المسيحيون الصهاينة في أمريكا

المسيحيون الصهاينة في أمريكا هم موضوع حوار أحمد منصور مع المفكر اللبناني محمد السماك، في برنامج بلا حدود. وتأتي أهمية الحوار مع السماك، لكونه مترجم كتابّي الكاتبة الأميركية البارزة جريس هالسل، حول المسيحية الصهيونية، تحت عنوان: “يد الله : لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل”، و”النبوءة والسياسة”، والتي حال الموت بينها وبين المشاركة في البرنامج، في اللحظات الأخيرة. وفتحت هالسل ملف المسيحية الصهيونية من داخلها، إذ كانت أحد أتباعها، كما كنت شاهدة على خطة بناء الهيكل الثالث
محمد السماك

المسيحيون الصهاينة في أمريكا هم موضوع حوار أحمد منصور مع المفكر اللبناني محمد السماك، في برنامج بلا حدود.

وتأتي أهمية الحوار مع السماك، لكونه مترجم كتابّي الكاتبة الأميركية البارزة جريس هالسل، حول المسيحية الصهيونية، تحت عنوان: “يد الله : لماذا تضحي الولايات المتحدة بمصالحها من أجل إسرائيل“، و”النبوءة والسياسة”، والتي حال الموت بينها وبين المشاركة في البرنامج، في اللحظات الأخيرة. وفتحت هالسل ملف المسيحية الصهيونية من داخلها، إذ كانت أحد أتباعها، كما كنت شاهدة على خطة بناء الهيكل الثالث

بدأت نشأة التيار الموالٍ لليهود في الفكر المسيحي، مع كتاب الراهب الألماني “مارتن لوثر” “المسيح وُلِد يهوديا” عام 1523. وفي القرن الـ 17نشأت المسيحية الصهيونية بشكلها الحالي، في إنجلترا البروتستانية. وفي أوائل القرن الـ19 ظهرت منافستها المدرسة الصهيونية الأميركية على يد القس الأيرلندي نيلسون داربي، و نجحت في التغلغل في المجتمع الأميركي، والهيمنة على مراكز صناعة القرار في الإدارات الأميركية المتعاقبة، وتجاوز عدد أتباعها 40 مليون شخص، بإحصائيات عام 2002.

وتعزو فكرة عودة اليهود إلى فلسطين، بحسب كتاب أبوكالبسيس أبوكالبسيس لـ اللاهوتي اليهودي توماس برايتمان عام 1607؛ لأن الله يريد عودتهم لعبادته من هناك، ويُحب أن يُعبد من هناك، وهي أيضاً تمثل حجر الأساس في فكر المسيحية الصهيونية، ما يمهد لمعركة هرمجدون، وتسريع العودة الثانية للمسيح، وتأسيسه لمملكة الألف عام.

وفي عام 1971 وضع القس سايروس سكوفيلد “إنجيل سكوفيلد المرجعي” الذي أصبح المرجع الأول للمسيحية الصهيونية، من هذا المنطلق جاء الدعم المسيحي الهائل للفكرة الصهيونية، والدعم الأمريكي غير المسبوق لإسرائيل..

