الصراع بين المخابرات العسكرية و العامة على أجهزة الإعلام (2)

نشر المقال فى 17 نوفمبر 2016

مع سقوط وزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة في أعقاب ثورة 25 يناير برز جهاز المخابرات العسكرية كبديل، رغم أن المخابرات العسكرية دورها الرئيسي هو العمل داخل الجيش وتحديدا لمراقبة ضباط الجيش وسلوكياتهم وعمل ملفات لهم، لكن جاءت فترة حكم المجلس العسكري لتبدأ المخابرات العسكرية مرحلة القيام بدور «أمن الدولة» التي تم فكها وتسميتها «الأمن الوطني» بعد ذلك.
وقد تصدر عبد الفتاح السيسي الذي كان رئيسا للمخابرات الحربية آنذاك القيام بهذا الدور وتحدث في أحد الأشرطة المسربة التي تم بثها عن بناء «الأذرع الإعلامية» لكنه لم يبذل جهدا كبيرا في صناعة هذه الأذرع لأنها كانت جاهزة ولأن جهاز الأمن الوطني الذي أصبح بديلا لأمن الدولة شكل كجهاز تابع للمخابرات الحربية فقد ورثت المخابرات الحربية الملف كاملا، وأصبح ضباط الأمن الوطني أو أمن الدولة مجرد تابعين لضباط المخابرات الحربية، وأصبحت المخابرات الحربية تدير كل ملفات الداخلية، بل أصبحت وزارة الداخلية من الوزير وحتى آخر مخبر مجرد فرع للمخابرات الحربية.
ولأن المخابرات العامة كانت تقتسم مع أمن الدولة كيكة الفضائيات والإعلاميين وكتاب الأعمدة والصحفيين بشكل عام، فقد دخلت المخابرات الحربية في صراع واضح ومكشوف مع المخابرات العامة التي تخضع رسميا للرئيس وليس للجيش، ولأن الرئيس هو القائد السابق للمخابرات الحربية فقد سعت المخابرات العامة إلى الحفاظ على كيانها باعتبارها كيانا مستقلا داخل الدولة شكل في منتصف خمسينيات القرن الماضي على يد المخابرات المركزية الأميركية، وكان أول رئيس لها زكريا محيي الدين رجل الملفات السوداء في عهد عبد الناصر.
وقد بقيت المخابرات العامة شبه مستقلة عن أجهزة الدولة الأخرى بميزانيات خاصة وكان رئيسها دائما يأتي من الجيش ولا يقضي أكثر من أربع سنوات، والوحيد الذي خرق هذا النظام هو عمر سليمان الذي تمكن من وضع يده على كثير من بنيان الجهاز، بينما الذي كان يديرها فعليا هم الوكلاء، الذين لم يكونوا أيضا يلمون بكل شيء، فقد أصبحت المخابرات العامة من أغنى الأجهزة وأكثرها استقلالية من خلال شبكة عنكبوتية من الشركات والشراكات داخل مصر وخارجها، وأصبح كل جنرالاتها السابقين مديرين لهذه الشركات وتداخلت الخصوصية مع ملكية الدولة في كثير من الأحيان حتى أن هناك رجال أعمال بارزين عرفوا بأنهم ليسوا سوى واجهة بشركاتهم للمخابرات العامة، بينما معلومات باقي أجهزة الدولة بما فيها الرئاسة محدودة عن الجهاز وأعماله وأملاكه، ظل بعض رجال الأعمال على علاقتهم القديمة بالمخابرات العامة لم يغيروها وكذلك الإعلاميون الذين كانوا يعملون معهم وهؤلاء يعتبرون أنفسهم أعلى درجة ومكانة من باقي الإعلاميين الذين كانوا يعملون مع أمن الدولة، وهو الفارق بين ضباط أمن الدولة وضباط المخابرات ولأن المخابرات الحربية ورثت كل ميراث أمن الدولة من الإعلاميين ورجال الأعمال فقد قام صراع بين الطرفين واصبح كل منهما يستخدم رجاله.

للمزيد

الصراع بين المخابرات الحربية و العامة على أجهزة الإعلام (1)

Total
0
Shares
السابق

الصراع بين المخابرات الحربية و العامة على أجهزة الإعلام (1)

التالي

المخابرات الحربية والسيطرة على الإعلام في مصر

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share