مستقبل الديمقراطية في الكويت

مستقبل الديمقراطية في الكويت، يتناوله أحمد منصور، مع د/ عبدالله النفيسي، المفكر وأستاذ العلوم السياسية الكويتي، في حلقة برنامج بلا حدود. يفسر النفيسي في الحوار أسباب الضجيج السياسي المرتفع في الكويت، والأزمات المتلاحقة بين مجلس الأمة والحكومات الكويتية المتعاقبة، وهو ما أدى إلى حل مجلس الأمة الكويتي مراراً
عبد الله النفيسي

مستقبل الديمقراطية في الكويت، يتناوله أحمد منصور، مع د/ عبدالله النفيسي، المفكر وأستاذ العلوم السياسية الكويتي، في حلقة برنامج بلا حدود.

يفسر النفيسي في الحوار أسباب الضجيج السياسي المرتفع في الكويت، والأزمات المتلاحقة بين مجلس الأمة والحكومات الكويتية المتعاقبة، وهو ما أدى إلى حل مجلس الأمة الكويتي مراراً.

نص حوار عبد الله النفيسي عن مستقبل الديمقراطية في الكويت

أحمد منصور: هناك بعض التحليلات تشير إلى أن الكويت بلد فيها ضجيج سياسي مرتفع..ضجيج سياسي مرتفع، عدد السكان.. عدد السكان لا يتجاوز 800 ألف، المساحة لا تتجاوز 17 ألف كيلومتر مربع يعني كل المعطيات.. من لهم حق التصويت في الانتخابات لا يتجاوزوا 112 ألف، عدد أعضاء البرلمان 50 عضو فقط، ومع ذلك الضجيج السياسي النابع من الكويت مرتفع للغاية، ويتفوق على دول عربية يعني ربما يزيد عدد سكانها على 60 مليون في بعض الأحيان، ضجيج سياسي مرتفع، أسباب هذا الضجيج إيه؟

محيط غير ديمقراطي

د. عبد الله النفيسي: نعم، يعود إلى سببين برأيي: السبب الأول أن المحيط الذي يحيط بالكويت الذي يحيط جغرافياً بالكويت محيط غير ديمقراطي، ليس فيه تجارب نيابية ذات مصداقية، ولذلك يعني التجربة النيابة الكويتية يعني تلفت الأنظار في حيويتها وفي حتى مصداقيتها، ومن هنا الضجيج هذا نسبي بالمقارنة وليس بالأصل، لأنه في الكويت حريات سياسية، وهامش من الحرية السياسية الواسع بالمقارنة بالعالم المحيط..

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكنها كلها في إطار الضجيج أيضاً.

د. عبد الله النفيسي[مستأنفاً]: لا أبداً، أنا لا أتفق معك في هذا -يا أحمد- أنا بأتصور إنه ما تسميه بالضجيج هو صوت عالي في فترات الانتخابات، ربما الصحافة الكويتية..

أحمد منصور[مقاطعاً]: حتى في غيرها، في ممارسة مجلس الأمة مثلاً.

د. عبد الله النفيسي: صح، ربما..

أحمد منصور [مستأنفاً]: الأعضاء بيفجروا قضايا ضخمة، صراخ عال، صوت عال، منشتات أيضاً في الصحافة عالية.

د. عبد الله النفيسي: هذا يعود لأسباب موضوعية، يعود لغياب المشروع السياسي لدى الحكومة، لأنه ليس هناك خطة يحاكم بها مجلس الأمة الحكومة، لغياب هذه الخطة.. لغياب هذا المشروع السياسي، تنقطع اللغة المشتركة وبين المجلس والحكومة، وفي تصوري حل هذا الضجيج وتفكيكه يكمن في موضوع المشروع السياسي للحكومة.

تركيبة المجتمع السياسي الكويتي

أحمد منصور: هناك نقطة مهمة أيضاً تتعلق بتركيبة المجتمع السياسي الكويتي، من حيث أن هناك شريحة كبيرة من الكويتيين ممن يسمون بالجنسية الثانية الذين ليس لهم حق الممارسة السياسية، حيث تنحصر الممارسة السياسية حتى الآن في من يحملون الجنسية الأولى، ما تأثير ذلك على العملية الانتخابية؟

د. عبد الله النفيسي: تأثير كبير –أخي أحمد- وتأثير خطير، الورطة الجغرافية الكويتية تجعلها تستقبل تركيبة سكانية نادرة، لنشبهها –مع الفارق طبعاً- بسويسرا، سويسرا محاطة بألمانيا، وبإيطاليا، وبفرنسا، ولذلك ستجد هناك عاصمة فرنسية في سويسرا (جنيف)، وعاصمة ألمانية (زيورخ)، وعاصمة إيطالية (لوجانو)، وستجد الاتحاد السويسري خليط من الإيطاليين والفرنسيين والألمان، أو ذوي المنشأ الألمانية، والفرنسية، والإيطالية هذه التركيبة الفريدة لسويسرا ربما –مع الفارق طبعاً- تنطبق أيضاً على الكويت من حيث أن التركيبة السكانية الكويتية تشمل هجرات من العراق إلى الكويت، وهجرات من نجد إلى الكويت، وهجرات من بر فارس إلى الكويت.

