لا يتوقف الناس وعلي رأسهم السياسيون والنقاد عن تناول ما أقدم عبر برامجي أو ما أكتب عبر مقالاتي بالنقد والتحليل والأتفاق والأختلاف ، وهذا دليل علي النجاح أتمني أن يوفقني الله للأستمرار فيه وأن يجري الحق دائما علي لساني وقلمي ، كما أنه حق لكل مشاهد وقاريء آخذا منه ما أره صوابا وأتجاوز عما أراه خلاف ذلك ، ومذهبي دائما هو مذهب المتنبي ألا أشغل نفسي بالردود أو الدخول في معارك لا حاجة لي بها لأن همومي أكبر واهتماماتي وأوقاتي لا تكفي لواجباتي فأضع دائما بيت شعره الرائع نصب عيني
أنام مليء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصموا
غير أنه فى بعض الأحيان يحتاج الأنسان إلي توضيح ما قد يخفي علي الناس حتى السياسيين والنقاد منهم لسبب بسيط هو أن الله قد وفقني لوضع أسس مدرسة إعلامية فى الفضائيات العربية تقوم علي تحويل الحوارات التليفزيونية من التسلية إلي المعرفة ، ومن الدردشة إلي التحقيق والتدقيق و من التواطؤ إلي الأستنطاق والتحدي والمواجهة واستخراج المعلومات بدءا من النعومة والسؤال البسيط إلي التحدي الصارخ والسؤال الصعب ، وكل ضيف يستغرق مني جهدا لا بأس به فى الأعداد سواء فى طريقة تحديد الأستراتيجية والطريقة التى سأحاوره بها ؟ أوالهدف الذي أريده من وراء النقاش معه ؟ وماذا أريد أن أقدم للمشاهد من وراء هذا الضيف أو ذاك ؟
الضيف الغامض أحاول أزالة الغموض عنه ، والضيف المراوغ أتحداه بالمعلومات وأحاصره بالأسئلة ، والضيف العنيد أحاول أن أكسر عناده من سيرته وتاريخه وسلوكياته وقراراته ودراستي لشخصيته |
فالضيف الغامض أحاول أزالة الغموض عنه ، والضيف المراوغ أتحداه بالمعلومات وأحاصره بالأسئلة ، والضيف العنيد أحاول أن أكسر عناده من سيرته وتاريخه وسلوكياته وقراراته ودراستي لشخصيته ، وصانع القرار غير المحلل السياسي ، والباحث والمسئول الحزبي غير الوزير العامل ، ورئيس الدولة غير زعيم المعارضة ، والمسئول الحالي غير المسئول السابق وهكذا كل له طريقته وإعداده وطريقة حواره المختلفة ، ولهذا فإني أنوع طريقة حواراتي وأسلوب استخراجي للمعلومات أو التعرف علي المواقف والآراء من ضيف لآخر .
كل حوار أجريه هو بمثابة امتحان صعب لي ، فأنا لا أستسهل حوارا ، ولا أستهين بضيف |
أنا لا أعيش حياة طبيعية مثل التى يحياها الناس وتدفع عائلتي وأولادي ثمن هذا وكذلك أصدقائي ومعارفي لأني مقصر مع الجميع رغما عني وهم يقدرون ذلك ويغفرون لي ، لأني أقضي وقتي بين الكتب والمعلومات والمصادر أبحث وأستقصي وأذاكر وأراجع وأتابع عملي بدقة مع فريق عملي الذين يصبرون علي إرهاقي لهم ولا يتململون رغم ضغوط العمل التى لا تنتهي والتى تبدأ من الصباح الباكر وتنتهي عند منتصف الليل فى كثير من الأحيان .
فالبرنامج الذي يراه الناس علي الشاشة فى مدة لا تزيدعن ساعة يأخذ أحيانا من الجهد مائة ساعة حتى يصل لهم ليشاهدوه وهم متكئون علي أرائكهم فى بيوتهم أو في مجالسهم ، وكل حوار أجريه هو بمثابة امتحان صعب لي ، فأنا لا أستسهل حوارا ، ولا أستهين بضيف ، وبالتالي فإن من حق كل إنسان يجلس متكئا علي أريكته وهو يشاهد برامجي أن ينتقد كما يشاء هذا حقه وأن يدعي أني أجامل هذا الضيف وأقسوا علي ذاك وأني كنت حنونا فى هذا السؤال وكنت فظا غليظا فى ذاك وهذه قمة النجاح فى تصوري ، ومع أني لا أبريء نفسي من النوازع البشرية إلا أن الأمر ليس كذلك علي الأطلاق ، الأمر الذي يشغلني دائما هو هو ماذا أريد من الضيف ؟ وماذا أريد أن أضيف للمشاهد من معلومات و معرفة ؟ وكيف يجيب الضيف ؟ هل يراوغ ويزوغ ويكذب ويتجمل ويداري وينافق أم أنه يجيب إجابات واضحة مباشرة مقنعة سلسلة بسيطة تجعلني أسترسل معه بهدوء .
