من يحاسب مجرمي الحرب الأميركيين ؟

منذ عدة اشهر وانا اتواصل مع جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس لترتيب حلقة معه في برنامجي التليفزيوني «بلا حدود» لكني واجهت صعوبات كبيرة، وكلما رتبنا موعدا يتم الغاؤه في اللحظة الاخيرة بسبب ان اسانج يتحرك بحساسية شديدة على اعتبار انه المطلوب رقم واحد بالنسبة للولايات المتحدة بسبب الوثائق التي ينشرها تباعا عن الانتهاكات التي تمارسها الولايات المتحدة في افغانستان والعراق.
فالوثائق التي اطلعت عليها قبل نشرها بعدة مصادر اعلامية عالمية بينها «قناة الجزيرة» كانت من اخطر ما نشر عن الحرب القائمة في العراق منذ شهر مارس من عام 2003 ليس فقط للمعلومات التي وردت فيها ولكن لكون مصدرها هم الاميركيون انفسهم وانها تشكل اكبر ادانة للتاريخ العسكري الاميركي الحديث، فمعظم وثائق حرب فيتنام لم تنشر حتى الآن، وهي الحرب الاكثر دموية بين صفوف القوات الاميركية حيث قتل فيها ما يقرب من خمسة وخمسين ألف جندي وضابط اميركي.
ولنا ان نتخيل عدد القتلى في صفوف الفيتناميين لا سيما من المدنيين، حيث اكدت الوثائق التي كشف عنها في حرب العراق ان 36% من القتلى في العراق هم من المدنيين، ومن المؤكد ان النسبة في الواقع اعلى من ذلك، حيث لا يهتم الاميركيون بأية عمليات تصنيف كما جاء في الوثائق ايضا للقتلى من العراقيين في كثير من الاحيان ومنها عدد الضحايا الذين سقطوا في معركة الفلوجة في عام 4 0 0 2 والتي كانت من اكثر المعارك دموية في تاريخ الاحتلال الاميركي للعراق.
وهذا يشير الى ان النسبة التي لم يحصها الاميركيون من القتلى ربما تكون الاعلى في ظل الاعتراف الاميرىك ايضا بأن نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته والذي يحظى بدعم اميركي واسع له ولميليشياته الخاصة التي تأتمر بأوامره وتمارس كافة اشكال الجرائم على الساحة العراقية.
كما تؤكد الوثائق الجريمة التي ارتكبتها القوات الاميركية من اول يوم دخلت فيه العراق وهي التقسيم الطائفي للعراق والعراقيين حتى افرز في النهاية رئيس وزراء طائفيا بامتياز حسب الوثائق الاميركية، وهذا فتح المجال امام الاستخبارات الايرانية لتمارس ما تريد على الساحة العراقية حتى اصبح العراق ساحة مستباحة للمخابرات الايرانية وعملائها تحت سمع القوات الاميركية المحتلة وبصرها، وكأن العداء الاميركي لايران ليس سوى قشرة للتغطية على العلاقات الخفية او التغاضي الاميركي عن الدور الايراني في العراق.
ابشع ما في هذه الجرائم هو قتل الاطفال او قتل الاب والام امام اطفالهما، او قتل الاطفال امام آبائهم وامهاتهم.
كثير من القصص والروايات الصحفية تم تداولها على مستوى واسع حتى في الصحف الاميركية عن بعض الجرائم التي ارتكبتها القوات الاميركية في كل من افغانستان والعراق لكن هذه هي المرة الاولى التي يتم التأكيد فيها على كثير من هذه الجرائم من خلال وثائق عسكرية اميركية.
ان كشف هذه الجرائم سيلعب ـ دون شك ـ دورا في تقليلها وتحجيمها وفتح باب الحساب للمجرمين الذين ارتكبوها، واذا كانت الولايات المتحدة تستقوي بقوتها العسكرية وتحول دون التحقيق في هذه الجرائم فان دوام الحال من المحال وتوثيق هذه الجرائم الآن هو الاهم حتى يأتي يوم الحساب.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
وليد حاج

وليد حاج ج1: رسالة المرأة الشيشانية ورحلته إلى أفغانستان وانضمامه لطالبان

التالي
وليد حاج

وليد حاج أحد معتقلي جوانتنامو (2) : مقتل أحمد شاه مسعود.. وأحداث 11 سبتمبر ..والهجوم على افغانستان

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share