يستعرض أحمد منصور مع شيخ المناضلين في فلسطين “بهجت أبو غربية” في حلقة برنامج “شاهد على العصر” التي جرى بثها في 17 يوليو 2000، قصة وخلفيات استشهاد قائد الجهاد المقدس “عبد القادر الحسيني” -الذي تحدث عنه أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب عز الدين القسام، في إحدى كلماته المسجلة- ، واحتلال مدينة القسطل
وُلد عبد القادر موسى كاظم الحسيني في إسطنبول بتركيا عام 1908.
يعتبر أول من بدأ الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936 حينما حشد المقاومة ضد الاحتلال في كل الأراضي الفلسطينية، و كان وصلة الربط بين جميع القوات غير النظامية في فلسطين.
بعد سنوات من النضال، توجّه إلى دمشق، في مارس 1948، لطلب الإمداد بالأسلحة والذخيرة من اللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية والمشرفة على القتال في فلسطين، لكنه فشل في الحصول عليه، وتعرض للخذلان، فأضطر للعودة سريعاً بعد أن هجم الإسرائيليون على القدس ونجحوا في احتلال قرية القسطل ذات الموقع الإستراتيجي، والتي تظل على الطريق العام بين القدس ويافا.
نجح الحسيني مع رجاله في تحرير قرية القسطل، بأسلحتهم البدائية، وقتلوا أكثر من 150 إسرائيليا، قبل أن يرتقي شهيداً فجر يوم 8 أبريل 1948، ويصلي عليه عشرة آلاف شخص في المسجد الأقصى، ويدفن بجوار الحرم القدسي الشريف.
نص حوار بهجت أبو غربية عن استشهاد عبد القادر الحسيني واحتلال القسطل
أحمد منصور: في 3 أبريل 1948 سقطت القسطل في أيدي اليهود.
بهجت أبو غربية: نعم، نعم. الخطة كانت اليهود محاولين أكثر من مرة يخترقوا الحصار ما بين تل أبيب والقدس حتى يمرروا أكل ويمرروا ذخائر ويمرروا ويرفعوا معنوياتهم، وضربت هذه القوافل وفي كثير من الأحيان كانت يعني تحاصر محاصرة شديدة، تستنجد بالإنجليز، الإنجليز يتفقوا مع المناضلين ينقذوا اليهود الأشخاص ويسلموا السلاح ويسلموا المؤن اللي معهم. فاليهود قرروا في ذلك الوقت في أوائل نيسان لأن هي الطريق لمدخل القدس بيسموه باب الوادي، وادي يعني محاصر من الجهتين بمرتفعات وأحراش ويغلق بالحجار الكبيرة لمسافة كيلومتر واثنين كيلو متر بيصير صعب يعني اللي بده ينزل يشيل بيكون عرضة للرصاص حتى لو بندقية يعني، فقرروا بالخطة هذه أن يحتلوا القرى والجبال المحيطة بالوادي اليهود وبدؤوا فعلا عملية عسكرية..
أحمد منصور (مقاطعا): لحماية وتأمين الإمدادات لهم.
بهجت أبو غربية: مش إجوا من الطريق، جاؤوا القرى نفسها يحتلوها.
قلعة القسطل
أحمد منصور: علشان يحموا الإمدادات عبر الطريق.
بهجت أبو غربية: علشان يفتحوا الطريق ويمرروا الإمدادات، إحدى القرى اللي كانت مفروض يحتلوها القسطل، فجاءت القسطل في سياق خطة أغيلغال كانوا يسمونها، عبد القادر كان في الشام لما سقطت القسطل فثارت عصبيته لأن القسطل اسمها القسطل castle يعني القلعة، قلعة رومانية يعني كان فيها وموقعها يعني في موقعين رئيسيين في شمال وغرب القدس النبي صامويل والقسطل من أهم المواقع العسكرية في منطقة القدس، فعبد القادر يعني صار في حالة عصبية جدا لما سقطت القسطل وكل ليلة يتصل فينا، القسطل هي القدس كذا، أنا كانت تعليماته لي لا تتحرك من منطقتك إطلاقا لأنه بين حي اليهود مشارم وباب العمود يعني..
أحمد منصور (مقاطعا): منطقتك كانت إيه بالضبط؟
بهجت أبو غربية: منطقة ضيقة.