نص حوار محمد السماك عن المسيحيون الصهاينة في أمريكا

أحمد منصور: موضوع حلقة اليوم حول المسيحية الصهيونية له قصة عجيبة، فقبل حوالي عامين أصدرت الكاتبة الأميركية البارزة (جريس هلسل) كتابها الثاني عن المسيحية الصهيونية تحت عنوان “يد الله”. حيث أثار كتابها الأول “النبوءة والسياسة” حينما صدر في الولايات المتحدة عام.. في نهاية الثمانينات ردود فعل واسعة النطاق على اعتبار أنه كان من أبرز الكتب التي فتحت ملف المسيحية الصهيونية من داخلها، حيث كانت (هلسل) أحد أتباعها ثم قررت أن تكشف المسيحيين الصهاينة ومعتقداتهم للعالم ودفعت مقابل ذلك ثمناً باهظاً فيما بعد، حيث اختفى الكتاب بعد صدوره وكانت تُسحب نسخه من الأسواق أولاً بأول وتعرضت هلسل لضغوط صهيونية لازمتها طيلة حياتها، اتصلت على جريس هلسل بعد صدور كتابها الثاني “يد الله” حتى أجري معها حواراً في هذا البرنامج فرحبت وأبلغتني أن المفكر اللبناني البارز محمد السماك الذي ترجم كتابها الأول أرسلت له نسخة من كتابها الثاني ويقوم على ترجمتها للعربية، حيث جئت إلى بيروت بعدها والتقيت بالأستاذ السماك الذي أهداني مشكوراً نسخة من مخطوطة الترجمة التي كان على وشك الانتهاء منها، واتصلت على هلسل التي كنت قد عرفت المزيد عنها وحددنا موعداً لحلقتنا في صيف العام 2001 من لندن، سافرت إلى لندن لعمل الحوار معها مع أعمالٍ أخرى وحينما اتصلت بها لترتيب إجراءات سفرها من واشنطن إلى لندن جاءني صوت زوجها حزيناً على الهاتف وقال لي: آسف، لقد توفيت جريس بالأمس.

لا أنكر أن الحزن ملأ نفسي وقتها، فقد كنت أعرف أنها كانت تصارع مرض السرطان اللعين، ومع ذلك فقد كانت مليئة بالإصرار على أن تقول ما تعتقد به وكنت حريصا على أن يتعرف عليها المشاهد العربي من خلال هذا البرنامج (بلاد حدود) قبل أن تموت، لكن الموت سبقني إليها، وجريس هلسل صحفية وكاتبة أميركية مرموقة تنتمي لإحدى عائلات تكساس العريقة، قامت بتغطية الحرب في فيتنام وعاشت لسنوات في أوروبا وكوريا واليابان وأميركا الجنوبية وفي أعقاب تغطيتها الصحفية المميزة للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي الأسبق (ليندون جونسون) اختارها جونسون كاتبة لخطاباته، صدرت لها كتب كثيرة غير أنها تعرضت للاضطهاد والعزلة حينما كشفت حقيقة المسيحية الصهيونية في كتابها “النبوءة والسياسة”، حيث وقفت بعدها مناصرة للحق العربي دون أن يذكرها أحد من العرب حتى بعد مماتها، آملاً أن تكون هذه المقدمة رثاءً متأخراً لها.

جريس هلسل

أحمد منصور: رغم أن علاقتي أنا مع جريس هلسل لم تتجاوز عدة مكالمات هاتفية إلا أني لازال صوتها في أذني حينما كان يأتيني ممزوجاً بألمها من المرض، بداية ما هي طبيعة الدور الذي لعبته جريس هلسل في كشف معالم الصهيونية المسيحية؟

محمد السماك: هو أول صوت من داخل أميركا، أول صوت إنجيلي يرتفع ضد هذه الحركة، أول صوت مسيحي يكشف حقائق داخلية عن فلسفة هذه الحركة وعن خلفياتها التاريخية، ثم إنها كانت -رحمها الله- من خلال زياراتها المتعددة لفلسطين جاءت في زيارات حج مع هذا الفريق نفسه الذي يسمى نفسه الصهيونية المسيحية وهذا أمر..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني هم الذين أطلقوا على أنفسهم هذا المسمى.

محمد السماك: هذا الاسم، هم فعلاً هم اللي أطلقوا على أنفسهم و.. وهو اسم ينكره عليهم المسيحيون.

المسيحيون الصهاينة

أحمد منصور: ما هي المسيحية الصهيونية؟ ومتى نشأت؟

محمد السماك: يعني حتى نفهم أدبيات هذه الحركة يجب أن نفهم الأساس.. النظرية الأساسية للمسيحية من.. من موضوع اليهود، وهي نظرية وضعها القديس أوغسطين تقول في.. تقوم على ثلاثة مبادئ:

المبدأ الأول: أن الأمة اليهودية انتهت بمجيء المسيح.

المبدأ الثاني هو: أن الله طرد اليهود من فلسطين عقاباً لهم على صلب المسيح.

المبدأ الثالث هو: أن النبوءات التي تتحدث عن عودة اليهود قد تحققت بعودتهم من بابل على يد الإمبراطور الفارسي (قورش) وأن هذه الأمور انتهت.