أحمد منصور[مقاطعاً]: لكن فيه فارق -عفواً- كبير هنا في التشبيه.

د. عبد الله النفيسي: اتفضل.

أحمد منصور: هناك شعوب وقبائل مختلفة في سويسرا، أما كل ما هم موجودين في الكويت من المناطق التي ذكرتها هم امتداد عرقي وقبلي لقبائل موجودة وعرقيات موجودة في المنطقة يعني، ويتحدثون لغة واحدة ودين واحد، يختلفوا كتير عن سويسرا من حيث التشبيه.

د. عبد الله النفيسي: لأ، يعني بالنسبة للغة لأ، هناك هجرات كبيرة جاءت إلى الكويت بالخمسينات والستينيات تتكلم الفارسية، وهناك هجرة كبيرة جاءت من السعودية هجرة القبائل جاءت بالأربعينات، والخمسينات، والستينيات، وتكتسب عادات وثقافة المجتمع السعودي بما يعنيه من محافظة و..، بينما الهجرات التي أتت من العراق وبالذات من (الزبـير) تتميز بحيوية المجتمع العراقي، وتفتحه، وانفتاحه الثقافي، ولذلك نجحوا في… في الأعمال، وفي التجارة، وفي كثير من المهارات، هذه التركيبة وهذه التعددية في التركيبة السكانية الكويتية –على مدى زمني- استدعت من الكويتيين اللي بيعتبرون أنفسهم أصلاء يعني.. وأقدم، جاؤوا إلى الكويت قبل 1920م، اتخذوا بعض الاحتياطات للحفاظ على مكانتهم السياسية، فجاءت مسألة الكويتي بالتأسيس، والكويتي بالتجنيس، وغيرها من التسميات.

لكن أنا شايف إن الحكومة الكويتية والكويتيين كشعب بدؤوا يتجاوزوا ويتخطوا هذه الحالة وينظروا إلى أبعد من ذلك، ولذلك اتخذت إجراءات قانونية في.. بحور الأشهر السابقة نحو تجنيس البدون، وتجنيس أصحاب الجنسية الثانية بالجنسية الأولى، يعني توحيد أبناء الكويت وفق جنسية واحدة من درجة واحدة.

أحمد منصور: الآن مع العملية الانتخابية القائمة، المرشحين.. التوجهات السياسية المختلفة التي سبق أن تناولناها، في ظل هذا الوضع ما هو تصورك لتشكيلة مجلس الأمة القادم؟

مجلس الأمة الكويتي

د. عبد الله النفيسي: أنا بأتصور لن يختلف كثيراً المجلس القادم عن تركيبة المجالس السابقة، ستكون في هذا المجلس قلة معارضة ذات صوت مرتفع، وأغلبية موالية بالحلوة والمرة، يعني إحنا عندنا تعبير اسمه (فداوي) صح أم لأ.. اللي هو وراء الحكومة بالظلمة وبالنور صح أم لأ.

ففيه أغلبية دايماً كانت في المجلس حتى في مجلسنا سنة 85 كان فيه هذه الفئة، التي تستعين بها الحكومة علينا إحنا اللي كنا نحسب في المعارضة.

أحمد منصور: لكن دكتور، الآن عملية التوتر بين المجلس والحكومة تكاد تكون عملية أبدية منذ مجلس 62 وحتى الآن، هل هناك من حل لهذه الأزمة التي تنشب، والتي تصل في كثير من الأحيان التلويح بحل المجلس، فتهدأ الأمور، أو تصل إلى حد الحل كما حدث قبل شهرين في الكويت.

د. عبد الله النفيسي: الأزمة بين المجلس والحكومة ستستمر، ستستمر لثلاثة أسباب، السبب الأول: إن الحكومة تتعامل مع المجلس منذ 62 حتى الآن -أنا أسميه- بمزاج بلغمي، بمزاج فيه تعالٍ كثير، بمزاج فيه عدم اعتراف بالطرف الآخر، وهذا مو افتعال، هذا هو الموقف الفعلي للحكومة الكويتية إزاء التجربة النيابية.

