هل ستغادر الولايات المتحدة المنطقة ؟

الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الجمعة الماضي 13 يونيو حول ما يجري في العراق ليس خطابا عاديا على الإطلاق إنما يؤكد على استقراءات عديدة ظهرت خلال الفترة الماضية تعكس تغيرا واضحا في السياسة الأميركية تجاه العراق والمنطقة.
فقد أكد الرئيس الأميركي الذي قامت سياسة بلاده على الحرب على تنظيم القاعدة والمتطرفين الإسلاميين بشكل عام في أنحاء المنطقة على أن بلاده تدرس كل الخيارات بشأن الوضع في العراق, لكنه شدد على أن الولايات المتحدة لن تتورط في عمل عسكري هناك في غياب خطة سياسية يقدمها العراقيون، وأكد أوباما على أن البيت الأبيض سوف يتشاور مع الكونجرس بشأن ما يجب القيام به في العراق، الرسالة الأهم الأخرى هو اعتراف أوباما بالخطأ الفادح الذي ارتكبته إدارته في دعمها المطلق لنوري المالكي رغم طائفيته المتطرفة وفشله الكبير في إدارة الدولة، وإصرار إدارة أوباما على دعمه بعد انتخابات 2010 بالتنسيق مع الإيرانيين ثم جاءت هذه الهزيمة الساحقة الماحقة لجيشه الطائفي لتضع الأميركيين في مأزق كبير.
هذا الكلام يؤكد على أن الولايات المتحدة التي عانت من احتلالها للعراق طوال عشر سنوات ليس لديها مانع من قيام حرب أهلية في العراق مثل الحرب القائمة في سوريا، وليس لديها مانع من دخول الإيرانيين رسميا ليذوقوا الويلات على يد العراقيين بل ألمح أكثر من كاتب أميركي من المقربين من الإدارة الأميركية أنهم ينتظرون وصول فيلق القدس الإيراني الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني أحد قادة الحرس الثوري الإيراني وبذلك يشربوا من الكأس التي شرب منها الأميركان، وليس لدى الولايات المتحدة مانع أن يكون لداعش أو غيرها موطئ قدم ولكن لا يبسطوا أيديهم على كل العراق كما أشار أوباما، هذه التصريحات ليست عشوائية وإن كانت عشوائية فإنها تعكس إفلاسا استخباراتيا أميركيا هائلا، أما إن كانت مدروسة وهذا ما أرجحه فهذا يعني أن الولايات المتحدة التي كان لها أكثر من 75 قاعدة عسكرية في العراق وحده بعد احتلاله هي بصدد إعادة النظر في وجودها العسكري ونفوذها الكبير في المنطقة كلها، وهي على سبيل المثال لها عشرات القواعد العسكرية في المنطقة من بين أكثر من ألف قاعدة عسكرية تنتشر في 140 دولة حول العالم، بعضها يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية وبعضها لا سيما الموجودة في المنطقة العربية يعود إلى ما بعد غزو العراق للكويت في العام 1990 أو ما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
وبعد العراق تتركز القواعد الأكبر في الكويت التي يطلق عليها معسكر الدوحة وفي قطر حيث تقع قاعدة العديد الجوية وفي البحرين حيث مقر الأسطول الخامس الأميركي، وفي الأمارات حيث توجد قاعدة وميناءان بحريان ومستودعات، وفي عمان حيث توجد قاعدة جوية، وفي السعودية حيث قاعدة الأمير سلطان الجوية، وفي مصر حيث توجد قاعدة جوية غرب القاهرة وتواجد في قواعد أخرى، وفي الأردن حيث توجد قاعدتان جويتان في الرويشد ووادي المربع، هذا بخلاف القواعد الموجودة في تركيا وآسيا الوسطى أفغانستان وإريتريا، ومع قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق وأفغانستان وخفض استيرادها من نفط المنطقة إلى الثلث فإنها تريد أن تتفرغ لمواجهة المارد الصيني القادم، وتبقى خياراتها مفتوحة ومنها هل تغادر وتترك المنطقة تغرق في الفوضى كما تفعل دائما حينما تنسحب من أي مكان أم ستؤخر خروجها إلى حين؟.
الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
الهادي البكوش

الهادي البكوش ج5 : نشأة نظام التعاضد..وأسباب تذمر الشعب منه

التالي

الشيطان الأكبر.. أصبح الأخ الأكبر!

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share