هذا الموقف المبدئي للكنيسة المسيحية بشكل عام، الآن الذي حدث فيما بعد، في عام 1607 نشر لاهوتي يهودي في بريطانيا اسمه (توماس برايتمان) نشر كتاباً يُدعي (أبوكالبسيس أبوكالبسيس) يقول فيه في المبدأ ويفلسف المنطق: أن الله يريد عودة اليهود إلى فلسطين لعبادته من هناك لأنه يحب أن يعبد من هناك، هذا الموضوع رن في أذن بعض المشتغلين في قضايا لاهوتية سياسية، في ذلك الوقت كان اليهود يتعرضون إلى اضطهاد في روسيا القيصرية وفي بعض دول أوروبا الشرقية وكانوا يلجئون إلى أوروبا الغربية.

أحمد منصور: أوروبا..

محمد السماك: اليوم كما نعرف، للتخلص من هذه الهجرة قالوا لماذا لا نستعمل هذه النظرية من أجل تحويل الهجرة بدل أن تأتي إلينا نوجههم إلى فلسطين، وبالتالي من خلال هذه النبوءات الدينية.

أحمد منصور: في وقت مبكر يعني.

محمد السماك: من ذلك الوقت، فأخذت هذه العملية.. لكن النظرية الدينية الجديدة وجدت من يتلقفها ومن يؤمن بها حقاً، لم تعد مجرد عملية استغلال سياسي، أصبحت هناك مدرسة دينية لاهوتية قائمة عليها منذ ذلك الوقت المبكر، ونجد أنه في عام 1649 لاهوتيان بريطانيان كانا يعيشان في هولندا وجها رسالة إلى الحكومة البريطانية يطلبان فيها أن يكون لبريطانيا شرف نقل اليهود على البواخر البريطانية إلى فلسطين تحقيقاً للإرادة الإلهية بوجوب عودتهم إلى هناك، الآن لماذا عودتهم إلى هناك؟ النظرية قامت على أساس أن للمسيح عودة ثانية، ولهذه العودة شروط لابد من توافرها، المسيح لن يظهر.. لن يعود إلا إلى مجتمع يهودي، ولن يظهر إلا في صهيون، ولذلك فإن.. فإنه تحقيقاً للإرادة الإلهية بتسهيل وتسريع العودة الثانية للمسيح..

أحمد منصور: لابد أن يجتمع اليهود.

محمد السماك: لابد من تجميع اليهود، لابد من إقامة صهيون حتى يظهر بينهم.

أحمد منصور: بس دا حتى بيصطدم مع التوراة نفسها.

محمد السماك: طبيعي.

أحمد منصور: ويصطدم مع.. مع.. مع معتقدات اليهود أو كثير من اليهود.

محمد السماك: لأ، لكن.. لا هم.. هم الحقيقة اللي صار فيه تطوير للنظرية.. تغيير هو في يعني مشهور إنه إنجيل سكوفلد.. (سايلس سكوفلد) اللي هو وضعه في.. بعام 1903.

أحمد منصور: دا إنجيل جديد خالص.

محمد السماك: إنجيل.. يعني مش بمعنى الإنجيل الديني، لكن هو الذي يضع الفلسفة التنفيذية لهذه النظرية و.. وأصبح مرجعاً لهذه الحركة، سكوفلد هو الحقيقة أخذ هذه المبادئ عن لاهوتي أيرلندي جاء إلى أميركا وإلى كندا في مطلع.. في أوائل القرن التاسع عشر يُدعى (نيلسون ديربي) فخلافاً لنظرية القديس أوغسطين وضع سكوفلد على أساس مدرسة ديربي..

أحمد منصور [مقاطعاً]: أنا مش عايز أغرق في هذه التفصيلات التي لا تهم الناس كثيراً.

محمد السماك: لأ.. لا وضع.. وضع نظرية جديدة تقول بأن لله مملكتان.. مملكتين، مملكة على الأرض هي إسرائيل ومملكة في السماء هي الكنيسة، وبالتالي فإن على كل مسيحي أن يعمل على تحقيق الإرادة الإلهية بإقامة مملكته على الأرض، وانطلقت من هنا هذه الحركة.

