إعدام رجل أمريكا فى العراق

نشر المقال بتاريخ:

احتل خبر الحكم الصادر بالأعدام على الرئيس العراقي السابق صدام حسين يوم الأحد الخامس من نوفمبر الماضي صدر الصفحات الأولي فى أنحاء العالم ، وقدمه الكتاب من زوايا عديدة كان فيها شبه إجماع علي أن هذا الديكتاتور الذي حكم العراق فعليا ما يقرب من ثلاثين عاما يستحق ما جري له ، لكن غاب عن كثير من هؤلاء أن حكم الأعدام الذي صدر من محكمة شكلت من قبل قوات الأحتلال الأمريكي للعراق وبقانون أعد خصيصا لهذه المحكمة أعده حاكم العراق بعد الأحتلال الأمريكي بول بريمر ، وأن هذا الحكم صدر بالأعدام علي أحد أصدقاء أمريكا السابقين كان حكما ضد أمريكا قبل أن يكون ضد صدام حسين ، فكما كتب روبرت فيسك يوم الأثنين 6 نوفمبر فى صحيفة ” الأنبدندنت ” البريطانية ” لقد صدر الحكم بالأعدام علي من كان يوما أفضل صديق للولايات المتحدة الأمريكية فى العالم العربي ، وكانت الولايات المتحدة علي علم بكل انتهاكاته بل وزودته بالغازات التى استعملها لارتكاب تلك الأنتهاكات ، إن هذا الحكم كان حكما ضد أمريكا أيضا ” إن ماقاله فيسك ولم يفصل فيه يعود إلي مناقشات دارت فى الكونجرس الأمريكي وفجرها أحد أعضائه في العام 2003 تعود إلي أن الغازات التى استخدمت فى حلبجة ضد الأكراد هي من نوع أمريكي ، وأن أغلب ما كان يقوم به صدام قبل أن يخرج على السياسة الأمريكية أو يقع فى فخها ويقوم باحتلال الكويت فى أغسطس من العام 1990 إنما كان يدور فى إطار أمريكي محدد ، وقد روي لي الزميل جميل عازر بشكل تفصيلي وأشار إليه بشكل مقتضب فى حوار أجريته مع ومع زملاء آخرين فى برنامجي ” بلاحدود ” في الأول من نوفمبر الماضي ، إلي لقاء أجراه مع وزير الدفاع الأمريكي المقال أو المستقيل دونالد رامسفيلد فى شهر فبراير من العام 2003 أي قبل أيام من الأحتلال الأمريكي للعراق ، كيف بدا رامسفيلد حينما سأله عازر عن زيارته للعراق حينما كان مبعوثا خاصا للشرق الأوسط في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان بين عامي 83 و84 ، وكيف التقي صدام حسين وقدم الدعم الكامل للعراق إبان حربها ضد إيران ، وكان صدام مثل غيره من كثير من زعماء المنطقة صديقا للولايات المتحدة بل ومنقذا لسياستها ، ، ثم انقلبوا عليه مثلما انقلبوا على كثير غيره ممن كانوا يسيرون فى ركابهم ، بدءا من نورييجا فى بنما ، مرورا بعشرات من الزعماء الأفارقة وصولا لشاه إيران الذي كان يلقب بأنه “شرطي الخليج ” ثم لم يجد فى النهاية قبرا يدفن فيه حتى استضافه صديقه ” السادات ” في النهاية ومات ودفن فى مصر ، لقد سبق وأن أشرت فى مقال سابق إلي الجملة الشهيرة للرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق حينما شعر بتضييق الخناق عليه من قبل الأمريكيين قبل اغتياله ، وبدأ يصطحب السفير الامريكي معه فى كل رحلاته ربما يؤدي هذا إلي عدم اغتياله ، حتى أن السفير الأمريكي كان معه فى رحلته التى فجرت فيها طائرته وقتل فيها الأثنان ـ تلك الجملة التى يجب أن تدون فى صفحات التاريخ بماء من ذهب : ” إن من يتعامل مع أمريكا كمن يعمل فى الفحم ، لن يناله فى النهاية إلا سواد وجهه ويديه ” ، لكن مشكلة الذين يعملون مع أمريكا أنهم لا ينظرون أبدا فى المرآة ، ليروا وجوههم ولا يكلفون أنفسهم النظر كذلك إلي أيديهم ولا في سيرة من سبقهم ، ، حتى يجدوا أنفسهم مثلما وجد صدام حسين نفسه في النهاية يقف فى القفص ينادي بسقوط الأستعمار والأمبرالية التى حكمت عليه بالأعدام بعدما ا ستنفذت مرادها منه خلال سنوات حكمه ، لكن تلك المحاكمة لم تكن كما قال الكاتب البريطاني أندرياس ويتا سميث فى صحيفة الأندبندنت سوي محاكمة لبوش وتوني بلير ، ولعل المحاكمة الأكبر كانت من قبل الشعب الأمريكي الذي صوت بقوة ضد بوش وحزبه وأجبره علي إقالة دونالد رامسفيلد الذي سبق وأن أكد قبل أسبوع واحد أنه لن يقيله وأنه باق معه إلي النهاية ، لكن النهاية حددها الأمريكيون الذين شعروا بالهزيمة فى العراق قبل أن تعلن رسميا ، إن إعدام صدام حسين من عدمه لن يغير كثيرا من المشهد المأساوي علي الساحة العراقية ، لكن العجيب أن يصدر الأمريكيون حكمهم على صديقهم السابق صدام حسين يوم الأحد ويصدر الشعب الأمريكي حكمه الأربعاء بالأعدام السياسي على دونالد رامسفيلد مسعر الحرب فى العراق ، وصديق صدام فى الثمانييات وعدوه الآن ، لقد كانت محاكمة صدام حسين هي محاكمة لبوش وللولايات المتحدة وسياستها فى العراق ، ومانال صدام حسين لم يكن فى النهاية إلا كما قال ضياء الحق سواد الوجه واليدين الذي يطال دائما من يتعاملون مع أمريكا .

Total
0
Shares
السابق

الحرب على الطلبة فى مصر

التالي

انهيار حقوق الإنسان العربي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share