نحو مزيد من الفوضى والحرب في سوريا

نٌشر المقال فى 7 مارس 2017

في الوقت الذي يرى فيه البعض أن المفاوضات السياسية الجارية بشأن سوريا هي بداية لنهاية الحرب غير أن الواقع على الأرض يختلف تماما عما جرى في جنيف وقبله في أستانة، فلا يمكن لأي مفاوضات سياسية لإنهاء حرب أن تنجح في ظل بقاء النظام المعتدي يتلقى الدعم بقوة من هنا وهناك، بينما الطرف الآخر المتمثل في المعارضة مشرذم وليس له قيادة موحدة ولا يحكم سيطرته على الأراضي المحررة من يد النظام السوري، ففي الحروب فإن السيطرة على الأرض هي أوراق القوة التي يتحاور بها المفاوضون، وكل ما جرى في أستانة وطوال عشرة أيام في جنيف هو أن الوسيط الدولي دي مستورا وفريقه قد حصلا على مزيد من الأموال والامتيازات والحيز الإعلامي في وسائل الإعلام هم والمفاوضون الذين جلسوا على الموائد لكن شيئا لم يتغير على الأرض، فمازالت الخرائط في سوريا غير ثابتة على أي وضع ولأي طرف، ولايزال تنظيم الدولة يسيطر على مساحات واسعة ويقاتل من أجل الحفاظ عليها، ولاتزال روسيا وإيران وحزب الله والمليشيات الشيعية تتوافد إلى سوريا لتقد يم الدعم المادي والعسكري للنظام حتى يستمر في البقاء والجلوس على موائد المفاوضات، ولاتزال الولايات المتحدة تدعم أكراد سوريا الذين تعتبرهم تركيا إرهابيين، ولاتزال إيران تسعى لإقامة المنطقة الآمنة في مساحة لا تقل عن خمسة آلاف كيلو متر مربع أنجزت جزءا منها وأعلنت أنها ستواصل عملياتها العسكرية حتى تسقط منبج من يد الأكراد الذين سيطروا عليها من تنظيم الدولة قبل عام.
أما الفصائل فبعضها قرر أن يواصل طريق القتال ضد النظام غير عابئ أو ملتفت لأي محاولات لإجراء أية مفاوضات معتبرين ذلك استسلاما وبيعا لدماء الشهداء فيما أخذ البعض الحياد فيما باعت فصائل أو أقسام من فصائل نفسها لمن يدفع، من ثم فإن المشهد في الداخل لا يحمل على الإطلاق أي نوع من أنواع الاصطفاف أو الاستعداد للتفاوض بل التشرذم، ويكفي أن ينظر الإنسان إلى البقع الملونة بألوان مختلفة على خريطة سوريا والتي يعكس كل لون منها تواجد فصيل عسكري أو جماعة طائفية أو عرقية ليدرك أن المشهد مليء بالضبابية والاختلاف والفوضى.
أما السياسة الأميركية فإنها في قمة التخبط فيما يتعلق بسوريا ولا يعرف أحد هل سيستمر ترامب على ما كان عليه أوباما أم أنه سوف يقرر الدخول بشكل مباشر في ظل ما ينشر عن التوافق بينه وبين بوتن في بعض القضايا، كأن يتنازل لبوتن عن سوريا مقابل أن يتنازل بوتن عن مصالح أخرى، طالما أن ترامب يتعامل مع السياسة بمنطق المقاولات والتجارة وتبادل المصالح التي يتقنها، من ثم فإن الذين يتحدثون عن قرب انتهاء الحرب إنما يتحدثون عن أوهام يؤكدها الواقع الضبابي والخرائط المتشابكة على الأرض السورية.
لا شك أن المفاوضات هي التي تنهي الحروب، ولكن ما أستطيع استنتاجه من المشهد هو أن المفاوضات الحالية ليست مفاوضات نهاية الحرب.

رابط المقال

Total
0
Shares
السابق
معهد الجزيرة للإعلام

معهد الجزيرة للإعلام

التالي

أردوغان يعلن الحرب على ألمانيا وميركل ترد

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share