نُشر المقال فى 22 مارس 2017
الفضيحة الجديدة للأمم المتحدة والتي جاءت من قلبها والتي فجرتها هذه المرة المدير التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الأجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا المعروفة اختصارا باسم «الأسكوا» الدكتورة ريما خلف، جعلت الأمم المتحدة ليست مطية للدول الكبرى كما كانت تفعل منذ أسسها المنتصرون بعد الحرب العالمية الثانية بل تحولت إلى خدمة من يدفع على حساب المبادئ والتشريعات التي قامت شكليا من أجلها تماما مثل عصابات المافيا ، أما بطل الفضيحة فهو الأمين العام للأمم المتحدة الذي لم يمض على وجوده في المنصب سوى أسابيع، البرتغالي أنطونيو جوتيرس الذي جاء للمنصب من موقعه السابق كمفوض سامي لشؤون اللاجئين ، وقد التقيت الرجل أكثر من مرة وأجريت معه حوارين من مقر المفوضية في جنيف في برنامجي «بلاحدود». حواران كان يبدو فيهما منتقدا للدول الكبرى في أدائها مما جعل كثيرين يستبشرون بوجوده على مقعد الأمين العام، لكن هاتين التهمتين اللتين وجهتهما له الدكتورة ريما خلف كفيلتان بنسف مصداقيته حتى نهاية عمره .
التهمة الأولى هي أن الرجل طلب من ريما خلف في شهر يناير الماضي حذف تقرير عن «الظلم في العالم العربي» وهو تقرير صادم أعده عدد كبير من الباحثين والكتاب العرب المشهود لهم بالمصداقية من عدة دول عربية وتناول الظلم الذي تقوم به الحكومات وعلى رأسها حكومة السيسي في مصر والحكومة الإسرائيلية في فلسطين، ورغم أن التقرير كان موضوعيا وكتب عليه حينما نشر أنه لايمثل بالضرورة رأي الأمم المتحدة وإنما رأي الذين أعدوه فقد طلب الأمين العام من ريما خلف حذف التقرير، أما التهمة الثانية والتي تعتبر مع سبق الإصرار والترصد فهي ما أعلنته الدكتورة ريما خلف بنفسها حينما ظهرت في مؤتمر صحفي من بيروت على الهواء مباشرة مساء الجمعة الماضي وأعلنت أنها تقدمت باستقالتها للأمين العام للأمم المتحدة وقد قبلها وهي استقالة مسببة ذكرت فيها تفاصيل ما أقدم عليه الرجل وهي فضيحة لو كان لديه قدر ضئيل من النزاهة السياسية لاستقال هو بعدها لأن وجوده في المنصب سيظل مجروحا بل غير لائق حيث أنه اعترف رسميا أن كلا من إسرائيل وحلفائها وحتى الأنظمة الانقلابية وحلفاؤها أقوى منه وما هو إلا موظف صغير لديهم ينفذ أوامرهم، وأن الرجل موجود في المنصب كخادم لمن يدفع وإلا فإنهم هددوه إن لم يتم سحب التقارير بأنهم لن يدفعوا له راتبه ورواتب الموظفين الأمميين الساميين التي هي عبارة عن رشى وامتيازات تمنح لهؤلاء حتى يتستروا بها على جرائم الدول الكبرى.
إن الأسباب التي ذكرتها الدكتورة ريما خلف في استقالتها هي أدلة اتهام رسمية ضد الأمم المتحدة وكبار موظفيها وعلى رأسهم الأمين العام بأنهم لم يكتفوا بالتواطؤ وإنما استخدموا وظائفهم لطمس الحقائق والانحياز للظلم على حساب الشعوب التي تدفع مخصصات الأمم المتحدة من أموالها وليس من أموال الحكومات التي تمارس الظلم، ولإسرائيل التي لم تتوقف عن ممارسة الظلم وانتهاك حقوق الإنسان وسياسة الفصل العنصري منذ قيامها على أطلال فلسطين حتى الآن.