مع وزير العدل أحمد مكي (1)

«حلم حياتى أن يكون هناك قضاء مستقل فى العالم العربى، فهذا هو المدخل للقضاء على الفساد والاستبداد، واستقلال القضاء مرهون بتحقيق الديمقراطية»، بهذه العبارة بدأ وزير العدل المصرى، المستشار أحمد مكى، حديثه معى حينما زرته فى مكتبه فى مقر وزارة العدل فى القاهرة الأسبوع الماضى للتعرف على الخطوات التى يقوم بها من أجل استقلال القضاء، وما يشاع عن دوره فى تقييد الحريات عبر إعادة صياغة قانون الطوارئ، لكن السؤال الذى شغلنى فى البداية هو ما تساءل عنه كثيرون عن سر اختيار الرئيس المصرى محمد مرسى لثلاثة من كبار قضاة تيار الاستقلال ليضعهم فى مناصب مرموقة فى حكومته؛ الأول نائبه المستشار أحمد مكى وقد سبق أن كتبت عن دوره فى الثورة، والثانى شقيقه الأكبر محمود مكى، نائب رئيس محكمة النقض، الذى عينه مرسى وزيراً للعدل، والثالث هو المستشار هشام جنينة الذى عينه «مرسى» رئيساً للجهاز المركزى للمحاسبات، السر باختصار شديد لخصه المستشار أحمد مكى فقال: لقد كان الرئيس مرسى فى العام 2005 يقف معنا على سلالم نادى القضاة ويتظاهر معنا ونحن ننادى باستقلال القضاء بعد تحويل عدد من القضاة، من بينهم شقيقى أحمد، إلى لجنة الصلاحية، وقد قُبض على «مرسى» وقضى عدة أشهر فى السجن دفاعاً عن القضاة واستقلال القضاء، فلم ينس مرسى هذا الأمر الذى دفع أشهراً من حريته ثمناً له، كما أن الدولة، أى دولة، لا تستقيم دون قضاء حر نزيه ومستقل، فالعدل أساس الملك، وأعتقد أن زمن الفاسدين قد انتهى ومَن أراد أن يخدم بلده فعليه أن يضحى وأن يعطى لا أن ينهب ويسرق، كما فعل الفاسدون من قبل. سألته بعد ذلك عن غابة القوانين والتشريعات المصرية التى صدرت خلال العقود الستة الماضية والتى تصل إلى حد التضارب أو تبرئة الجانى أو تشريع الفساد ووضع مظلة له قال: لقد تناولت أهم موضوع يشغلنى الآن وهو مراجعة كافة هذه التشريعات القائمة لسد أبواب الفساد والظلم وإعانة القضاة على أن يحكموا بالعدل، ومن المقرر أن يصدر قرار عن رئيس الجمهورية بتشكيل «اللجنة العليا لشئون التشريع»، وهذه لن تتدخل فى عمل السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب وإنما تعمل على شبكة القوانين الحالية لمراجعتها وتنقيتها من الشوائب والتضارب، وكذلك تعمل على النظر فى التشريعات الجديدة قبل عرضها على مجلس الشعب لإقرارها حتى تنال الرضا والقبول وأن نستغنى تماماً عن التشريعات الاستثنائية من طوارئ وغيرها، حينما نظرت فى مسودة القرار، الذى لم يصدر بعد، ومقدمته وجدتها جديرة بأن يقرأها القراء معى لبلاغتها ودقتها تقول الديباجة: «حيث إن إقامة العدل بين الناس هى رسالة الحاكم وهى الأمانة الملقاة على عاتقه، وأنه لا سبيل إلى إقامة العدل بغير سيادة القانون، وأن سيادة القانون لا تتحقق إلا بخضوع الأفراد لنصوصه أو إلزامهم جبراً بالتقيد بأحكامه، فذلك أمر قد يكفله الحاكم بسطوته، ولكن سيادة القانون تعنى فى المقام الأول أن ينبع القانون من ضمير الأمة ويعبر عن إرادتها تعبيراً صحيحاً صادقاً فتخضع السلطة لأحكامه ويكون هو الأساس الوحيد لشرعيتها ومشروعية أعمالها.. وحيث إن ثورات الشعوب على المظالم لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا إذا صارت قوانين حاكمة وإلا بقيت شعارات وأمانى وهو ما يلقى عبئاً على سلطة التشريع ومن ثم فمن الأوفق أن يجتمع أكبر عدد متاح من الخبراء لإعداد مشروعات القوانين واستطلاع رأى الأمة ليتلقوها بالرضا والقبول قبل بدء عرضها على السلطة التشريعية المختصة». وتضيف الديباجة نص مواد القرار قائلة: «إن الالتجاء إلى التشريعات الاستثنائية إذا استطال أمره خليق بأن يفسد طبائع الناس وأن يهز الثقة فى القانون والنظام، ويحمل السلطة فى الوقت ذاته على اللجوء إلى هذا السبيل والمضى فيه، ذلك أن الأصل فى القانون أن يحفظ على الناس كرامتهم وعزتهم، فإن هو انحرف عن تحقيق هذا الهدف غدا عقبة بين المواطن وإحساسه بحقوقه واعتزازه بحريته وكرامته وانتمائه لوطنه «نكمل غداً».

Total
0
Shares
السابق

عصر الجماهير الغاضبة

التالي

مع وزير العدل أحمد مكي (2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share