نُشر المقال فى 1 سبتمبر 2014
بينما دخلت الهدنة بين الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية أيامها الأولى بدأت حرب طاحنة داخل المجتمع الإسرائيلي بين طوائفه المختلفة وعلى رأسها بنيامين نتانياهو ووزراؤه ومعارضوه بسبب الهزيمة الكبيرة التي لحقت بالكيان الصهيوني على يد المقاومة في غزة.
كانت المعركة الداخلية قائمة في إسرائيل خلال الحرب على غزة لكنها اشتعلت حينما أخذ نتانياهو قراره بالموافقة على شروط المقاومة والتوقيع على وقف إطلاق النار دون قرار من المجلس الوزاري المصغر الذي كان في حالة انعقاد دائم، وقد أرسل رئيس مجلس الأمن القومي يوسي كوهين ليبلغه للوزراء فبدأت الاحتجاجات واشتعلت الحرب، الوزراء اتهموا نتانياهو بتجاهلهم وهو اتهمهم بأنهم يسربون ما يجري داخل الاجتماعات، وهذا ما دعا وزير الشرطة الإسرائيلية يتسحاق أهرونوفيتش يوم الاثنين الماضي 25 أغسطس إلي المطالبة بإخضاع كل وزراء الحكومة لجهاز كشف الكذب بينما اتهم الوزير السابق أوفير بينيس الوزراء بتغليب الاعتبارات السياسية والحزبية والانتخابية على المصلحة الوطنية العليا لإسرائيل، هذه الجبهة التي تدعو لمحاسبة نتانياهو والوزراء تطالب بضرورة مصارحة شعب إسرائيل بما حدث، وأن وقوف هذا الشعب 66 عاما على أصابع قدميه وهو في حرب دائمة لا تنتهي يؤكد أن إسرائيل لم تعد لديها القدرة على توجيه ضربة قاضية في حروبها كما حدث من قبل، فقد اختلفت نوعية المقاتل العربي من جيوش تقليدية كأنما دربت من أجل الهزيمة إلي مقاتلين أشداء يقدمون الموت على الحياة، كما أن نوعية وطبيعة المستوطن والجندي الإسرائيلي في العام 2014 اختلفت كثيرا عن الجندي والمستوطن خلال العقود والحروب السابقة فالمستوطن في 2014 يهرع للملاجئ ويهرب عند سماع صفارات الإنذار حتى إن الغلاف السكاني للمستوطنات حول قطاع غزة كان مهجورا تماما وهرب كل المستوطنين إلى أماكن أكثر أمنا، كما أن الجندي الذي كان لا يقهر أصبح أكثر جبنا وضعفا في المواجهة وقد هاجر إلى إسرائيل من أجل أن يعيش وليس من أجل أن يموت، وأذكر هنا ما رواه لي خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن رجال المقاومة حينما أسروا الجندي شاليت لم يكتف بأنه لم يقاومهم وإنما كان يساعدهم خلال الهرب حينما أدرك أنهم يريدون أسره وليس قتله، على جانب آخر هناك جبهة أخرى مشتعلة داخل إسرائيل حول تكاليف الحرب سواء المادية التي تجاوزت ستة مليارات دولار أو البشرية التي تجاوزت سبعين قتيلا وسبعمائة جريح من الجنود، وقد عبر عن ذلك نحماي شاي عضو الكنيسيت الإسرائيلي حينما قال في حديث للقناة العاشرة نقلته مصادر مختلفة «لقد تكبدنا خسائر بشرية موجعة، وخسائر اقتصادية مهولة وانهارت السياحة وعلاقاتنا الخارجية بالحضيض كما هي مكانتنا وصورتنا، فمن أجل ماذا كل ذلك؟ ولماذا ضحينا بكل ذلك؟ «وتساءل آخرون عن نتائج الحرب وكيف أن حماس أجبرتهم على أن تصبح شريكا أساسيا بل فرضت شروطها ومن أهمها حرمان إسرائيل من الإقدام على اغتيال قادة المقاومة، وأقر كثير من المحللين وحتى المسؤولين السياسيين أن إسرائيل فقدت قوة الردع وأن السلاح وحده مهما كان متقدما لم يعد وسيلة لتحقيق الأمن والاستقرار لإسرائيل وسوف تحدد هذه الحرب مستقبلها ومستقبل زعمائها السياسيين وعلى رأسهم بنيامين نتانياهو الذي يؤكد كثيرون ممن يخوضون الحرب الداخلية في إسرائيل أن مستقبله السياسي قد انتهى.
الوطن القطرية