فزاعة الإخوان المسلمين

ضيّف الزميل محمد كريشان على شاشة قناة «الجزيرة» يوم الجمعة الماضى 22 يونيو 2012، أحد الصحفيين المصريين الذى كان متحاملا بشكل كبير على جماعة الإخوان المسلمين، وهذا أمر عادى درج عليه خلال الفترة الماضية كثير من الليبراليين واليسار وأتباع النظام السابق وغيرهم، فى ظل حالة الاصطفاف والاستقطاب الحادة التى حدثت بين الطرفين خلال الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، وأصبحت فزاعة الإخوان المسلمين سلاحا قويا لتخويف المصريين وعموم الناس منهم، لكنى فوجئت بهذا الصحفى ودون أدنى مسئولية أو مصداقية أو مهنية يعلن أن قوات الأمن المصرية ضبطت صباح هذا اليوم كمية كبيرة من الأسلحة والصواريخ «العابرة للدول» كما جاء على لسانه لدى أشخاص ينتمون إلى الإخوان المسلمين، وهذا على حد زعمه لإشعال حرب أهلية فى مصر إذا لم يفز مرشح الإخوان المسلمين فى الانتخابات محمد مرسى، كريشان كان مشغولا بإنهاء المقابلة لانتهاء الوقت فلم يرد عليه، وأنهى المقابلة. بحثت فى كل وسائل الإعلام فى ذلك اليوم حتى أجد أصلا للخبر فلم أجد على الإطلاق، لكنى وجدت الأخبار العادية التى تنشر كل يوم عن ضبط أسلحة هى فى أغلبها مهربة من ليبيا إما فى طريقها إلى قطاع غزة وإما إلى أماكن أخرى خارج مصر وعادة ما يقوم بها تجار سلاح، لكن أن يتم تمرير خبر مثل هذا بهذه الطريقة على شاشة قناة مشاهدة مثل «قناة الجزيرة» دون أى وازع أو ضمير من أجل نشر الفتنة والتخويف فهذا أمر مريب للغاية، وليس سوى جزء من مخطط بدأ مع إعلان المرشح أحمد شفيق بأن الإخوان المسلمين سيقومون بتأجير قناة السويس للإنفاق على مشروعهم، وكانت هذه الإشاعة فرية كاملة الأركان أنكرها الإخوان، لكن حجم الشائعات الذى بدأ ينتشر لم يترك مجالا إلا وحشر الإخوان فيه وجعلهم فى مواجهة مع كافة عناصر المجتمع، بدءا من أنهم سوف يفرضون إطلاق اللحى ولبس الجلاليب على الرجال، وفرض الطرح والخمار على النساء، إلى قيامهم بفصل الأقباط من وظائفهم، إلى غير ذلك، لكن أطرف وأخبث ما نشر فى حملة التخويف والشائعات نقله صديق لى، أنه سمع سيدتين تنتميان للطبقة الراقية تقول إحداهما للأخرى إن الإخوان سوف يفرضون الختان على نساء مصر كبارا وصغارا! فصرخت الأخرى وقالت: لا لا.. كله إلا كده، فعادت الأولى وأكدت عليها أنهم سوف يضعون هذا كأحد شروط الزواج، فصرخت الثانية. أما حجم الشائعات التى تتناول الأقباط والفنانين والمبدعين والنساء فلا حصر لها وتسرب وفق ماكينة مدربة من أجهزة تعرف كيف تصنع الشائعة وتنشرها بين الناس كالنار فى الهشيم ولا تكاد شائعة تخرج حتى تتبع بأخرى، لكن أخطر الشائعات هو ما يتحدث عن السلاح والفوضى والحرب الأهلية، والعجيب أن صحفيين وإعلاميين وصحفا صفراء دخلت بكل قوتها فى هذا الأمر لتؤجج نيران الفتنة وتضفى على فزاعة التخويف أجواء مرعبة، وتربط بين ما حدث فى الجزائر وحتى الصومال وحتى أفغانستان وما يمكن أن يحدث فى مصر. إن ما يحدث ليس وليد ردود أفعال بسيطة أو أفكار ساذجة بل يجرى وفق مخطط تشارك فيه أجهزة على مستوى عال ربما داخل مصر وخارجها، لعبت ولا تزال وستظل تلعب دورا أساسيا فى تضليل هذا الشعب، ولعبت ولا تزال تلعب على عواطفه وبساطة كثير من أبنائه، وتخشى من فتح ملفاتها المملوءة بالفساد، لذلك تسعى إلى استخدام فزّاعة التخويف التى نجحت إلى حد ما فى صناعة حجم لا بأس به من الخوف والكراهية للإخوان، لكن الإخوان قادرون على محو هذه الأكاذيب إذا صدقوا النوايا وقدموا نموذجا يراعى مصالح الناس وينصر الضعيف ويقيم العدل ويرفع الظلم، أما إذا غرقوا فى التفاهات واستجابوا للاستفزازات فإنهم سيقعون فى الفخ وتدخل مصر دوامة لا يعلم إلا الله متى تخرج منها، فهل يعى الإخوان تفاصيل اللعبة ويتجنبونها؟ وهل يعطى الشعب الفرصة للإخوان والقوى الوطنية حتى يأخذوا دورهم فى خدمة هذا الشعب ثم يحاسبهم بعد ذلك أم يظل أسيرا لهذه الأكاذيب؟

Total
0
Shares
السابق

عهود محمد مرسى

التالي

من الشعب إلى «الإخوان»

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share