مو افتعال، ولكن يظهر على السلوك الذي تتعامل به السلطة السياسية مع المجلس، هذا سبب، أنت عندما لا يعترف بك الطرف الآخر.. العملية السياسية عملية تفاوض، و التفاوض يقتضي وجود طرفين، لكن إذا كان طرف لا يعترف بالطرف الآخر تسقط العملية السياسية، وهذا ما يحصل دائما بين الحكومة والمجلس، هذا سبب.

السبب الثاني: هو مسألة التشكيلة الوزارية، التوزير والاستيزار، العملية هذه لا زالت عملية لا تخضع لمعايير موضوعية..

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني التوزير هنا أيضاً بيعتبر مكافأة من الحكومة للنائب أو للشخص اللي بيتم توزيده.

د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: ربما.. للشخص، لقبيلته، لفئته، إلى آخره.

أحمد منصور: هذه قصة أخرى أيضاً.

د. عبد الله النفيسي: هذه قصة أخرى وخطيرة وثغرة خطيرة، يعني التشكيلة الوزارية في الكويت لا تتم وفق معيارية سياسية، ولا تتم بمحاكاة خطة سياسية، ولا تتم لتحقيق مشروع سياسي، إنما تتم بطريقة عشوائية، وبطريقة تخضع لقيم التنظيم الصحراوي وليس لقيم التنظيم السياسي العصري.

ومن هنا كانت التشكيلات الوزارية -في العموم طبعاً موكلها- في العموم لا تستطيع أن تقف وجهاً لوجهٍ مع المجلس، هذا سبب ثاني التشكيلة الوزارية.. فلابد -في تصوري- إذا حبينا ننهي الأزمة بين المجلس والحكومة أن يعاد النظر في طريقة التشكيل، يعني لماذا لا يتم أخذ مجموعة كبيرة -مو قليلة- كبيرة من المجلس المنتخب في التشكيلة الوزارية؟ ولماذا لا يكون فيه نص زائد واحد في مجلس الوزراء كلهم منتخبين.. شوف هل راح يحصل أزمة أو لا تحصل أزمة، أنا أشك إن الأزمة ستستمر، لكن لأنهم يأتون بناس من البعد الخامس للوجود، ومن أزقة الشارع السياسي تحصل هذه الأزمة.

أحمد منصور: الثالثة.

د. عبد الله النفيسي: الثالثة والأخيرة: عدم التزام الحكومة بخطة نتحاكم وفقها مع الحكومة أو نحاكم الحكومة وفقها، ما فيه خطة، ما فيه مشروع سياسي، ولذلك هناك حوار طرشان) بين المجلس والحكومة، يعني الكل يتكلم ولا أحد يسمع، لما؟ لأنه ما فيه خطة.

حل مجلس الأمة الكويتي

أحمد منصور: يعني إحنا بالشكل ده ممكن نتكلم عن حل المجلس القادم من الآن الذي سينتخب يوم السبت القادم؟

د. عبد الله النفيسي: أنا لا أستبعد.

أحمد منصور: أن يحل؟!

د. عبد الله النفيسي: أنا لا أستبعد ذلك، أنا لا أستبعد ذلك يحل..

أحمد منصور: لاسيما في ظل تلويح كثير من المرشحين الآن بأنهم سوف يستجوبون وزير المالية، الذي يُقال: أنه عدم.. التلويح باستجوابه في المجلس القادم ربما كان السبب في حله، وكذلك استجواب وزير النفط..

د. عبد الله النفيسي [مقاطعاً]: الاستجواب -أخي أحمد- من الحقوق الدستورية لأي مجلس نيابي في أي مكان في العالم، في أي تجربة نيابية الاستجواب حق دستوري، وأنا لا أدري هذه الحساسية كيف تفسر لدى الحكومة الكويتية.

أحمد منصور: إذن العمر الافتراضي الذي تتوقعه للمجلس القادم يمكن أن يصل إلى كم؟

د. عبد الله النفيسي : والله ما أدري بالضبط، ولكن أنا أتصور إنه الحالة الانفعالية اللي بتعيشها الحكومة الكويتية هذه الأيام يعني حالة ترشح المجلس القادم لأن يُدس في التراب في عمر قصير.

أحمد منصور: ما هو تقييمك لهذه التجربة لتلك الفترة؟

د. عبد الله النفيسي: أنا بأعتقد إن في التحصيل النهائي في التحليل النهائي التجربة إيجابية، والرقم..

أحمد منصور [مقاطعاً]: لكنك الإيجابيات قليلة التي تحدثت عنها.

د. عبد الله النفيسي: لأ، أنا يعني..

أحمد منصور [مقاطعاً]: طوال حلقتين وسلبيات.

