الإسلاميون بعد عشر سنوات من حرب جورج بوش

بعد عشر سنوات من الحرب الصليبية التي اعلنها جورج بوش على الإسلاميين بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 تصدر الإسلاميون المشهد الانتخابي في دول الربيع العربي واصبحوا هم القوة الرئيسية التي لجات اليها الشعوب بديلا عن الانظمة الديكتاتورية التي زرعها الغرب وحماها ورعاها طوال العقود الماضية، ورغم ان الحرب التي اعلنها بوش كانت في ظاهرها ضد التطرف الإسلامي الا انها في حقيقتها لم تستثن احدا منهم حتى المسلمين العاديين البسطاء الذين هاجروا من عشرات السنين للولايات المتحدة وكثير منهم لم يعد يحمل من الإسلام الا اسمه فقط تعرض كثيرون منهم ومازالوا لمهانات واعتقالات وتحقيقات ومصادرة اموال ومظالم ليس لها نهاية،اما الإسلاميون الذين وجهت لهم اصابع الاتهام فحجم ما تعرضوا له من مظالم ليس له حدود، وقد انعكس هذا على الإسلاميين في دول العالم الإسلامي حيث امعن الحكام الفاسدون المدعومون من الغرب في تجبرهم على كل متدين وفتحت السي آي ايه خزائنها لاجهزة الامن في كل من سوريا وليبيا ومصر وتونس ودول اخري حتى تنوب عنها في عمليات التعذيب وانتزاع الاعترافات من الإسلاميين الذين قبض عليهم أو تم تلفيق التهم اليهم، وقد روى كثير من هؤلاء في كتب نشرت فيما بعد أو لقاءات تليفزيونية أو حتى لقاءات خاصة عقدتها مع كثير منهم تحدثوا فيها عن مظالم ومآسي من الصعب ان يتخيلها الانسان أو يدركها.
بعد الحادي عشر من سبتمبر عقد حسني مبارك وزين العابدين بن علي ومعمر القذافي وعلي عبدالله صالح وغيرهم ممن ربطوا مصالح بلادهم بالمصالح الاميركية اتفاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية تقوم على الحرب على كل ما هو إسلامي واعتقد مبارك ان هذا هو الكارت الذي سيمكنه من توريث الحكم لابنه وكذلك معمر القذافي وكل ابنه سيف وابناءه الآخرين حتى يقوموا بمهمة التفاوض مع ا لولايات المتحدة والغرب من اجل توريث الحكم مقابل ان تقدم ليبيا عشرات المليارات إلى الغرب كتعويضات عن الجرائم التي ارتكبها القذافي وان تفتح ابوابها لهم ليرتعوا بها كما يشاؤون وكذلك فعل بن علي الذي قيل انه كان يعد زوج ابنته ليحكم من بعده فيما اكدت مصادر كثيرة ان زوجته ليلى كانت تطمح ان تحكم تونس من بعده،اما علي عبدالله صالح فلم يخف حتى بعد توقيعه للمبادرة الخليجية انه يعد ابنه لخلافته، لم يكن يعلم هؤلاء ان اقدار الله سباقة وان الشعوب التي اكتوت بنيرانهم قد افاقت وقررت ان تأخذ زمام الحكم بأيديها هي وان تزيل هؤلاء الحكام الفاسدين من كراسي الحكم إلى مزابل التاريخ، وان يجد الغرب نفسه لا خيار امامه سوى ان يتعامل مع الاعداء الذين ظل يقلب عليهم الانظمة طوال السنوات الماضية وهم الإسلاميون، وفجأة ظهرت علينا هيلاري كلينتون وغيرها من المسؤولين الاميركيين ليقولوا بعد عشر سنوات فقط من الحرب الصليبية التي اعلنها جورج بوش انهم لا غضاضة لديهم في التعامل مع الإسلاميين بعدما اصبحوا هم خيار الشعوب، وكان المشهد تاريخيا في معظم الدول التي ترك للشعوب ان تختار من يحكمها، ففي تونس فازت حركة النهضة التي شرد ابناؤها طيلة العقود الماضية في اصقاع الدنيا ومن بقي منهم في تونس قضوا في سجون بن علي اياما سوداء وحينما سمعت من اكثر من معتقل منهم وسائل التعذيب التي تعرضوا لها ادركت حجم التفنن في ايذاء البشر الذي اخترعه زبانية بن علي في تعذيب الناس، هؤلاء المطاردون في اصقاع الدنيا أو المغيبين في غياهب السجون اصبحوا هم خيار الشعوب، ووجد راشد الغنوشي زعيم الحركة الذي خرج هاربا لا يجد بلدا يؤويه قبل عشرين عاما نفسه يستقبل في اروقة الحكم وقصور الرؤساء شأنه شأن اي زعيم عالمي فيما هرب بن علي تحت ستر الليل واصبح الآن في مزبلة التاريخ، وفي المغرب حينما ترك للشعب ان يختار اختاز الإسلاميين وكلف ملك المغرب بعد ساعات من اعلان النتيجة الزعيم الإسلامي عب الاله بن كيران حتى يشكل الحكومة، وفي مصر حقق الإسلاميون اكتساحا في الجولة الاولى من الانتخابات ويعتقد ان تكون نتائج الجولات التالية في نفس الاطار، وان يشكل الإسلاميون الحكومة القادمة في مصر، وفي ليبيا ظهر الإسلاميون في مشهد الثورة وكذلك في اليمن، مما يعني ان حرب بوش الصليبية قد جاءت بالإسلاميين بعد عشر سنوات حتى يحكموا بلادهم وان سنن الله غلابة في النهاية، لكن هذا لا يعني ان الثقة التي منحتها الشعوب للإسلاميين هي ثقة مطلقة وانما هي ثقة مرهونة بما سوف يقدمه هؤلاء للشعوب من التزامات واداء للامانة، فالشعوب منهكة وتبحث عن العزة والكرامة والحياة الآدمية والعدالة والحرية والمساواة وكل القيم الانسانية التي حرمت منها تحت حكم الانظمة الاستبدادية، فهل سينجح الإسلاميون في تحقيق احلام ومطالب الشعوب؟

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
أسامه ياسين

أسامة ياسين (5) : يكشف تفاصيل وأحداث ومراحل موقعة الجمل

التالي
أسامه ياسين

أسامة ياسين (6) : سقوط الشهداء برصاص القناصة.. ومليونية الرحيل

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share