أمام إهانات البابا: من يمثل المسلمين ؟

نشر المقال بتاريخ:

رغم الضعف العام للمسلمين إلا أن هذا الضعف تجلي بشكل كبير من خلال ردود الأفعال التى قاموا بها جراء التصريحات التى أدلي بها البابا بينديكت السادس عشر حول الأسلام ورسول الأسلام ، ففي ظهوره العلني الأول يوم الأحد 17 سبتمبر الماضي زاد البابا الطين بلة حينما قال إن تصريحاته قد أسيء فهمها وقد فسر كثير ممن تلقوا هذا التصريح بأنه إساءة جديدة للمسلمين حيث اتهمهم البابا بأنهم أغبياء لا يحسنون الفهم ، ورغم أن هذه إساءة مضاعفة إلا أن بعض ردود الفعل الرسمية اعتبرت هذا اعتذارا واعتبرته كافيا منها رد فعل الرئيس الأيراني محمود أحمدي نجاد و رئيس الوزراء الماليزي عبد الله بدوي الذي ترأس بلاده المؤتمر الأسلامي لهذه الدورة لكن الدكتور إحسان أوغلوا الأمين العام للمنظمة كان علي الجانب الآخر يعتبر تصريحات البابا غير كافية ، بل إن الرئيس الباكستاني برويز مشرف الذي كان يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قال : ” إن من المخيب للآمال أن نري شخصيات تتمتع بسمعة بالغة الأهمية ، تتناسي الحساسيات الأسلامية في هذه الحقبة الحرجة ” ، والأمر لم يقف عند مشرف الذي يواجه تحديات كبيرة من الأسلاميين فى بلاده بل وصل إلي مؤتمر الحزب الوطني الديمقراطي فى مصر الذي عقد مؤتمره السنوي فى الأسبوع الماضي ووقف أمينه العام صفوت الشريف ليقول في افتتاح المؤتمر : ” إن حزب الأغلبية بعبر عن شعب مصر في رفض الفهم الخاطيء للأسلام عقيدة وتاريخا ، ويعبر عن أسفه لرؤية عبر عنها البابا مرفوضة لأساءتها إلي دين السماحة والمحبة ورسول السلام ” ، وماكان لشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي أن يدع الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف يسبقه فى الزود عن حياض الأسلام فسبق الشريف بخطوة حينما استقبل القائم بأعمال سفارة الفاتيكان فى مصر وكذلك الأنبا يوحنا قلته النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك فى مصر ، ووجه انتقادا حادا للبابا ولتصريحاته ، ولم يكن لسيف الأسلام القذافي أن يكون بعيدا فدعا البابا لاعتناق الأسلام ، ولعل المغرب كان أكبر الدول التى أظهرت احتجاجا حينما سحب سفيره من الفاتيكان لكن أيا من تلك الدول والحكومات التى يتهمها البعض بأنها تاجرت سياسيا بالموقف لم تقدم غضبا ذا قيمة للفاتيكان مثل سحب سفرائها أو طرد سفراء الفاتيكان علي غرار ما فعل الرئيس شافيز الذي طرد السفير الأسرائيلي من بلاده احتجاجا علي ما قامت به إسرائيل فى لبنان فيما ينعم سفراء إسرائيل بالأمان فى الدول العربية التى تقيم علاقات معها ، وقد دعي الموقف الرسمي الأسلامي المتداعي البابا إلي الأستمرار فى موقفه الذي لم يغيره باعتذار إضافي إلا بعد التحركات الشعبية التى كان رأسها دعوة الأتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يكون الجمعة الماضي يوم غضب سلمي احتجاجا على تصريحات البابا ، كما أن التظاهرات والتنديد لم يتوقف من التجمعات الأسلامية في أنحاء العالم الأسلامي ، ولعل الضعف والتشرذم والفرقة التى ظهر بها المسلمون لاسيما الرسميون منهم هي التى جعلت صحيفة ” لوفيجارو ” الفرنسية تتجرأ بمقال ينال من الأسلام والرسول فى نفس الوقت الذي كان البابا يماطل فى تقديم اعتذار صريح ، وبغض النظر عن كل الملابسات والتحليلات التى تناولت الموضوع من زواياه وجوانبه المختلفة ، فرغم أن المسلمين يزيدون عن المليار ومائتي ألف نسمة إلا أن الضغف والتشرذم و التمزق وردود الأفعال المتباينية والمتاجرة بالمواقف الدينية من السياسيين وضعف الحكومات عن اتخاذ موقف موحد حتى إزاء التطاول على الأسلام و الرسول هو الذي دفع البابا بداية إلي أن يدلي بتصريحه ، ثم التباطؤ فى تقديم الأعتذار ، ثم تقديم إهانة إضافية فى شكل اعتذار ثم تقديم اعتذار مختلف حول قبوله ، الأمر الثاني هو غياب المرجعية سواء السياسية أو الدينية لدي المسلمين ، فهل منظمة المؤتمر الأسلامي هي المرجعية السياسية ومن ثم فقبول عبد الله بدوي للأعتذار الأول هو الموقف الرسمي أم رئيس جمهورية باكستان الأسلامية ؟ أم موقف ابن الرئيس الليبي فمن هو الممثل السياسي للمسلمين ؟ .
أما المرجعية الدينية فهل هي لشيخ الأزهر الذي تأخر عدة أيام حتى أبان عن موقفه ، الذي جاء متناسقا مع موقف الأمين العام للحزب الوطني الحاكم فى مصر ، أم أن اتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي هو المرجعية ، أم اتحاد علماء الأزهر فى مصر ، أم عشرات من المنظمات والتجمعات الأسلامية الأخري ؟
إن أزمة تصريحات البابا تؤكد علي أنه سيظل المسلمون مستباحون ومهانون حتى تكون لهم المرجعية السياسية والدينية القوية التى تجعل غيرهم يهابهم قبل أن يتحدث عنهم أو عن نبيهم ، أما ثقافة وسياسية ردود الأفعال التى عشناها مع الرسوم الكاريكاتورية ومع تصريحات البابا فسوف نظل نعيشها من آن لآخر حتى يدرك الأخرون أن المسلمين صاروا قوة توجب الأحترام .

Total
0
Shares
السابق

حرب الثلاثة والثلاثين يوماً :النصر الذي لم يستثمره العرب

التالي

محاكمة أمريكا فى العراق

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share