د. عبد الله النفيسي: لأ هذا من باب الـ… ليس من باب التجريح بالتجربة، من باب التنبه لبعض القصور في التجربة، ولكن إذا الواحد استحضر التاريخ المعاصر لثلاثين سنة ماضية تقريباً أو 27 سنة ماضية، لأن التجربة كانت متقطعة، بأشوف إنه التقييم لها تقييم إيجابي.

وجود هذه التجربة وإصلاح ما فيها من أخطاء أفضل من عدم وجودها، حكوماتنا تتضايق أحياناً من بعض الحدة عند بعض النواب سواء، في الألفاظ، أو في المقترحات، أو في التصريحات.

إحنا لازم.. لا نحاكم مجلس الأمة على هذه الممارسات الفردية، لو بنشوف تجارب عالمية عريقة في الديمقراطية مثل اليابان، مثل روسيا، والهند، وأسبانيا، وإيطاليا، وتركيا، هناك ضرب في المؤسسات البرلمانية يعني شجار يصل إلى حد اللكمات وحمل الكراسي..

أحمد منصور [مقاطعاً]: زي برلمان تايوان الشهير.

د. عبد الله النفيسي [مستأنفاً]: آه، واليابان حصل، وفي أسبانيا حصل إطلاق رصاص، إطلاق رصاص داخل قبة البرلمان!! إحنا شعب مسالم و…

أحمد منصور [مقاطعاً]: في الآخر في تبويس لحي بعد كل الهيصة اللي بتحصل.

د. عبد الله النفيسي: دائماً، ولذلك أنا أستغرب أقصى ما يمكن أن يحصل عندنا في مجلس الأمة هو لفظة قد تجرح شعور وزير من الوزراء، وعندها ترفع الحكومة كل أسلحتها، وتستثمر هذه الحالة لضرب مصداقية المجلس، واتهامه بكل الاتهامات، أبداً أنا شايف إحنا شعب مسالم وشعب لطيف عموماً، وشعب غير جدير بهذه المعاملة الفظة من الحكومة، و…

أحمد منصور [مقاطعاً]: أنت -أيضاً- تحمل الحكومة المسؤولية، كل المرشحين يرمون على الحكومة، وأنت أيضاً الآن ترمي على الحكومة، وكأن أنتم ككويتيين بالممارسة التي تقومون بها لا تتحملون جزءاً من المسؤولية أيضاً.

د. عبد الله النفيسي: لا، نتحمل، ولكن أنا منحاز إلى مجلس الأمة بفعل أنه يمثل إرادة شعبية، وبفعل انتمائي القلبي وحتى العقلي إلى المعارضة، تجربتنا لا تستحق المعاملة…

أحمد منصور [مقاطعاً]: رغم أنك وصفت مجلس الأمة في الحلقة الماضية بأنه عبارة عن دكانة.

د. عبد الله النفيسي: دكانة بالنسبة للحكومة.

أحمد منصور: تغلقها الحكومة متي تشاء وتفتحها متى تشاء.

د. عبد الله النفيسي: هكذا تنظر إليها الحكومة، لكن لا ننظر إليه نحن أبناء الشعب الكويتي بالمنظور هذا، إحنا لسنا الذين نفتح ونغلق هذا المجلس، الذي يفتح ويغلق هذا المجلس القرار الحكومي..

مستقبل الديمقراطية والعمل السياسي في الكويت

أحمد منصور: في دقيقة بقيت، ما رؤيتك لمستقبل الديمقراطية والعمل السياسي في الكويت؟

د. عبد الله النفيسي : هو مربوط بالاستراتيجية الأميركية العليا، لن يحصل في شريط النفط من الكويت إلى مسقط خلال العشرين سنة القادمة إلا ما يتناغم (يتثاقب) مع توجهات الإستراتيجية الأميركية في الخليج.

المزيد
محاور الحلقة كاملة

00:00​​ المقدمة

02:30​​ غياب المشروع السياسي الكويتي للنخب السياسية

09:45​​ أسباب هذا الضجيج في الكويت

16:48​​ دور المرآة في الانتخابات الكويتية

24:00​​ العلاقة ما بين الناخب وما بين النائب فى الكويت

33:20​​ التفسخ في المجتمع الكويتي

42:30​​ سبب ابتعاد د.عبد الله النفيسي عن الساحة السياسية والبرلمانية

52:42​​ حل مجلس الأمة الكويتي

1:00:18 المجتمع الخليجي والتجربة الديمقراطية

1:06:10 تعامل الحكومة الكويتية مع نواب مجلس الأمة

Total
0
Shares
السابق
بهجت أبو غربية

النكبة.. ودور العرب في تقسيم فلسطين !!

التالي
بطرس غالي

كيف باع السادات القضية الفلسطينية في كامب ديفيد

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share