انتصار الشعب التركي

نشر المقال فى 17 يوليو 2016

مشهد المواطنين الأتراك الذين استجابوا لنداء الرئيس رجب الطيب أردوغان بالخروج للشوارع والميادين والمطارات وهم يواجهون الدبابات التركية بأذرع خالية لإفشال المحاولة الانقلابية لا يمكن أن ينسى في التاريخ، فالشعب التركي التي اكتوى بنيران العسكر الذين حكموا البلاد بعد عدة انقلابات عسكرية سابقة قال للعسكر لن تعودوا لحكمنا من جديد، كثير من المشاهد والصور أظهرت الجنود الذين يحملون أسلحتهم وهم خائفون من الحشود الشعبية التي لا تحمل في أيديها أي سلاح فقط الهتاف ضد العسكر «عودوا إلى بيوتكم» لن تعودوا لحكمنا من جديد.
المحاولة الانقلابية كانت تحمل كل عوامل الفشل من اللحظة الأولى، فمن ناحية التوقيت الانقلابات العسكرية عادة ما تجرى بعد منتصف الليل ويكون البيان العسكري الأول الذي يتحدث عن الانقلاب وأهدافه هو أول ما يصدر عن العسكر، لكن ما حدث يمكن وصفه بأنه تمرد وسلوك فوضوي أكثر منه محاولة انقلابية فمعظم قادة الجيوش لم يشاركوا ولم يؤيدوا ومن الواضح أن الذين شاركوا كان أغلبهم في أنقرة من سلاح الطيران بينما في اسطنبول من الدرك والمشاة وأن هدفهم من التحرك لم يكن واضحا بشكل كبير، لكن دون شك أحدث ربكة وضبابية في المشهد لعدة ساعات على الأقل حتى ظهور الرئيس عبر سكايب على إحدى القنوات التليفزيونية التركية، وما لفت نظري في ظهور أردوغان هو أنه كان هادئا في الحديث وليس حماسيا كما هي عادته حتى ان الرئيس السابق عبد الله جول حينما ظهر بنفس الطريقة كان أكثر حماسا وأشد هجوما على الانقلابيين، لقد لعبت استجابة الشعب التركي لنداء الرئيس بالنزول إلى الشوراع والميادين والمطارات رغم أن نداءه كان في منتصف الليل تقريبا واستجابة الشعب بشكل كبير لهذا كان هو السبب الرئيس وراء فشل الانقلاب حيث انتصر الشعب بإرادته على العسكر المسلحين بالدبابات والأسلحة وكان مشهد الدبابات وهي تنسحب مسرعة أمام الجموع الغاضبة مؤشرا مبكرا على أن الانقلاب قد فشل، أيضا كان موقف الشرطة مختلفا فهذه من المرات القليلة في محاولات الانقلابات العسكرية التي تقف فيها الشرطة ضد الجيش حتى أن ضباط الشرطة اعتقلوا كثيرا من ضباط الجيش، واللافت أيضا أن الذي يقوم بالتحقيق هو النيابات العامة التابعة لوزارة العدل وليس محاكم عسكرية وهنا يقف العسكر أمام محاكم مدنية حيث يبقى القانون هو سيد الموقف رغم كل ما جرى، هذه المحاولة الانقلابية ستقوي وضع أردوغان وسوف تفتح له المجال ليطهر الجيش بل ومؤسسات الدولة الأخرى من المناوئين له وسوف تجعل عسكر تركيا يعودون لأدراجهم ربما إلى الأبد طالما أن الشعب قرر ألا يتخلى عن النظام الديمقراطي مهما كان الثمن.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق
حسن الترابي

حسن الترابي ج14 : الخلافات مع الرئيس عمر البشير..وإلغاء العسكر المؤتمر الإسلامي

التالي

فتح الله غولن والكيان الموازي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share