الإعلاميون والسلطة

كان النقاش مثيرا فى الجلسة الأولي لندوة الأعلام العربي التى عقدت فى منتدي أصيلة فى المغرب يوم الخميس الماضي 17 أغسطس ، فالموضوع الذي يناقشه نخبة من الأعلاميين العرب كان عن العلاقة بين الأعلاميين والأجهزة الأمنية أو الأستخباراتية فى بلادهم في ظل حرية الأعلام والسموات المفتوحة عالميا ، وكان المحور المثير للنقاش عن العجز المتصاعد للأجهزة الأمنية في كثير من الدول العربية عن الهيمنة على الأعلاميين و وسائل الأعلام ،أو توجيهها فى بلادهم ، كما أن صناعة صحفيين مخبرين أو عملاء مباشرين للأجهزة الأمنية داخل المؤسسات الأعلامية والذي كان أمرا مألوفا وطبيعيا طوال العقود الماضية لم يعد الآن أمرا مجديا إلي حد كبير ، فى ظل أنكشاف أمر كثير من هؤلاء والتعامل معهم باحتقار أو سخرية واستهزاء من قبل زملائهم وإطلاق رتب أمنية متدنية عليهم مثل الشاويش فلان أو المخبر علان ، وأن دور كثير من هؤلاء لم يعد مجديا فى ظل نمو معارضة بارزة للنظم الرسمية حتى داخل المؤسسات الحكومية ، بل وصل الأمر إلي حد ظهور بعض هؤلاء المعارضين على شاشات الفضائيات العربية ، وهم يجهرون بآرائهم المعارضة لحكوماتهم التى من المفترض أنهم يتقاضون رواتبهم منها علي اعتبار أنهم موظفون رسميون ، وأصبح هؤلاء لايجدون أي غضاضة أو تردد أو خوف يمنعهم من الجهر بآرائهم المعارضة التى كان المخبرون يدونونها من قبل فى تقاريرهم علي أنها من الأسرار ، وقد أدي هذا إلي ضعف دور المخبرين من الصحفيين الذين كان دورهم هو متابعة زملائهم داخل المؤسسات الصحفية والأبلاغ عما يجهرون به خلف الأبواب ، أو فرض رقابة غير مرئية على ما ينشر أو ما سوف ينشر بحيث يتم سحبه من الصحيفة قبل النشر أو حتى من الطبعات التالية .
ولأن هؤلاء المخبرين عادة ما يكونون من أراذل الناس والضعفاء مهنيا ، وكان علاقاتهم بالأجهزة الأمنية هي جواز المرور و الترقي بالنسبة لهم ، فقد أدي ظهور صحف ذات سقف مهني مرتفع أو قنوات فضائية عربية متنفسا لدي كثير من المهنيين الأحرار فى الصحافة لكي ينطلقوا بعيدا عن هيمنة المخبرين علي وسائل الأعلام الرسمية ، مما أضعف أيضا دور المخبرين حتى أن الزميل ياسر أبوهلالة مدير مكتب الجزيرة فى عمان قال فى مداخلته : ” إن الأعلاميين فى الأردن يشبهون عملاء الأجهزة الأمنية الأردنية من الصحفيين الذين تم الأستغناء عن خدماتهم أو لم يعد لهم دور ، وأصبحوا عبئا علي الأجهزة الأمنية ومنبوذين من زملائهم بأنهم ” جيش لحد ” ” وهذه إشارة إلي جيش العميل الأسرائيل السابق اللبناني العماد لحد الذي كان له جيش من العملاء اللبنانيين يتمركز فى جنوب لبنان كان دوره هو حماية أمن إسرائيل لكن انتصار المقاومة فى العام 2000 وخروج إسرائيل من معظم مناطق الجنوب أنهي دور لحد وجيشه العميل وأصبحوا مشردين و منبوذين حتى داخل إسرائيل التى كانوا يخدمونها ، وهذا هو مآل معظم الصحفيين الذين يعملون خدما للأجهزة الأمنية سواء كمخبرين على زملائهم أو علي وسائل إعلامهم .
كما أن السيطرة الأمنية الحكومية على وسائل الأعلام لم تعد ممكنة بالشكل الذي كانت عليه من قبل والمشاهد أو المستمع أو القاريء يبحث عن مصداقية الوسيلة التى يتلقي منها سواء كانت مشاهدة أو مسموعة أو مقروءة ، كما أدي ظهور نوعيات من الصحافة الحرة مثل المدونات ومواقع الأنترنت التى تتصاعد وتتزايد بشكل كبير يوما بعد يوم يؤكد علي أن الوسائل الأمنية والمخبرين الأمنيين لن يستطيعوا ملاحقة التطورات الأعلامية التى يسير العالم فى اتجاهها والتى لا بد للعرب أن يلحقوا بها ، وبالتالي فليس هناك مجال أمام الأجهزة الأمنية العربية سوي التعايش مع المتغيرات الحديثة التى قلصت دور المخبرين الأمنيين في وسائل الأعلام ،وأن يغيروا وسائلهم وأساليبهم وحتى النوعية الرديئة من الصحفيين الذين كانوا ولازالوا فى كثير من الأقطار يستخدمونهم مخبرين على زملائمهم ، وعليهم أن يدركوا أن السيطرة على وسائل الأعلام أو الأعلاميين أصبحت شبه مستحيلة ، فالمستقبل للحرية أما جيوش لحد من العملاء فى المؤسسات الصحفية فلن يكون مصيرهم سوي مصير لحد وجنوده .
الأسبوع المصرية

Total
0
Shares
السابق

حجاب زوجة الرئيس التركي

التالي
يوسف ندا

يوسف ندا (1) : نتائج التحقيقات معه في قضايا تمويل الإرهاب.. وأجهزة الاستخبارات التي احتشدت ضده

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share