أحمد منصور: من.. من.. من هذا المنطلق يأتي الدعم المسيحي لهذه الحركة الهائل لإسرائيل.

محمد السماك: يعني نسميه مسيحي ليس صحيحاً، يعني هذه الحركة.

أحمد منصور: هم كما أطلقوا على أنفسهم المسيحية الصهيونية.

محمد السماك: تماماً ولذلك..

أحمد منصور: طيب أيه علاقتهم بالحركة الصهيونية هنا، مُسمى المسيحية الصهيونية؟

محمد السماك: هو مجرد أن تعمل من أجل إقامة صهيون فالذين يعملون على إقامة صهيون هم صهيونيون.

أحمد منصور: أياً كان، ولذلك الصهيونية الآن غير مرتبطة بالديانة اليهودية بقدر ما هي مرتبطة بكل من يعمل من أجل الصهيونية.

محمد السماك: تماماً، بمبدأ.. بمبدأ إقامة صهيون الاسم يأتي من هنا، التزام من هنا.

أسباب انتشار المسيحية الصهيونية في أمريكا

أحمد منصور: لكن لماذا تنشر المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة ولا يوجد لها وجود في أوروبا تقريباً؟

محمد السماك: الحقيقة هذا سؤال مهم، لكن يحتاج إلى تفصيل في إجابته

أحمد منصور: باختصار.

محمد السماك: أولاً.. أولاً: المجتمع الأميركي مجتمع متدين، الإحصاءات الأخيرة منشورة في مجلة “الإكونيمست” (Economist) العدد الأخير في “الإكونيمست” يقول: إن 14% فقط من الأوروبيين الغربيين يذهبون إلى الكنيسة مرة في الأسبوع، 12% يذهبون في.. من أوروبا الشرقية، في أميركا 47%..

أحمد منصور: يذهبون إلى الكنسية.

محمد السماك: إلى الكنيسة مرة في الأسبوع على الأقل.

أحمد منصور: وأنا تعجبت في إعداد الحلقة وقراءتي للكتب إن حجم.. بتجمع أموال هائلة للكنائس والتردد على الكنائس عالي جداً في الولايات المتحدة.

محمد السماك: تماماً، لا نسبة عالية من.. أولاً المجتمع.. المجتمع الأميركي، الإنسان الأميركي إنسان طيب متدين ويتأثر في.. في النظريات الدينية، ثم إن المنضوين تحت لواء هذه الحركة ليسوا مجرد أشخاص عاديين، هناك أشخاص عاديين.. طيبين عاديين، لكن هناك أشخاص ينتمون إلى المؤسسة السياسية أعضاء في الكونجرس.

أحمد منصور: من أبرز هؤلاء.

محمد السماك: (ريجان) كان أحدهم، ريجان وصل إلى مرحلة أن يقول وهو رئيس الولايات المتحدة أكبر دولة في العالم يقول: إنني أتمنى أن يكرمني الله بأن أضغط على الزر النووي حتى تقع معركة هرمجدون وأعجل بذلك بالعودة الثانية للمسيح.

أحمد منصور: دا جزء أساسي من معتقدات المسيحية الصهيونية هو إشعال الحروب والتعجيل بالحروب حتى يعني يعجلوا بعودة المسيح، هل معنى ذلك أن هؤلاء يقفون وراء عملية تأجيج الحروب الموجودة في أنحاء متفرقة من العالم وفي منطقة الشرق الأوسط تحديداً؟

محمد السماك: هم معنيين بالشرق الأوسط، ولذلك فإن دورهم في.. في المطبخ السياسي الأميركي التأثير على القرار الأميركي فيما يتعلق بالشرق الأوسط تحديداً، حتى أنه أيام ريجان كان (بات روبرتسون) وهو أحد قادة هذه الحركة كان يحضر كل اجتماع يعقده مجلس الأمن القومي الأميركي حتى يأتي قرار المجلس متوافقاً مع النبوءات الدينية فيما يتعلق بالشرق الأوسط، وجريس هلسل –التي ذكرتها في مقدمتك- أشارت إلى هذا الأمر في كتابها الأول “النبوءة والسياسة”.

