نشر المقال فى 27 يونيو 2016
من أهم نتائج الاستفتاء الذي أدى إلى خيار البريطانيين بالخروج من الأتحاد الأوروبي أن أحزاب اليمين المتطرف في أنحاء أوروبا انتعشت واعتبرت هذا التصويت لصالحها أيضا ولصالح مشروعاتها التي تدعوا إلى خروج بلادها من الأتحاد الأوروبي وإغلاق كل دولة على شعبها، ففي فرنسا سرعان ما أعلنت ماري لوبان زعيمة اليمين المتطرف هناك أن ماجري في بريطانيا يجب أن يجري مثله في فرنسا وأن يطرح بقاء فرنسا أو خروجها من الأتحاد الأوروبي على الناخبين الفرنسيين بل وذهبت إلى أبعد من ذلك حينما دعت إلى انتخابات برلمانية مبكرة لكن الرئيس الفرنسي أعلن على الفور رفضه لطلبها لكن المطالبات عادة ما تبدأ خافتة ثم بالألحاح والتأثير في الشارع وإثارة النزعات العرقية والقومية سرعان ما تتحول إلى تشريعات وقوانين سرعان ما تغير الواقع، فبعدما كانت الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا مجرد أفكار واشخاص تحولت الآن إلى أحزاب قوية خلال السنوات الأخيرة وأصبح لها أعضاء بارزون في معظم البرلمانات الأوروبية وأخذوا يلعبون أدوارا رئيسية في تغيير القوانين والتشريعات بشكل معاد للأجانب يعلي النعرات القومية على المبادئ الإنسانية في نفس الوقت بدأت الأحزاب التقليدية تتراجع وتتحول إلى أحزاب نخبوية ومع نجاح اليمين المتطرف في فرنسا والنمسا وهولندا في أن يكون له وجود مؤثر في البرلمانات تمكن اليمين في كل من سويسرا والدانمارك من المشاركة في الأئتلاف الحاكم، وترفع هذه الأحزاب شعارات معاداة الأجانب والمسلمين على وجه الخصوص، وينادي كثير من هؤلاء ومنهم سياسيون بارزون مثل رئيس وزراء بلغاريا بإغلاق أوروبا أمام المسلمين حتى لا يؤثروا على هويتها المسيحية.
في ظل تنامي اليمين المتطرف وتمثيل أعضائه نسبة تزيد في بعض التقديرات عن الخسمين في المائة من أعضاء البرلمان الأوروبي فإنه مع التشدد في التشريعات هناك مسار آخر نحو العودة إلى الدولة الأوروبية القطرية لاسيما من الدول الغنية التي تستطيع الأستغناء عن مساعدات الأتحاد الأوروبي الذي تشكو الدول الغنية من الأعباء المالية التي تدفعها حتى تبقي بعض دول الأتحاد قادرة على البقاء مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا وغيرها علاوة على دول أوروبا الشرقية التي تعيش على المساعدات، ومع مناداة الكاتالونيين بالأستفتاء للاستقلال عن إسبانيا ونجاحهم الباهر في الأنتخابات البرلمانية المحلية فإن إمكانية تفتيت إسبانيا قائمة على غرار تقسيم تشيكوسلوفاكيا.
العجيب أنه لا يتحدث أحد عن التطرف الآن إلا إذا كان من طرف المسلمين أما حينما يقوم يميني مسيحي متطرف بقتل نائبة في البرلمان البريطاني أو غيره بجريمة أخرى فلا يتعرض له أحد بينما اليمين المتطرف في أوروبا لا يقل سوءا عن اليمن المتطرف في أي دولة وأي دين فلماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها أم هو حلال على مسيحيي أوروبا أن يكونوا متطرفين ولا يتعرض لهم أحد بينما يوصف المسلمون فقط بالإرهاب والتطرف؟