نُشر المقال فى 21 مايو 2017
تلعب وظائف الناس دوراً مهماً في طريقة تعاملهم مع قضايا الحياة ولا عيب في هذا على الإطلاق وبالتالي فإن شخصية المقاول تنعكس على أسلوب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في إدارة الدولة، فالمقاول يتعامل مع رسومات وصور وعقارات وصفقات وأرقام، وكلما كبرت أعماله فإنه يبتعد عن التفاصيل ويركز في النتائج والأرقام وهذا ما وصل إليه ترامب حيث أقام امبراطورية عقارية انتشرت في أنحاء العالم، ومن ثم فكل ما يفكر فيه هو أعداد الأبراج وأرقام الصفقات وأرقام الأرصدة في البنوك، ويبدو أنه يدير الولايات المتحدة بهذه العقلية متناسياً أو متجاهلاً أو جاهلاً بأن السياسة لها أدوات أخرى، وأن الولايات المتحدة ليست شركته الخاصة، وإنما هي دولة بكل ما فيها من مشاكل وفساد، لكن بها دستورا وقانونا يتم تفعيله واستخدامه إذا حاول شخص أن يتجاوز بشكل مستفز على الشكليات والأسس التي تدار بها الدولة، كما أن هناك لوبيات يمكن أن تتنازل وتجامل وتمارس الفساد، لكن كل شيء له حدود، ولأن ترامب تعامل خلال الأشهر الأربعة الماضية من حكمه مع الدولة على أنها شركة تدار بمزاجية وليس بقواعد وقوانين فقد أدخل نفسه في متاهات ومارس سقطات لا أعتقد أنها يمكن أن تساعده على الاستمرار في الحكم السنوات الأربع المقررة له، فالتخبط في تشكيل إدارته كان واضحا من البداية من خلال تعيين شخصيات لا علاقة لها بالمواقع التي وضعت فيها أو أنها شخصيات فاشلة، لذلك اضطر أن يقيل بعضها رغم مناصبهم الرفيعة التي كانوا فيها مثل مستشاره للأمن القومي فيلين الذي ثبت تورطه في اتصالات مع الروس، الأمر الثاني هو تغريداته على تويتر التي تظهر أن الرجل يفتقد المسؤولية السياسية وذلك حينما غرد مدافعا عن علاقته مع الروس واتهامه بتسريب معلومات لهم «لدي الحق المطلق في تقاسم المعلومات السرية مع روسيا» وقد تساءل كثير من الأميركيين وغير الأميركيين عمن منحه هذا الحق المطلق وهناك دستور واضح لمسؤوليات الرئيس وواجباته، كما جاءت طريقة إقالته لمدير إف بي آي جيمس كومي وتهديداته له لتؤكد أن الرجل يفتقد الرصانة والذكاء السياسي، وقد أكد هذا بعد قرار الكونغرس تعيين مدير إف بي آي السابق روبرت مولر مدعياً خاصاً للتحقيق في الشبهات المثارة حول ترامب وحملته الرئاسية التي ثبت أنها أجرت 18 اتصالاً سرياً مع الروس قد يكون له تأثير على نتائج الانتخابات، حيث غرد ترامب قائلا «إنها أكبر حملة اضطهاد تستهدف سياسيا في التاريخ الأميركي» وقد أكد عدد من كتاب الأعمدة والمعلقين الأميركيين أن فضيحة تسريب المعلومات للروس رغم عدم الانتهاء من التحقيقيات فيها إلا أنها ربما ستفجر قنبلة لا تقل عن فضيحة «ووتر جيت» التي أطاحت بالرئيس الأميركي نيكسون في سبعينيات القرن الماضي، من ثم فإن ترامب مرتبك ويتصرف بعصبية شديدة إزاء كل من يمكن أن يملك معلومات حول هذا الموضوع وقد يقوده هذا إلى الهاوية؟