نُشر المقال فى 8 مارس 2017
حينما اعتقلتني السلطات الألمانية بطلب من النظام الانقلابي في مصر في شهر يونيو من العام 2015 شن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان هجوما شديدا على ألمانيا متهما إياها باعتقال صحفي حر استجابة لطلب من نظام انقلابي، وكان أردوغان يرد بذلك على الانتقادات الدائمة التي توجهها السلطات والاعلام الألماني ضده متهمة إياه باعتقال الصحفيين، كما أن هذا الهجوم كان يعكس حربا باردة تتصاعد من آن لآخر بين تركيا وألمانيا بعدما بدأت تركيا تنافس ألمانيا في إغراق الأسواق الأوروبية بالمنتجات التركية الرخيصة الثمن والعالية الجودة، كما أن تركيا بها حوالي أربعة ملايين تركي معظمهم يحملون الجنسية الألمانية وهم أبناء وأحفاد الأتراك الذين جلبتهم ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية لاعادة بنائها، وهؤلاء ينتشرون في طول ألمانيا وعرضها يعملون بالتجارة والصناعة وكل شيء كما أن المطاعم التركية والثقافة التركية تنتشر في كل المدن الألمانية من ثم فهناك وجود تركي قوي داخل ألمانيا يعتبر أحد أسباب هذه الحرب التي تطورت بعدما منعت ألمانيا مؤتمرين لأنصاره من الانعقاد في مدن ألمانية من أجل الترويج للدستور الجديد كان من المقرر أن يحضر فيهما كل من وزير العدل التركي بكر بوزداغ ووزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، وقد شن أردوغان هجوما هو الأقوى في تلك الحرب الباردة حينما اتهم السلطات الألمانية بالنازية، وهذه أقوى تهمة يمكن أن توجه إلى سياسي ألماني، فقد قال أردوغان في خطاب ألقاه يوم الأحد الماضي في تظاهرة في اسطنبول (إن التصرفات الحالية للسلطات الألمانية لا تختلف عن الحقبة النازية، وحينما نقول ذلك ينزعجون، لماذا تنزعجون) هذا التصريح لم يزعج الألمان وإنما هز عرش السلطات الألمانية بكل أركانها، ونكأ جروحا دعت المستشارة الألمانية ميركل للرد على أردوغان يوم الأثنين وتقول (لا مبرر لأردوغان لاجراء مقارنات بالحقبة النازية) ولعل هذا هو أقوى هجوم تتعرض له القيادة الألمانية من رئيس دولة أخرى وهو يعكس حجم التوتر الذي وصل في العلاقة بين الطرفين وانتقال العلاقة من التوتر إلى الحرب الكلامية، ومن يتابع جذور المسألة وتفاصيل ماجرى بين الدولتين خلال السنوات الماضية يجد أن الأمور متداخلة بشكل كبير فألمانيا تشعر بقلق كبير من النمو الاقتصادي لتركيا وتشعر أنه يهدد مصالحها وكونها الدولة الأوروبية الأقوى بل هي زعيمة الاتحاد الأوروبي دون منازع في ظل ما تعانيه فرنسا من وضع اقتصادي وسياسي مترد، من ثم فإن مشروعات تركيا الاقتصادية تهدد الهيمنة الألمانية على أوروبا وهذه الأمور لم تحدث إلا بعد وصول أردوغان وحزبه للسلطة بعد العام 2003 لكنها ازدادت خلال السنوات الخمس الأخيرة وأصبح التوتر أكبر بعد الاعلان عن المطار الثالث الذي سيؤثر على مكانة مطار فرانكفورت الدولية بالنسبة لشركات الطيران القضية إذن معقدة وأردوغان حينما يضرب على وتر النازية فإنما يطور الحرب الكلامية مع ألمانيا فإما يدفع الألمان إلى التراجع وإنما إلى تطوير الحرب.