أحمد منصور: نعم، كيف نجح.. كيف نجحت المسيحية الصهيونية من التغلغل في المجتمع الأميركي والهيمنة على مراكز صناعة القرار الأساسية والوصول إلى التأثير بشكل أساسي حتى إنه يقال إن فولويل صديق للرئيس بوش.

محمد السماك: يا سيدي، لازم تعرف بأن 40% من الأصوات التي حصل عليها الرئيس بوش في الانتخابات الأخيرة كانت أصوات هؤلاء الجماعة.

أحمد منصور: المسيحيون الصهاينة.

محمد السماك: المسيحية الصهيونية، 40% من الأصوات وحصل عليها، وكل العالم تعرف بأنه يعني نجح وكاد أن لا ينجح.

أحمد منصور: بحكم محكمة نجح في النهاية.

محمد السماك: هذه الأصوات التي حصل عليها كان يستحيل أن يصل من دونها، ثم إنه من تكساس وهذه الحركة قوية في الجنوب الأميركي أكثر من شماله ومتجذرة هناك، وكان على علاقة معها وهناك، ومعروف إنه الرئيس بوش يعني كان مُدمن على الكحول، لكن عندما تخلى عن هذا الأمر انتقل من الإدمان على الكحول إلى حضن ديني روحاني احتضنه فكانت هذه الحركة.

أحمد منصور: أنت قلت لي معلومة خطيرة..

محمد السماك: كاتب.. كاتب مقالات يعني كاتب خطاب الرئيس بوش.

أحمد منصور: كاتب خطابات الرئيس بوش.

محمد السماك: (مايكل جارسون) هو من أبناء هذه الحركة، ولذلك تجد في.. في خطابات الرئيس بوش بعض العبارات..

أحمد منصور: كنت هأسألك عن العبارات الدينية في خطابات بوش وأنت كتبت مقالاً عنها في “الأهرام”.

محمد السماك: صحيح.

أحمد منصور: نعم.

محمد السماك: يعني موضوع مثلاً عبارة محور الشيطان، المحور الذي يضع فيه إيران والعراق وكوريا الشمالية.

أحمد منصور: محور الشر.

محمد السماك: عبارة محور الشر هذه، هذه من العبارات الأساسية التقليدية بأن كل من هم ضد إسرائيل هم في محور الشر.

أحمد منصور: ده في المعتقدات الصهيونية…

محمد السماك: في المعتقد اللي عندهم، موضوع استعمل مرة قضية الحروب الصليبية، وهذه من المرجعيتين، استعمل عبارة العدالة المطلقة لمشروع الهجوم على العراق في.. من أجل العدالة المطلقة، وهذه عبارة من عبارات.. من ثوابت العبارات الدينية لدى هذه الحركة بمعنى أن العدالة المطلقة لن تتحقق إلا بالعودة الثانية للمسيح، وأن المسيح عندما يعود هو الذي سيحقق العدالة المطلقة، في هذه العبارات في هذه الأدبيات عم يستعملها مايكل جارسون في عندما يكتب خطاباته للرئيس بوش، ولذلك نجد..

أحمد منصور [مقاطعاً]: ومايكل جارسون كان قس، يعني كان ماشي في.. في.. في.. تَدَرَّج في الكنيسة الإنجيلية الصهيونية، نعم.

محمد السماك: لكن.. لكن الحقيقة.

أحمد منصور: كتبت عنه “الواشنطن بوست” حول نفس الموضوع ونشرتها “الشرق الأوسط” حول نفس القضية ونفس العبارات.

محمد السماك: لكن أنا اللي بدي أقول إنه الرئيس بوش ليس أول واحد من هذا النوع، يعني كان (روزفلت) يعني 15% من إدارة روزفلت كانوا يهوداً، وكان أحدهم يعني القاضي (جون جولدشتاين) كعضو مجلس القضاء كان يقول بأن لليهود ثلاثة عوالم، عالم الدنيا، وعالم الآخرة، وعالم روزفلت، بسبب يعني التزامه في.. في هذا، و روزفلت هو الذي مارس ضغطاً على رومانيا في الوقت اللي كانوا عم عم يهجروا اليهود من.. من رومانيا، وقبله.. قبل روزفلت يعني بـ 1891 الرئيس الأميركي الأسبق (هاريسون) أول ضغط أميركي على روسيا.. روسيا القيصرية أول مشكلة في التاريخ ربما في التاريخ الحديث بين موسكو وواشنطن كانت حول موضوع اليهود في.. في روسيا القيصرية، والرئيس هاريسون كان يضغط على موسكو من أجل وقف تهجير اليهود من روسيا، لأنهم كانوا يأتون إلى.. إلى الولايات المتحدة، وهذا.. ولم يكن.. لم يكن اليهود مرغوبين في الولايات المتحدة، ولذلك نشطت الحركة، تحويل الاتجاه من روسيا إلى فلسطين تحت شعار إقامة صهيون وعودة المسيح.

