكرام في ليبيا لاسيما وأن الفوضى الأمنية تضرب أطنابها في أنحاء متفرقة في البلاد مع دعوات هنا وهناك بتقسيم ليبيا إلى الأقاليم الثلاثة التي كانت عليها قبل الاستقلال «برقة» و«طرابلس» و«فزان» وإذا كان للمجموعات المسلحة لاسيما في العاصمة طرابلس فضل في استقرار الأوضاع الأمنية هناك فإن هذا لا يعني أن يقوم فصيل أو أكثر من هذه الفصائل باعتقال عشوائي يصل إلى حد اعتقال رئيس الحكومة المنتخب من المجلس الوطني الليبي دون أي سند قانوني، كما أن هذا الأمر يتيح المجال لمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في ليبيا. إن دولة مترامية الأطراف مثل ليبيا بحاجة إلى الاستقرار حتى يتمكن شعبها من الشعور بثمار ونتائج ثورته، لاسيما وأن ما حدث في ليبيا غير ما حدث في مصر فقد قام الثوار في ليبيا بإنهاء وجود نظام القذافي بالقوة وليس رأس النظام وحده كما حدث في مصر من ثم يجب أن يجمعوا صفوفهم ويوحدوا كلمتهم حتى تنجح ثورتهم، أما إذا استمرت الفوضى الأمنية في البلاد فإن فرصة أعداء ليبيا في بث الاضطرابات والفوضى بها كفيلة بأن تحولها إلى مستنقع مأساوي ومستقبل غامض مؤلم.
الوطن القطرية