أحمد منصور: منطقتك المنطقة التي كنت تدافع عنها في القدس؟
بهجت أبو غربية: يعني نقدر نقول شمال القدس وهي حي باب الزاهرة حي المصرارة حي سعد سعيد جزء من حي الشيخ جراح لأنه كان آخرون مسؤولين عن الجزء الآخر، حي وادي الجوز، بوادي الجوز كان أيضا مسؤول آخر بس كنا نتعاون يعني في هذه المنطقة، هذه شمال القدس خلينا نسميها تقريبا يعني هو شمال غرب شوية لكن خلينا نصطلح على شمال القدس، هذه المنطقة يعني المسافة بينها وبين البلدة القديمة وبين اليهود قصيرة وأي تقدم..
اللجنة العسكرية ترفض دعم عبد القادر الحسيني
أحمد منصور (مقاطعا): يعني خط تماس مباشرة.
بهجت أبو غربية: مباشر وقريب، يعني إذا سقطت هذه في خطر على القدس كلها أن تسقط. فكان يعني يقول لي أنت ممنوع.. لأنه كنا نحن أحيانا نروح نجدات يعني تصير معركة وخصوصا يعني كان في بعض القوات مخصصة إبراهيم أبو دية سرية إبراهيم أبو دية رحمة الله عليه كانت مخصصة نسميها قوة ضاربة يعني تتحرك، جمدت حتى فيما بعد وصارت تدافع عن حي القطمون وحي.. فالقصد عبد القادر في الشام أصبح في حالة عصبية ومستعجلة وصار يضغط على القادة العسكريين على إسماعيل صفوت وطه باشا، وبالعكس كانوا يعيروه تفضل يا عبد القادر هذه القسطل روح أنقذها، يعني نوع من الهزء، وهو كان طالب عبد القادر مدافع يقول له هذه مدافع هذه مصفحة هذا اللي سمينها نوع من الهزء بعبد القادر، هذا يعني أثار غضبه لعبد القادر وقال لهم أنتم خونة أنتم كذا أنتم كذا، وفي الليل يعني طلع من الشام رأسا جاء على القدس، الصبح وصل القدس، جاء حالة نفسية سيئة..
أحمد منصور (مقاطعا): رأيته حينما رجع؟
بهجت أبو غربية: نعم يا سيدي، أنا كان أخي صبحي مصابا برصاصة في رأسه كان يستشفي كان يعني مسؤولا عندنا في القدس فجاء معه، الصباح الباكر لسه أنا ما قمتش من النوم وإذا أخي صبحي كان شوية فاقد النطق فاقد الذاكرة يعني من آثار الإصابة فهمت منه أنه جاء عبد القادر وهو جاء معه، رأسا قمت وين؟ في دار يعني قريبة إلى بيتنا بيت أخيه فريد بيك لأن هؤلاء أولاد الباشا يعني كلهم بيسموهم بيك يعني، موسى كاظم باشا أبوهم فهم كنا نقول لهم فريد بيك وسامي بيك وعبد القادر بيك يعني هذه كانت ماشية، الحاصل قال لي في بيت فريد، فرحت أحصل على البيت وجدت حارسه الشخصي اسمه عوض شاب طيب يعني من ترم صعيا وإيش يا عوض؟ قال والله.. وين أبو موسى؟ قال والله بيستريح نايم يعني وقال خلي لي ساعة أنام لأنه طول الطريق مش نايم، قلت له خير شو جبتم معكم سلاح؟ هذا أهم شيء.
أحمد منصور: طبعا أنت مستني الوعد الكبير.
بهجت أبو غربية: مستني الوعد وفعلا بأمس الحاجة لأنه بدأت الأمور تصعب وعبد القادر كان رافع لهم تقريرا ورجاني إياه.
أحمد منصور: لمن؟
بهجت أبو غربية: للجنة العسكرية، قرأته قبل ما يسافر، خلاصته أنه إحنا الآن ثابتون مش لأنه عندنا قوة تثبت أمام القوة اليهودية، اليهودية أضعاف أضعافنا لكن اليهود مرعوبون يعني صار من الحوادث نحن عاملين رهبة عندهم، لكن إذا رحل الإنجليز والإنجليز كانوا عاملين منطقة تقريبا عازلة مش كل القدس ولكن في منطقة واسعة الإنجليز عازلين العرب عن اليهود فتتوسع الخطوط واللي عنده إمكانيات أكبر بيصير قادر يستعملها، فالقصد يومها يعني لما قال لي عوض ما جبناش حاجة، أسقط في يدي.. يعني تضايقت كثيرا، وحتى يعني قلت اللي بدي أقابله المسكين كيف بأي وجه بده يقابلني هو وعدني وكذا، ومع ذلك بعد ساعة رجعت عليه يعني سلمت عليه وكان في حالة نفسية متوترة، ما سألته لا سلاح ولا غيره، واضح يعني الأمور، ورأسا كلفني بمهمة.