وعلي سبيل المثال فأنا أود أن أسأل بل وأتحدي جميع من شاهد الحلقة الأولي وحتى الثانية للجولاني لاسيما الذين يجلسون علي الأرائك ينتقدون ، من كان منكم يعرف هذه المعلومات التى استخرجتها من أبو محمد الجولاني أمير جبهة النصرة سواء عن فكره أو رؤية جماعته أو إدارتها لما يجري في سوريا قبل أن أجري حواري معه ؟ الجولاني كان شخصية غامضة شكلا وفكرا، و كل المعلومات عنه وعن جماعته كانت مشوهة ومن مصادر غير مستقلة ، لذلك كان حواري معه يقوم علي استخراج ما عنده والكشف عن غموضه والتعرف علي رؤيته وتفكيره نحو سوريا ومستقبلها وليس الدخول فى متاهات الأكاذيب والأشاعات والأوهام والسلوكيات التى يرددها عنه خصومه .
أنا فى النهاية أصنع وثيقة تاريخية من الحوار مع الجولاني كما صنعت وثائق تاريخية من حوارات مشابهة مع آخرين لم يتعرف عليهم الناس إلا من خلال برامجي ، فأنا صاحب مدرسة إعلامية حوارية احترافية لآ أقولها غرورا وإنما اجتهادا و ثقة وعلما وتجربة وثروة حوارية صنعتها طيلة ما يقرب من عقدين من الحوارات المميزة مع شخصيات عربية وعالمية لم يسبقني لها صحفي عربي ـ بفضل الله ـ أتركها للأجيال القادمة إن عجزت هذه الأجيال عن تقدير ما فيها من معلومات ومعرفة وجهد سائلا الله أن يكون هذا كله علم ينتفع به يجري علي أجره وثوابه علي بعد مماتي وأن يغفر الله لي ما كان فيه ذلات وأخطاء .
بالتالي فأنا مثل اللاعب المحترف أحدد طريقة حواري بناء علي ما أريده من ضيفي وما أود أن أضيفه للمشاهد وأتحدي الجميع أن يثبتوا أني أدير حواراتي بطريقة واحدة ، لأن لدي طرق كثيرة لأجراء الحوارات من الهدوء التام إلي الصخب العارم والتحدي الصارخ أحدد الطريقة وأغيرها حسب معطيات الضيف وإجاباته ، إنها الحرفة والأحتراف والتميز والتركيزوالأنصات والأبتكار والتجديد فى علم جديد علي الأعلام العربي أتمني أن أكون من رواده ، وأؤكد أن ضيفي وطريقة إجاباته هو الذي يحدد طريقة حواري معه .
حلقة الجولاني خرجت أخيرا للناس لتثير الزوابع وتحرك العواصف الأعلامية والسياسية في أطراف الدنيا |
مقابلة أبو محمد الجولاني
أما بخصوص مقابلة أبو محمد الجولاني الجولاني التى سيراها الناس علي مدي حلقتين بثت الأولي فى الأسبوع الماضي والثانية ستبث الليلة إن شاء الله فقد استغرقت مني جهدا فوق الخيال شاركني فيه فريق من الزملاء أسابيع وأياما طويلة علي راسهم الزميل والصديق أحمد إبراهيم الذي كان رفيقي أيضا فى الحوار التاريخي الذي أجريناه مع جوليان أسانج مؤسس موقع ويكليكس في العام ٢٠١٠ من قرية نائية فى الريف الأنجليزي والذي انفردت فيه الجزيرة أيضا .
حلقة الجولاني قد خرجت أخيرا للناس لتثير الزوابع وتحرك العواصف الأعلامية والسياسية في أطراف الدنيا فمعظم وسائل الأعلامية العالمية من تليفزيونات وصحف ومواقع إخبارية بثت فقرات منها بكل اللغات و تحدثت عنها كل بوجهة نظره ، وأعتقد أن الكثيرين متشوقين لأروي قصتها المثيرة التى لن أتعرض لها اليوم لكني ربما أكشف المزيد عن كواليسها فى أيام قادمة وكما أفعل دائما سأترك الخلق مع الحلقة الثانية التى تبث الليلة إن شاء الله كما أتركهم دائما…. يسهرون جراها ويختصموا … دمتم فى رعاية الله .