التدليس الإعلامى والسياسى فى أحداث الجمعة

رغم أن كل أعضاء جبهة الإنقاذ لبوّا نداء شيخ الأزهر يوم الخميس الماضى 31 يناير ووقّعوا على وثيقة لإدانة العنف فى مصر بكل أشكاله، إلا أن بعضهم ربما شعر بالتورُّط فى التوقيع على هذه الوثيقة، فسارع حمدين صباحى إلى إصدار بيان فجر الجمعة 1 فبراير وهو المعروف عنه أنه يقوم الليل وينام النهار كأنما يتنصل فيه من التوقيع على الوثيقة، كما قام الدكتور عمرو حمزاوى وزوجته الفاضلة بقيادة مظاهرة من مسجد رابعة العدوية فى مدينة نصر إلى قصر الاتحادية وبقيا هناك حتى تم قذف القصر الجمهورى بكرات اللهب حتى اشتعلت الحرائق فى حديقة القصر الداخلية ثم أعلن انسحابه، وهذا أمر يحدُث للمرة الأولى فى تاريخ القصر، وبقى العالم كله يشاهد عبر شاشات التليفزيون الحرائق وهى تشتعل فى قصر الشعب لا قصر الرئيس محمد مرسى، والاعتداء على قصر الشعب هو اعتداء على ممتلكات الشعب، لا على ممتلكات محمد مرسى، ومن ثم كان يجب أن ينتفض كل صاحب خُلق من السياسيين إن كانت هناك بقية من الأخلاق لديهم لإدانة إحراق قصر الشعب والتأكيد على الوثيقة التى لم يجف حبر توقيعاتهم عليها، لكنهم يعتقدون من خلال هذه التصرُّفات الصبيانية ضد مصر وشعبها لا ضد مرسى وجماعته كما يعلنون أنهم سوف يسقطون مرسى إذا تم إحراق القصر أو اقتحامه، وهنا أريد أن أسأل الشعب المصرى أجمعه أين القصر الرئاسى أو الملكى فى كل الدنيا الذى يُسمح للمتظاهرين بمحاولة اقتحامه ومحاصرته والهجوم عليه بكرات اللهب وقنابل المولوتوف بينما تقف الشرطة عاجزة عن دفع المعتدين، والشعب الذى هو صاحب القصر يكتفى بالمشاهدة؟ إن القوانين فى كل الدنيا تتيح لكل مواطن عادى إذا تعرّض مسكنه للاعتداء أن يدافع عن بيته، وإذا اقتُحم بيته يمكنه قتل المقتحمين دون أن يقع عليه أى عقاب وفق قانون العقوبات، لأنه يكون فى حالة دفاع عن النفس. كل القصور الرئاسية فى كل الدنيا لها حَرَم ومن يتجاوز حرم القصر أو يحاول الاعتداء عليه يُطلق عليه الرصاص فوراً وعلى رأسها البيت الأبيض، إن معظم قصور الحُكم فى كل الدنيا يطلق عليها «قصر الشعب» ومن ثم فإن حمايتها واجب على الشعب أولاً لأنها رمز لسيادته، والقصر الرئاسى رمز لسيادة مصر وانتهاكه بهذه الطريقة هو انتهاك لسيادة وحق كل مصرى، وتهاوُن الشرطة والحرس الجمهورى ورئيس الجمهورية فى حماية القصر هو تهاوُن فى حق كل المصريين. ما إن وصلت الأحداث إلى ذروتها وتدخل الأمن فى النهاية بعدما أصبحت الحرائق على أسوار القصر وفى داخله، وبدا أن مخطط جبهة الإنقاذ فشل فى هذه الجمعة، حتى ظهر الرصاص الحى من قبل البلطجية الذين كانوا يهاجمون القصر وقتل شاب برصاصة فى عنقه، لأن الشرطة لم تعد تمتلك الرصاص الحى وإنما الخرطوش، والتعليمات الموجهة إليها ألا تستخدمه إلا عند الضرورة القصوى، ومع كل فشل للمظاهرات التى تدعو إليها أو يقودها أبطال جبهة الإنقاذ يظهر الرصاص الحى ويُقتل المتظاهرون السلميون، وتضيع دماء الضحايا الأبرياء ويختفى القاتل وتُلصق التهمة بالسلطة والشرطة، حينما قُتل الشباب هرب كل قادة جبهة الإنقاذ من المشهد، وأصبح كل منهم يُدين العنف الذى صنعوه هم ويتهم السلطة العاجزة عن حماية نفسها، وسرعان ما تلاشى كل هذا حينما تم تسريب شريط فيديو للشرطة وهى تجر مواطناً عارياً أو شبه عارٍ مقبوض عليه، حتى عاد الهاربون بسرعة ليلطموا الخدود ويشقوا الجيوب مع منظومة الإعلام المتواطئ، ويتم التغطية على كل الجرائم والحرائق المشتعلة وتصبح القضية هنا هى سحل المواطن وتوجيه كل الأسلحة الإعلامية والسياسية للشرطة وجهازها. وسرعان ما فرّغوا المشهد من مضمونه الحقيقى المتمثل فى الجرائم التى ارتُكبت طيلة اليوم، والبلطجية الذين دفعوهم إلى القصر وقتلهم مواطناً أعزل برصاص حى إلى مشهد السحل وحده، وللأسف الشديد أسقطوا الجميع فى هذا الفخ، وبقى الندب واللطم حتى الصباح. إن هذا التدليس السياسى والإعلامى يؤكد أن مصر تتعرّض لمؤامرة كبرى، أقول مصر لا مرسى أو جماعته، فمرسى سيذهب إن لم يكن الآن فبعد أربع سنوات على الأكثر، ولكن مصر هى الباقية، وهم يريدون حرق مصر وقد ظهروا على حقيقتهم يوم الجمعة حينما حرقوا وقتلوا ثم قلبوا المشهد بالتدليس إلى سحل مواطن، بينما هم يسحلون الوطن كله كل يوم تصاحبهم جوقة الإعلام والإعلاميين الفاسدين. إن هذه الضبابية التى تغطى سماء مصر سوف تنقشع، وسوف يُدين التاريخ كل سياسى فاسد وكل إعلامى مأجور، وسوف تبقى مصر فوق الجميع.

Total
0
Shares
السابق

تخبط الأداء الرئاسى فى مصر

التالي

فخامة الرئيس محمد البرادعى

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share