بوتفليقة .. رغم أنف الجميع !! (2)

غضب بوتفليقة غضبا شديدا من أسئلتي لكني حينما أخرجت له وثيقة من مجلس المحاسبة في الجزائر تتهمه باختلاس حوالي 12 مليون دولار حينما كان وزيرا للخارجية كانت هذه هي الضربة القاصمة، بعدها صب بوتفليقة غضبه عليّ وأخذ يوجه لي الاتهامات أنني أشوه الجزائر وأشوه عهد الرئيس بومدين، وكان أول قرار اتخذه بعد إعلانه رئيسا للجزائر هو إغلاق مكتب قناة الجزيرة الذي لازال مغلقا حتى الآن وربما سيبقى مغلقا طالما بقي بوتفليقة رئيسا.
وأذكر أني في عام 2000 ذهبت لليمن لإجراء حوار مع الرئيس علي عبدالله صالح بمناسبة مرور عشر سنوات على إعلان الوحدة اليمنية. وكان قد وجه الدعوة لمعظم القادة العرب للحضور وقد وجه لي الدعوة لحضور حفل الغداء الخاص بالقادة العرب والدخول للقاعة الخاصة بهم، فوجدت نفسي وسط الجميع بلا حواجز ولا حرّاس وفجأة وجدت نفسي وجها لوجه مع الرئيس بوتفليقة فمددت يدي لأسلم عليه مثلما سلمت على من قبله ففوجئت به يلقاني بحرارة كبيرة ويضمني ويقبلني وكأنما نحن أصدقاء التقينا بعد فراق سنوات طويلة، حتى أنه تفوّق على ياسر عرفات في القبل والأحضان فقلت لعل الرجل تناسى ما حدث بيننا ويريد فتح صفحة جديدة ويعطي أوامره بفتح مكتب قناة الجزيرة الذي أغلق بسبب حواري معه، لكني اكتشفت أن بوتفليقة كان يفعل ذلك مع الجميع وأنه أصبح في ذلك الوقت أكثر شهرة من ياسر عرفات في توزيع القبل والأحضان.
الأكثر من ذلك أن بوتفليقة عصف بالجنرال العربي بالخير عرابه في الانتخابات وداعمه الرئيسي ونفاه سفيرا في المغرب حتى توفي بالمرض الخبيث، بعد ذلك كما كان بوتفليقة أصبح أول رئيس جزائري يخاطب شعبه بالفرنسية، وسرعان ما بدأت الأوضاع تتغير في الجزائر حتى ضرب المرض بوتفليقة في عام 2005، ودخل المستشفى العسكري في باريس للعلاج من قرحة في المعدة، وبدأ غيابه بعد ذلك يثير التساؤلات دون أن يتحدث أحد عن إبعاده حتى حدثت له الجلطة الدماغية في شهر إبريل من العام الماضي 2013 والتي أبعدته عن الجزائر ثلاثة أشهر في باريس لم تتوقف الإشاعات خلالها حتى ظهر على كرسي متحرك وهو في النقاهة التي لم يخرج منها حتى اليوم.
وكانت المفاجأة أن يعلن عن ترشحه لفترة رئاسية لم يظهر فيها إلا وهو يشكو منافسه الرئيسي في الانتخابات رئيس الحكومة السابق علي بن فليس الذي فوجئ الجميع بشعبيته العارمة التي ربما تكون نكاية في بوتفليقة ورسالة من الشعب أنه يريد رئيسا جديدا، فشن هجوما على بن فليس في حضور وزير الخارجية الإسباني خلال المؤتمر الصحفي الذي ظهر فيه معه وكان ظهوره ربما الوحيد خلال الحملة الانتخابية التي وصفها بعض المراقبين بأنها عرس بلا عريس، حيث حشدت الدولة كل إمكاناتها والتف معظم المسؤولين السابقين لدعم الرجل المريض ليتولى الرئاسة لمرة رابعة ويبلغ مرضه درجة أنه حينما تحدث في حضور وزير الخارجية الإسباني كان صوته خافتا كأنما يتكلم من فراش المرض، وقد اتهم بن فليس بالإرهاب وتهديد الولاة حال تزوير الانتخابات وهو ما نفاه بن فليس وشن هجوما على بوتفليقة قال فيه «إذا انتخبت فلن أجلب إخوتي وأصدقائي للرئاسة» وهو إسقاط مباشر على بوتفليقة الذي يتهم بأنه جلب إخوته وأصدقاءه حتى أن أقوى رجل في الرئاسة بعده هو شقيقه الأصغر ومستشاره الخاص سعيد بوتفليقة الذي تقول الصحف الجزائرية إنه يتمتع بصلاحيات واسعة.
الجزائر الآن على مفترق طرق وكما يقول الخبراء إذا جرت انتخابات نزيهة فإن بن فليس هو الرئيس القادم أما إذا جرت كما تجرى كل مرة فإن بوتفليقة المريض هو الرئيس لولاية رابعة رغم أنف الجميع.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

بوتفليقة .. رغم أنف الجميع !! (1)

التالي

مهمة الرئيس الأفغاني الجديد

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share