أحمد منصور: ما هي؟
بهجت أبو غربية: كان في هذه الفترة بالذات اللي هو فيها في دمشق حصلت معركة مهمة جدا على طريق القدس الخليل قرب بيت لحم قرب مخيم الدهيشة كان في قافلة عسكرية ضخمة من اليهود مصفحات وباصات كلها مصفحة ذهبت إلى مستعمرة كفراسيون كنجدة وتموين وغيره ولما طلعت في آخر الليل وصلت للمستعمرة ولكن لما عادت للقدس كان في لها كمائن هناك ودارت معركة واليهود ما عادوش يقدروا يتحركوا تحاصروا قتل منهم من قتل نجدة تجيهم من القدس ما استطاعوا استنجدوا بالإنجليز، الإنجليز تدخلوا في المعركة واتفقوا مع كامل عريقات كان هو مشرفا على المعركة من الجهاد المقدس برضه، اتفقوا أن يسلموا السيارات المصفحة والأسلحة كلها والإنجليز ينقذوا الأشخاص وهذا اللي حصل، فكان من جملة الغنائم مصفحة ورشاشات عند كامل، فقال لي هذا كامل صاحبك بتروح بتجيب لي المصفحة والرشاشات اللي عنده، ما قال لي إنه عايز يعمل معركة على القسطل، ففعلا أنا في صداقة بيني وبين كامل عريقات ورحت عنده ولكن لاطفته وكذا وأخذت وقتا يعني حتى ندخل على الموضوع وفي النهاية جبت المصفحة وجبت الأربع رشاشات، بس الأربع رشاشات اليهود قبل ما يسلموها معطلينها يعني بيكسر الإبرة بيعمل شغلة اللي يعطلها، مع ذلك جبتهم، يعني كانت صارت الدنيا يمكن الساعة واحدة.
أحمد منصور: ظهرا.
بهجت أبو غربية: ظهرا. وين أبو موسى؟ قال في القطمون، القطمون عند إبراهيم أبو دية، إبراهيم كان من أكبر قادة الجهاد المقدس من أكثرهم شجاعة وحماس، الحاصل، اتصلت بالقطمون قيادة إبراهيم قالوا لي تحرك هو وأبو موسى مشيا بيمشوا من القدس إلى القسطل..
أحمد منصور: كم كيلو؟
بهجت أبو غربية: يعني حوالي من 12 إلى 15 كيلومتر مشيا.
أحمد منصور: مجاهدون بقى يعني.
بهجت أبو غربية: فـ 10، 15 بالنسبة لهم..
أحمد منصور: يعني عزائم الناس بتتغير وقت الجهاد.
بهجت أبو غربية: فقالوا لي في قيادة إبراهيم أبو دية إنه تحركوا على القسطل، طيب تحركوا على القسطل المصفحة ما أخذها يعني هو بعثني منشان المصفحة، إيش جرى في تلك الليلة ما كنتش عارف، لكن..
أحمد منصور (مقاطعا): دي كانت ليلة 7، 8 أبريل.
بهجت أبو غربية: نعم. لكن كنت محتاطا كثيرا في ذهني نوع من يعني تصور في أخطار في.. يعني نوع من اليهود ممكن يعملوا، جية عبد القادر ممكن تثير كذا، فكنت حذرا جدا في خطوطي، ما حصلش يعني بالنسبة لي تلك الليلة شيء، في الصباح الباكر وإلا بتيجي أخبار أن عبد القادر الحسيني محاصر في القسطل، ما قالوا استشهد، محاصر فقلنا ما في نجدات، محاصر.
أحمد منصور: تركت موقعك وتحركت.
بهجت أبو غربية: رتبت أموري بقدر الإمكان وأخذت معي مصفحة، مصفحة غير مصفحة..