أحمد منصور: قلت لي معلومة خطيرة في الجزء الأول من البرنامج هو أن مسؤول المسيحية الصهيونية كان يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الأميركي حتى يضمن إن القرارات التي تصدر تكون متوافقة مع هذه المعتقدات، معنى ذلك إن السياسة الأميركية البعد الديني بيتحكم فيها بشكل أساسي والبعد الصهيوني تحديداً؟

محمد السماك: عندما نقول السياسية الأميركية نحدد في الشرق الأوسط.

أحمد منصور: في الشرق الأوسط.

محمد السماك: فالسياسة الأميركية في الشرق الأوسط تتجاوز مصالحها، وتعتبر أن هناك النظرية التي تقول بأن مساعدة إسرائيل والالتزام بها ليس أمراً سياسياً، ولا يقع في إطار حسابات المصالح السياسية أو الاقتصادية، إنه تنفيذ وممارسة عبادية، تنفيذاً لتعاليم إلهية ولذلك هذا الإيمان يجعل صاحب القرار الأميركي مضطراً إلى تجاوز المصالح الأميركية عندما يتخذ قراراً يتعلق بأمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل أو بصراع إسرائيل مع الدول العربية.

موقع فلسطين في مشروع المسيحية الصهيونية

أحمد منصور: أيه موقع فلسطين أو إسرائيل التي تحتل فلسطين الآن في معتقدات المسيحية الصهيونية؟

محمد السماك: فلسطين هي.. شوف الحقيقة الموضوع الأساسي بالنسبة لفلسطين هو أن قيام إسرائيل عام 48 اعتبر لدى هذه الحركة المؤشر الأول على من.. من ثلاثة مؤشرات على تحقيق الإرادة الإلهية بالعودة الثانية للمسيح، المؤشر الأول هو قيام إسرائيل في فلسطين، المؤشر الثاني سنة 48، الثاني 67 احتلال القدس، المؤشر الثالث المنتظر هو تدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل.

أحمد منصور: يعني هم يقفوا وراء هذا؟

محمد السماك: الذي أضرم النار في المسجد الأقصى عام 69 لم يكن يهودياً، كان واحداً من هؤلاء.

أحمد منصور: المسيحيين الصهاينة.

محمد السماك: المسيحيين، مسيحي صهيوني، لم يكن يهودياً، هذا يعجلون تحقيق الإرادة الإلهية، ولذلك هم يقفون وراء مشاريع تدمير المسجد الأقصى، وراء محاولات تدميره، محاولات نسفه بالطائرات، جرت محاولة إسرائيل أوقفتها، جرت محاولة لتزنير المسجد الأقصى ونسفه، إسرائيل أوقفتها، لأنه اكتشفتها.

أحمد منصور: كانت المسيحية الصهيونية التي تقف وراءها.

محمد السماك: هي التي تقف وراءها، والذي عام 69 الحادث إضرام النار في المسجد الأقصى الذي أدى إلى أول مؤتمر إسلامي عقد في.. في المغرب نتيجة لهذا الحادث قام به أحدهم وهو أسترالي الأصل، ولذلك الإيمان بأن فلسطين هي المكان الذي سيظهر فيه المسيح.

أحمد منصور: جيري فولويل هذا مستشار بوش وأحد زعماء المسيحيين الصهاينة يقول: يجب على المسيحية الصهيونية أن تقوم بتدمير العالم وإشعال الحروب فيه حتى يجد المسيحيين الصهاينة مكاناً لهم في جنة جديدة وعالم جديد، معنى ذلك أن المسيحية الصهيونية هي التي تقف وراء تأجج الحروب في المنطقة ووراء الإعداد للحرب المرتقبة الحالية ضد العراق مثلاً.

