مجلس الأمن وقراراته العبثية

نشر المقال فى 8 ديسمبر 2016

استخدام روسيا والصين لحق النقض الفيتو في مجلس الأمن يوم الاثنين الماضي ضد مشروع قرار لوقف إطلاق النار في سوريا للمرة السادسة منذ اندلاع الحرب الدموية في سوريا، التي بدأها النظام العلوي في العام 2011، وحينما فشل في مواجهة الشعب استعان بمليشيات حزب الله المدعومة من إيران، ولما فشل استعان بالإيرانيين أنفسهم، ولما فشل استعان بالمليشيات الشيعية التي جلبها الإيرانيون من باكستان وأفغانستان وأوزبكستان وبلاد أخرى، ولما فشل استعان بالروس الذين كرروا مجازر أفغانستان وجروزني في سوريا، باستخدام سياسة الأرض المحروقة.
روسيا لا تمارس الإجرام وحدها في سوريا، وإنما يمارسه المجتمع الدولي كله معها، لاسيما الدول الغربية التي تكتفي بالمشاهدة والعجز، ثم تحيل القرار لمجلس الأمن، وهي تعلم فشله قبل عرضه، لأن روسيا التي ترتكب الجرائم الرئيسية في سوريا، والتي تدعم النظام الدموي الطائفي هناك، لها حق النقض الفيتو، ومعنى فشل مجلس الأمن، ست مرات، في استصدار قرار، هو أن تحويل أي قرار لمجلس الأمن هو نوع من العبث بمصير أقدم بلاد الدنيا وأهلها، فالدماء التي تسيل كل يوم، والمنازل التي تهدم، والبشر الذين يهجرون، لا يجرى ارتكاب المجازر ضدهم في ظلام دامس، أو تعتيم شديد وكأننا في العصور الوسطى، بل إن العالم يشاهد الجرائم على شاشات التلفزة وكأنه يشاهد فيلما سينمائيا يتعاطف فيه مع الضحايا دون أن يتحرك أحد لتقديم مساعدة أو حلول أو إنقاذ أرواح، وإذا كان من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، فإن ما يجرى هو إبادة للناس جميعا، إبادة للإنسانية منهم، وإذكاء لروح الشر والحيوانية، بل والبهيمية المطلقة، التي لا تدع قيمة للحياة أو للرسالة التي خلق الله البشر من أجلها.
ما معنى أن تتم عرقلة قرارات مجلس الأمن، واستخدام الفيتو لوقفها فقط، فيما يتعلق بالمجازر التي تجرى للمسلمين، سواء كان ذلك في سوريا أو العراق أو فلسطين أو حتى بورما؟ وما معنى أن تتم عرقلة وإيقاف قرارات لمجلس الأمن كل ما تسعى له فقط هو وقف إطلاق النار دون إدانة أو تجريم حتى للطرف المعتدي؟ فقط المطلوب هو وقف جرائم المعتدي لأيام حتى يتمكن المدنيون والأطفال والنساء والعجائز الخروج من المدينة إلى أماكن أكثر أمانا، بعدما عاشوا تحت الحصار أكثر من خمس سنوات، وخمس سنوات من الحصار معناها أن الأطفال الذين كان عمرهم خمس سنوات أصبح عمرهم عشر سنوات، والذين كان عمرهم عشر سنوات أصبح عمرهم خمسة عشر عاما، وهي أعوام التكوين والنشأة، التي لا تزول من ذاكرة الإنسان، وخياله.

لنا أن نتخيل ما هي الحياة والذكريات التي يمكن أن يكون عليها هؤلاء الذين فقد كثير منهم الأعزاء من أهلهم تحت الأنقاض، بينما العالم لا يبحث عن عقاب الجاني، بل فقط وقف إطلاق النار، ثم لا يصدر القرار أيضا، بل تطلق يد الجاني لمزيد من الجرائم، إن الأمم المتحدة وكل مؤسساتها، وعلى رأسها مجلس الأمن، أصبحت عارا وعالة على الإنسانية، وقرارات مجلس الأمن هي أكبر إدانة لهذا النظام.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

هزيمة اليمين المتطرف في النمسا

التالي

سوريا المقسمة برعاية أمريكية وإسرائيلية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share