أحمد منصور (مقاطعا): المصفحات دي غنائم كل المصفحات دي؟
بهجت أبو غربية: لا، أنا كان عندي مصفحة للبوليس كنا غانمينها من الإنجليز وأخذت المصفحة بتاعة اليهود، اللي أخذتها أنا كانت أقوى، أخذت مصفحة وسيارة لوري يعني وحوالي أربعين شابا مقاتلا وطلعت فيهم، أنا بأعرف المنطقة بالسنتمتر لأنه كشافة ومعلم كشافة ورحلات وكذا، ما رحت من الطريق اللي ما تمشيهاش السيارات، جئت من الطريق الشمال الشرقي رحت بالسيارة لأقرب قرية مجاورة اللي هي بيت سوريك، بين بيت سوريك والقسطل ما في مسافة يمكن اثنين ثلاثة كيلومتر يعني أكثر هذه قطعناها مشيا ولما قطعناها مشيا كانت المعركة ناشبة، لأنه جاء نجدات من كل أنحاء فلسطين بما في ذلك من اللد والرملة قيادة الشيخ حسن سلامة يعني كانوا باعثين قوات كبيرة من الخليج كان في قوات كبيرة من القدس نفس القدس يعني كان في قوات لكن الجهة اللي أنا جئت منها اللي هي الشمال الشرقي ما كان حد جاي من جهتها، يعني صار نوع من الحصار ونضرب اليهود في ظهرهم..
استشهاد عبد القادر الحسيني
أحمد منصور: يعني جئت اليهود من حيث لا يحتسبون، من الخلف.
بهجت أبو غربية: من مؤخرتهم، وقطع خطوط اتصال القسطل بمستعمرة الدل اللي هي نقطة ارتكازهم يعني، كان في مستعمرتين قطعنا الطريق، دخلنا القسطل، طبعا المعركة كانت ناشبة قبل ما أصل حقيقة يعني، فلما دخلنا القسطل الجهة التي دخلنا منها كان فيها قتلى بأعداد كبيرة يعني كوم واحد كان فيها حوالي 10، 12 قتيلا على الأقل اليهود كانوا ناقلينهم ومجمعينهم حتى يرحلوهم يعني.
أحمد منصور: دول قتلى يهود.
بهجت أبو غربية: قتلى يهود. ووصلنا قمة القسطل، مجرد ما وصلت قمة القسطل بفترة قصيرة وصلني نبأ أنه وجد عبد القادر شهيدا.
أحمد منصور: قائد الجيش كله، قائد جيش الجهاد المقدس كله اللي كان يحارب في فلسطين.
بهجت أبو غربية: يعني واسطة العقد اللي تربط بين الناس يعني، فيعني تصورت مدى الخسارة ومدى ما سيترتب على هذه الخسارة.
أحمد منصور: وصلك الخبر بعدما قمتم بتحرير القسطل.
بهجت أبو غربية: بالطبع ما كان في، يعني اليهود صاروا بعيد ومسيطرين على القسطل كاملة.
أحمد منصور: شعورك كان إيه لما عرفت أن مش القائد المباشر بتاعك ده قائد كل المجاهدين؟
بهجت أبو غربية: الحقيقة يعني ما بدي أقول إنه صار عندي انهيار أو ما شابه ذلك لكن هدأت وقعدت على الأرض، ما رحت أشوفه..
أحمد منصور: لماذا؟
بهجت أبو غربية: يعني صعب علي أن أشوف عبد القادر شهيدا، والمسافة اللي كانت بيني وبين المكان اللي هو فيه يعني ما بتزيد عن مائة متر مائتي متر، ونقلوه رأسا بعدين، فتصور ماذا سيترتب على هذا الانهيار. للأسف التخوف كان في محله، مجرد ما نقل عبد القادر الحسيني نحن قوات غير نظامية يعني ما في حدا اللي يأمر على الكل يعني، كان في القسطل لا أقل من ثلاثة آلاف مقاتل فلسطيني وفي أرقام حتى بتصل لأكثر، في فترة نصف ساعة تقريبا لم يبق في القسطل سوى حوالي 40، 45 إنسان.
أحمد منصور: كلهم راحوا يعني.
بهجت أبو غربية: حتى صديق من أعز أصدقائي المناضلين كان قائد سرية أرسل لي رسولا لأنه تقرر أنه أنا أبقى، أنا سئلت قلت أنا باقي مع رجالي مع أنه أنا كنت لسه..
أحمد منصور: مربط.
بهجت أبو غربية: مربط نعم.
أحمد منصور: من أثر الجراح اللي كانت.
بهجت أبو غربية: نعم، كنت مجروحا هذه الرصاصة اللي عند القلب، طبعا في عملية هنا وعملية هنا.
أحمد منصور: أخذت كم رصاصة؟
بهجت أبو غربية: في ذلك الوقت يعني كان أول في رصاصة في يدي قبل هذا..
