المشاهد الأخيرة لمسرحية «داعش»

نُشر المقال فى 5 نوفمبر 2017

ما يجري في العراق وسوريا ليس سوى المشاهد الأخيرة لمسرحية «تنظيم داعش» تلك الأسطورة التي صنعت في يوم وليلة واستخدمت من الناحية الإعلامية والسياسية والعسكرية فزاعة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين طوال الأعوام الثلاثة الماضية، حيث تركت لتنمو وتكبر ويقوم الإعلام الغربي بتضخيمها والساسة الغربيون بإظهار توحشها واستخدامها ذريعة لتنفيذ المخطط الأسود لتدمير المنطقة وتشريد أهلها وإعادة رسم خرائطها من جديد على أسس طائفية عرقية مقيتة تبقي الحروب قائمة والثارات مستمرة وتصعد الكراهية بين الشعوب. فحينما أعلن أبوبكر البغدادي عن إقامة دولة الخلافة من على أحد منابر الموصل إنما كان يعطي الإشارة لعملية التدمير التي نرى آثارها اليوم وقد أصبحت الموصل بكل حضارتها التاريخية وأهلها أثراً بعد عين تماما مثل الرقة في سوريا ومثل مدن أخرى كثيرة تركض فلول داعش الآن من واحدة إلى أخرى بها لتنقل لنا المشاهد الأخيرة من تلك المسرحية التي دفعت وتدفع الأمة ثمنا باهظا لها، فلم تتعرض المنطقة في تاريخها لدمار منظم وشبه كامل مثل الذي تتعرض له الآن، دمار في الإنسان والأخلاق والقيم والدين والهوية والحضارة والتاريخ والمعمار والمدن والقرى، دمار شامل خطط له الغرب وشارك فيه أهل المنطقة من حكام فاسدين ظالمين لا ينتمون للأمة وإن كانوا يتحدثون بلسان أهلها، وما كان يحدث على مدار التاريخ أن هذا الفساد كان يمارس ولا يرصده أحد إلا ربما الذين حضروه حتى أن كثيرا من المعارك التي كانت تباد فيها الجيوش كان المنتصرون فيها يتعمدون أن يتركوا بعض الجنود أحياء حتى يرووا فظائع من جرى لمن خلفهم، لكننا الآن نشاهد الدمار والخراب وإزهاق الأرواح وهتك الأعراض على الهواء مباشرة وعلى شاشات التلفزة يروى للأحياء وللأجيال القادمة ما جرى ويجري لتشاهد الأجيال حجم الخراب العام الذي وصلت إليه الأمة.
السنوات الثلاث الماضية التي عرضت فيها مسرحية «داعش» ليست سوى مؤامرة خبيثة دنيئة قذرة وقد اشتركت في هذه الجريمة كل قوى وأشرار الأرض ويكفي أن نتعرف على القوى والقواعد العسكرية والأجهزة الاستخباراتية الموجودة على الأراضي العراقية والسورية لنعرف أن تلك المسرحية هي نتاج تخطيط وإنتاج وتقديم لكل هذه القوى مجتمعة، وحتى تعرفوا حجم القذارة التي تؤدي على مسرحها من كل الأطراف سأقدم لكم هذا المشهد الهزلي الذي وقع يوم الأربعاء الماضي بين الأميركان والروس فقد صرح قائد العمليات الخاصة في التحالف الدولي جيمس جيرارد بأن آلاف المدنيين فروا من دير الزور بسبب تقدم قوات النظام وليس بسبب وجود مسلحي تنظيم داعش، وأن المدنيين السوريين يتجهون للشمال إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الكردية، فما كان من المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشنكوف إلا إبداء استغرابه من تصريحات جيرارد معتبرا إياها «سخافة جغرافية» لأنه ليس هناك سوريون يرغبون في التوجه إلى الشمال لأن الرقة التي تقع في الشمال قد دمرها التحالف الدولي ولم يعد لها وجود.. هذا مشهد واحد من المشاهد الأخيرة للروس والأميركان في مسرحية «داعش» التي سيسدل الستار عنها قريبا حتى يبدأ عرض مسرحي هزلي جديد.

رابط المقال

Total
0
Shares
السابق

من وعد بلفور لوعد الصهاينة العرب !!

التالي

حرب الأنفاق في الموصل

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share