محمد السماك: هم يؤمنون بحتمية وقوع معركة هرمجدون، وهرمجدون، هي نسبة إلى اسم سهل (مجدُّو) هو الذي يقع بين عسقلان على المتوسط والقدس، نظريتهم تقول بأن أعداء الله الذين هم نحن بنظرهم، وكل من لا يؤمن بالعودة الثانية للمسيح سيقومون بهجوم على إسرائيل، وستقع معركة يصفونها بأنها نووية تدميرية مدمرة يقتل الملايين من الناس فيها وعلى أساس هذه المعركة بعد أن تنتهي ويقتل معظم اليهود ولا يبقى منهم سوى 114 ألف يظهر المسيح بالجسد فوق أرض المعركة، ويُصعِّد إليه المؤمنين به، ثم ينزل هو والمؤمنون إلى الأرض، ويحكم الأرض لمدة ألف عام يسمونها الألفية، حيث تتحقق العدالة المطلقة -التي وردت في إحدى خطابات.. أحد خطابات الرئيس بوش- فهذه المعركة يعني يعتبرون هم يسمونها.. أنا ترجمتها بمعنى الكنيسة التدبيرية، بمعنى أنها تعتقد أو تؤمن بأن كل شيء مدبر، المعركة المصيرية التدميرية للإنسانية من سهل مجدُّو.. هرمجدون هي إرادة إلهية لابد من وقوعها حتى يأتي المسيح، ولذلك تجد أن العقدة الأساسية التي تدور حولها كل نظرية هي العودة الثانية للمسيح، أما مصير الإنسانية مصير البشر، فهذا كله لا قيمة له، طالما أنه يمهد لهذه العودة..

أحمد منصور: إيه حجم نفوذ المسيحية الصهيونية في المجتمع الأميركي وتأثيرها فيه؟

محمد السماك: أولاً: من حيث العدد، هم يقولون إن عددهم حوالي 40 مليون المنتسبين إلى هذه الحركة، لكن أهمية الموضوع ليست في العدد فقط، إنما في نوعية الناس من عسكريين، دبلوماسيين أعضاء بالكونجرس في الإدارة الأميركية، لكن فوق ذلك كله هذه الحركة تتمتع بنفوذ إعلامي غريب جداً..

أحمد منصور: (جريس هلسل) راصدة عشرات من.. من..

.محمد السماك: محطات تليفزيونية..

أحمد منصور: المحطات التليفزيونية… أيضاً.

محمد السماك: وإذاعات.. وإذاعات، وجامعات مستشفيات، يعني يجمعون بين الخدمة الثقافية التعليمية والخدمة الاجتماعية بنشاطهم، لكن أهم عمل يقومون به.. ولذلك يسمونه في أميركا الكنيسة الإلكترونية electronic church يعتمدون على الإعلام بشكل أساسي وبرامجهم الدينية تستقطب الملايين من الناس، ويذيعون على مدار الساعة ولذلك كيفما فتحت التليفزيون في.. في الولايات المتحدة، فأنت أمام محطتين أو تلاتة أو أربعة في وقت واحد لمبشرين من هؤلاء الناس الذين يطلعون على الناس بنظرياتهم.

أحمد منصور: حتى (فولويل) له برنامج أسبوعي مدته ساعة يطلع فيه على الناس صار له أكتر من عشرين سنة.

محمد السماك: صحيح، هو نادي السبعمائة اللي يقدمه، وحوالي 5 ملايين مشاهد تقريباً تقدير الذين يستمعون إلى برنامجه، فيعني القوة الإعلامية من المنشورات والمطبوعات من الإذاعات والتليفزيونات، من خلال الاتصال بالناس عبر الخدمات الاجتماعية والتعليمية، ولذلك نجد أن نفوذ هذه الحركة قوي جداً

المزيد

Total
0
Shares
السابق
عبد القادر الحسيني

استشهاد عبد القادر الحسيني واحتلال القسطل

التالي
الترابي

المتورطون في محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share