أحمد منصور (مقاطعا): لا، مجموعة الرصاصات اللي أخذتها كلها كم؟
بهجت أبو غربية: والله في مرة واحدة اللي هي في 19/ 5..
أحمد منصور: 1948.
بهجت أبو غربية: مرة واحدة أربع رصاصات دفعة واحدة وكان قبلها رصاصة واثنتين وشظايا وما شابه ذلك.
أحمد منصور: يعني مجموعهم فوق الـ 15 رصاصة؟
بهجت أبو غربية:لا، لا، أقل.
أحمد منصور: يعني في الثماني مرات؟
بهجت أبو غربية: يعني ممكن أقول ثمانية مثلا.
أحمد منصور: ثماني رصاصات مجموعهم يعني. والحمد لله..
بهجت أبو غربية: هنا إصابة هنا إصابة هنا إصابة..
أحمد منصور: في كل حتة في جسمك يعني.
بهجت أبو غربية: لا، مش كل حتة يعني مبالغة هذه.
أحمد منصور: لا، يعني في رجلك أنا أقصد في صدرك في.
بهجت أبو غربية: نعم، عملية هنا عملية هنا عملية هنا، عمليات يعني. الحاصل، فأنا يعني في ساعة ما بدأت الناس تروح قابلني أنور نسيبه كان سكرتير اللجنة القومية لجميع القدس وكنت أكبر فيه يعني هو كان رجلا سياسيا باعتبار يعني اللجنة القومية، كان موجودا وشاورني شوف الناس عم بتروح شو نعمل شو كذا؟ فقلت له أنت شو رأيك؟ فقال لي أنا رأيي أن جماعتك تبقى لكن أنت كمجروح تروح، قلت لا خلاص أنا ما أتركش مجموعتي يعني، فبقينا يعني.
أحمد منصور: لحماية القسطل بعدما استرجعتموها.
بهجت أبو غربية: القسطل نعم، لأن رد الفعل حيكون مباشرا وفوريا خصوصا اليهود يعني كانوا دائما لحد الآن يعني حريصين على قتلاهم يعني ما بيقدروش إلا يحاولوا يحصلوا عليهم، وبعدين موقع القسطل يعني من هنا مستعمرة ومن هنا مستعمرة ويعني العين عليها، فقلت لأنور يعني قال لي شو طلباتك؟ قلت له أكل، بيقولوا العسكري يسير على معدته، أكل ذخيرة بديل، بديل قوة تبدلنا بكره لأنه نحن الليل مش حننام يعني، وبعدين يعني بدنا بديلا كبيرا لأنه في توقعات كبيرة.
أحمد منصور: كان معك كم مقاتل وقتها؟
بهجت أبو غربية: يعني أنا ومجموعتي ومجموعة محمد عادل النجار اللي هو كان قائد سرية في وادي الجوز كنا مش أكثر من 45.
أحمد منصور: فقط؟
بهجت أبو غربية: فقط.
أحمد منصور: في الوقت اللي حرر القسطل فوق الثلاثة آلاف مقاتل.
بهجت أبو غربية: وبأقول حتى أعز أصدقائي يعني واحد من أعز أصدقائي كان موجودا في القسطل وكان مشاركا في المعركة برضه انسحب ولكن أرسل لي رسولا من عنده أنه إذا صار عليكم خطر ابعثوا لنا، وين أنتم؟ قالوا في قرية المصرارة.
أحمد منصور: أثر مقتل عبد القادر الحسيني إيه على مسار القتال في القدس وفي فلسطين بشكل عام، وكانت الجيوش العربية لم تدخل بعد؟
بهجت أبو غربية: الأثر كان مزدوجا يعني أولا كان في شعور بالخسارة الكبيرة وبأن المقاومة ستضعف والألعن أن اليهود كانوا باديين بتحرك عسكري، باديين يعني اليهود أخذوا موقفا في البداية مثلما ذكرته أنا محاولة إرهاب إرهاب إرهاب مش احتلال ولكن في تلك المرحلة كانوا باديين يأخذوا مراحل احتلال وإخلاء قرى، في نفس الليلة اللي كنت أنا فيها في القسطل هوجمت دير ياسين وذبحت دير ياسين اللي بيني وبينها بس وادي.
أحمد منصور: اللي هي في 9 أبريل 1948.
بهجت أبو غربية: نعم ليلتها، يعني ليلة ما شلنا عبد القادر ليلتها بالليل هاجموا دير ياسين وهي موقع عسكري أيضا في القدس وذبحت القرية يعني.