سر تكريم الغرب لجورباتشوف ؟!

الزعيم السوفيتي ميخائيل جورباتشوف

حينما تجد الإعلام الغربي والسياسيين الغربيين يشيدون برئيس أو زعيم أو مفكر أو سياسي أوكاتب أو ممثل أو حتى شخص عادي فيجب أن تضع الكثير من علامات الإستفهام وتتساءل لما كل هذه الحفاوة بشخص لا ينتمي لهم عرقاً أو ديناً أو لوناً أو جنساً أو فكراً أو ثقافة ؟

وبعدما تجمع الخيوط تتكشف الحقيقة أمامك لتعرف سر الحفاوة الغربية بهذا الشخص أو ذاك وهذا ما حدث قبل أيام حينما توفي ميخائيل جورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفيتي مساء الثلاثين من أغسطس ٢٠٢٢ حيث كان الاتحاد السوفيتي أحد أهم الأمبراطوريات التي ظهرت في القرن الميلادي العشرين ، والتي حفظت التوازن مع الأمبراطورية الأمريكية فيما عرف بالحرب الباردة ، التي امتدت منذ الحرب العالمية الثانية وحتي سقوط الاتحاد السوفيتي علي يد جورباتشوف والإعلان عن تفككه علي يد يلتسن في ديسمبر عام ١٩٩١ .

وإذا عدنا لتلك اللحظة نجد أنه رغم امتلاك الولايات المتحدة والدول الغربية أجهزة استخبارات متقدمة في كل شيء من حيث الإمكانات والمهارات وفرق العمل إلا أن سقوط الاتحاد السوفيتي بالسرعة والطريقة التي جرت شكل فشلاً استخباراتياً ذريعا وصدمة بالنسبة لهم .

ولأن جورباتشوف لعب الدور الأساسي في هذا الإنهيار سواء كان عميلاً كما يصفه البعض أم أنه تعامل بواقعية مع نظام متآكل من داخله فقد جعلوه أيقونة وبطلاً وزعيماً جنبهم وجنب العالم ويلات الحرب وأنهي ما يسمي بالحرب الباردة فمنحوه في العام ١٩٩٠ جائزة نوبل للسلام التي عادة ما تمنح لأسباب سياسية بحته لشخصيات حققت إنجازات لصالح الذين يمنحون الجائزة .

أما حينما توفي فقد كانت الجنازة الحقيقية له في وسائل الإعلام الغربية وليس الروسية حيث حظي بجنازة متواضعة في موسكو ولم يحضر بوتن جنازته رغم قيامه بوضع إكليل من الزهور علي جثمانه .

وهذا يعني أن هناك تشكك روسي تجاه الرجل الذي وصلت حفاوة الغرب به لاسيما الألمان الذي يعتبرون الوحدة الألمانية إرثه السياسي بالنسبة لهم ، فقد وصل الأمر برئيس حكومة ولاية بافاريا الألمانية ماركوس زودر للدعوة لإقامة حفل تأبين خاص به في ألمانيا يليق بمكانته لأن ألمانيا كما قال لصحيفة ” “مونشنر ميركور” مَدينة له بالكثير، إنه أحد آباء إعادة الوحدة وأهدى ملايين الأشخاص حريتهم. يجب على ألمانيا تقدير ذلك “.

أما المستشارة السابقة إنجيلا ميركل فقد وصفته بأنه ” سياسي عالمي فريد ” وقد نعته وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قائلة ” نهاية الحرب الباردة ووحدة ألمانيا هما إرثه … إننا نأسف على فقدان رجل دولة نشعر بالامتنان له إلى الأبد “
“.
أما صحيفة “بيلد تسايتونغ” الشعبية الواسعة الانتشار فقد دعت الألمان لاعتبار مناسبة وفاة جورباتشوف مناسبة لإعلان الحداد الوطني “.

ولم يقف الأمر عند حد الصحف الألمانية بل إن الصحف الغربية كلها حفلت بالمديح لجورباتشوف الذي أنهي الأمبراطورية السوفيتية والحرب الباردة وقدم خدمة تاريخية للولايات المتحدة والغرب بمنحهم سلطة القطب الواحد التي قاموا خلالها باجتياح و تدمير عشرات البلدان حول العالم فوصفوه بالبطل التراجيدي والزعيم العظيم والسياسي المحنك وغير ذلك من الألقاب الفخمة التي تنم عن حجم الخدمات التي قدمها لهم

من هنا يجب أن نتوقف دائماً حينما يموت أحدهم ثم نجد الغرب يحشد آلته السياسية والإعلامية لتكريمه إنهم لا يكرمون سوي من خدمهم سواء كان عميلاً مباشراً أو من خلال أدائه الذي يختاره برغبته وسواء كان جورباتشوف عميلا كما يصفه البعض أم أنه قام بذلك طواعية فتظل مكانته في التاريخ هي أنه الرجل الذي قدم للغرب خدمات غير مسبوقة ودمر بلاده ، دمر الاتحاد السوفيتي .

Total
0
Shares
السابق
الشيخ أحمد ياسين شاهد على عصر الإنتفاضة

الشيخ أحمد ياسين شاهد على عصر الانتفاضة

التالي
ثقافة الفوضي

ثقافة الفوضى

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share