حينما تصبح مصر الدولة العاشرة

التصريح الذى أدلى به توماس نايدز نائب وزير الخارجية الأمريكى ورئيس الوفد الاقتصادى الأمريكى، الذى زار مصر فى 10 سبتمبر الماضى وكان يضم 117 من كبار رجال الأعمال ومدراء الشركات العملاقة فى الولايات المتحدة، والذى قال فيه «إن أحدث الدراسات التى خرجت من الولايات المتحدة تفيد بأن الاقتصاد المصرى سوف يصبح واحداً من أكبر 10 اقتصاديات فى العالم» مر دون أن يتوقف عنده الكثير من الاقتصاديين ورجال السياسة المصريين الغارقين فى الصراعات وتشكيل التحالفات التى يسعون من خلالها لمواجهة الإسلاميين فى الفترة القادمة، وما يقومون به هو من حقهم دون شك، لكن تحالف كل القوى الساسية المصرية فى هذه المرحلة من أجل تحقيق الاستقرار وجذب رؤوس الأموال والاستثمار ودفع عجلة الاقتصاد للدوران، هو هم وطنى عام يجب أن يتشارك عليه الجميع، وما ذكره توماس نايدز تحدث بمثله وزير الخارجية البريطانى وليام هيج فى 11 سبتمبر خلال ندوة عقدت بمقر السفير البريطانى فى القاهرة حول «تشجيع المشروعات الخاصة وتعزيز المهارات المهنية فى مصر ودور المملكة المتحدة» فى حضور عدد من مدراء الشركات البريطانيين وأصحاب المشروعات العاملة فى مصر، حيث أكد هيج أن «هناك فرصاً كبيرة للاستثمار فى مصر»، وقبل نايدز وهيج أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى حمد بن جاسم بن جبر فى 6 سبتمبر فى مؤتمر صحفى خلال وجوده فى مصر أن قطر سوف تضخ استثمارات فى مصر فى غضون السنوات الخمس القادمة تبلغ 18 مليار دولار، بينها 8 مليارات فى مشروعات ضخمة فى شرق التفريعة فى بورسعيد تتضمن محطات لتوليد الكهرباء والغاز الطبيعى المسال ومصانع فى مختلف الأنشطة، إلى جانب ضخ 10 مليارات دولار فى مشروع سياحى عملاق بالساحل الشمالى يتضمن مَرسَى يخوت بمارينا. وبخلاف الأمريكان والبريطانيين والقطريين، الصينيون واليابانيون وحتى الروس والأوروبيون وغيرهم، الجميع عيونهم على مصر ولديهم مشروعات ضخمة وعملاقة؛ لأن مصر هى الأنسب جغرافياً وسكانياً ومناخياً لإقامتها، والجميع سيقف فى الطابور ينتظر فرصته إذا استطاعت مصر أن تتجاوز عقدة الأمن والمظاهرات الفئوية والإضرابات العمالية، وتضع من التشريعات والقوانين ما يسهل على المستثمرين ويضمن أموالهم، وقد فوت النظام الفاسد السابق على مصر عشرات الفرص الاستثمارية العالمية العملاقة التى ذهبت إلى دول أخرى بسبب الفساد الإدارى الطاغى لهذا النظام، فمصر تحتل موقعاً جغرافياً مميزاً فى قلب العالم العربى وفى قلب الدنيا، وتطل على بحرين وبها نهر النيل، وتمتد مساحتها على قارتين، وبها مناخ متنوع فى الشتاء والصيف بين الدافئ والمعتدل، وبها ثلث آثار العالم، وبها مجال لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وبها أهم مجرى مائى فى العالم، وبها من الموارد الطبيعية والمعادن ما يجعلها فرصة للاستثمار فى جميع المجالات، وبها أنظف رمال فى العالم لصناعة الزجاج والكريستال، وقد أبلغنى المهندس أحمد مكى المدير العام والعضو المنتدب لشركة «جسر الخليج» أول شركة عربية تملك كابلاً بحرياً للمعلومات أن مصر بموقعها الجغرافى هى مطلب أساسى لكل شركات الكابلات حتى تكون الممر الرئيسى بين الشرق والغرب، ويمكن أن يشكل مرور الكابلات البحرية بها دخلاً لا يقل بل يزيد على دخل قناة السويس، وأن سبب عرقلة هذا هو أن صهر الرئيس المخلوع كان وحده الذى يملك امتياز مرور الكابلات وهذا أضاع على مصر مليارات الدولارات، كما ذكرت تقارير كثيرة أن العين السخنة كانت هى البديل العالمى «لهونج كونج» قبل أن يسلمها البريطانيون للصينيين، غير أن النظام الفاسد أدى إلى أن تنصرف الشركات إلى جبل على فى دبى بعد أن عرقلوا المشروع بسبب العمولات الباهظة التى طلبوها، ولا أنسى هنا مقولة أحد رجال الصناعة الأتراك الذى يقيم أكثر من مصنع فى مصر حينما قال «إن المصريين لا يدركون القيمة الحقيقية لبلادهم وفرص النمو والنجاح الموجودة بها، وهذا ما يجعلنا نأتى للاستثمار بها»، وفوق كل ذلك فمصر تملك أهم شىء وهو الإنسان المصرى المبدع والماهر، الذى لو تم إزالة القشرة التى ترسبت عليه من الأنظمة الفاسدة، لأصبح أفضل صانع ماهر فى العالم.

Total
0
Shares
السابق
عدنان سعد الدين

عدنان سعد الدين ج3 : مذبحة حماة الأولى..وصول الأسد للحكم..والصراع الداخلي بين الإخوان

التالي

الصندوق الأسود لجمال عبدالناصر (1)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share