أمريكا الخائفة من نتائج حرب أوكرانيا !!

بلينكن

تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال المحاضرة التي ألقاها في جامعة ستانفورد الأمريكية يوم الإثنين ١٧ أكتوبر ٢٠٢٢ هامة للغاية لعدة أسباب منها، المكان الأكاديمي الأمريكي المرموق الذي تحدث منه والذي يعتبر أحد مصانع إعداد و تفريخ النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة وكثير من دول العالم ، ومنها التوقيت حيث تعاني الولايات المتحدة من مساويء التوسع الإمبراطوري وانعكاساته على وضعها الداخلي والخارجي ومخاوف قادتها من تقلص مكانة الإمبراطورية ونفوذها العالمي لاسيما بعد حرب أوكرانيا التي تعتبر حرباً عالمية غير مباشرة ستغير من خرائط العالم .

لا يمكن السماح للعالم بالبقاء دون قيادة الولايات المتحدة الأمريكية

أنتوني بلينكن – وزير الخارجية الأمريكية

ركز بلينكن في حديثه على مستقبل الولايات المتحدة ومن أهم ما قاله أنه : ” لا يمكن السماح للعالم بالبقاء دون قيادة الولايات المتحدة الأمريكية “
هذا التصريح يعكس حالة القلق الشديد التي تعاني منها الإدارة الأمريكية بسبب ظهور قوي كبري منافسة لها على الساحة الدولية ، يمكن أن تقلص الدور والمكانة الأمريكية العالمية فلا يعرف أحد ما يمكن أن تتمخض عنه الحرب في أوكرانيا والتي لازالت في ذروتها .

أما أسباب مخاوف بلينكن فإنها تعود إلي مآلات ما بعد الحروب والتي مهما طال أمدها، ستؤدي في النهاية إلى جلوس الأطراف المتحاربة على مائدة التفاوض التي يفرض خلالها المنتصر على المهزوم شروط الاستسلام كما حدث في نهاية كل من الحربين العالميتين الأولي والثانية وفي كل الحروب بشكل عام .


لكن أمريكا حتى الآن ليست طرفاً مباشراً في حرب أوكرانيا حتى تجلس علي المائدة، وهذا ما دفع بلينكن ليكون أكثر وضوحاً وصراحة في هذا الجانب حينما قال : ” بالنسبة للولايات المتحدة الخيار هو إذا لم نشارك في التنظيم ، وإذا لم نأخذ دوراً قيادياً ، فهذا يعني أحد الأمرين ، سيشارك طرف آخر ربما الصين بطريقة لا تتوافق تماماً مع مصالحنا والقيم الأمريكية، أو الأسوأ من ذلك أنه سيكون هناك فراغ يمكن للأشياء السيئة أن تملأه قبل الأشياء الجيدة “

تصريحات بلينكن الخطيرة تكشف لماذا حرضّت أمريكا روسيا للدخول في حرب أوكرانيا، و لماذا أقحمت الأوروبيين في الحرب بينما كانوا يقومون بالتكامل الاقتصادي مع روسيا ؟

الإمبراطوريات مثل البشر تولد ثم تصبح فتية فقوية ثم تدخل فى مراحل الضعف والشيخوخة والانهيار

أمريكا باختصار لم تعد لديها القدرة لتستمر في القيام بحروب لا تنتهي منذ الحرب العالمية الثانية ، فقوتها بدأت في الاضمحلال بعد أحداث ١١ سبتمبر وأخذ يعتريها ما يعتري الإمبراطوريات من عوامل الضعف لا سيما بعد هزيمتها عسكرياً في العراق وأفغانستان، من ثم لا تريد لأي قوة عالمية أخري أن تظهر في الأفق حتى تضمن لنفسها البقاء أكبر مدة ممكنة، لكن هذا يخالف سنة الكون، وعجلة التاريخ، فالإمبراطوريات مثل البشر تولد ثم تصبح فتية فقوية ثم تدخل فى مراحل الضعف والشيخوخة والانهيار، لتظهر قوى وإمبراطوريات أخرى وتستمر سنة التدافع. .

إن أصعب ما يواجه الإمبراطوريات الكبرى هو مراحل نهايتها أو ظهور قوى أخرى منافسة لها، وهذا ما تعيشه أمريكا الآن، فلم تستطع أية إمبراطورية الصمود في وجه عوامل الضعف والشيخوخة والانهيار ، ولعل كتاب ” نشوء وسقوط القوى العظمى ” الذي كتبه المؤرخ الأمريكي بول كينيدي والذي أجريت معه حوارين في وقتين مختلفين في برنامجي التليفزيوني “بلا حدود “، قد أكد قبل أكثر من عقدين أن طريق الإمبراطورية الأمريكية في الهبوط قد بدأ بعد أحداث ١١ سبتمبر لكن و لأنها إمبراطورية قوية فقد يستغرق انهيارها بين ثلاثة أو أربعة عقود .

لذلك فإن تصريح بلينكين يعكس جهله المطبق بالتاريخ وغرور القوة الذي لا يغير من الواقع شيئاً، لأن العالم كان موجوداً قبل الولايات المتحدة وسيبقى بعدها، وحرب أوكرانيا سوف تنتهي عاجلاً أم آجلاً، ولاشك أن خرائط العالم الجغرافية والسياسية والتحالفات المختلفة سوف تتغير بعدها.

من المؤكد أيضاً أن وضع أمريكا قبل الحرب لن يكون هو نفسه بعدها، وعلى الأغلب سيتراجع وينتقل للأسوأ، و سيولد عالم متعدد الأقطاب سيُنهي حتماً الهيمنة الأمريكية على العالم .

شاهد : حلقتّي بلا حدود مع المؤرخ الأمريكي بول كينيدي

Total
0
Shares
السابق
حامد الجبوري

صدام حسين يدعو العراقيين للتجسس على بعضهم

التالي
محسن العيني

أسباب الصدام بين الملكيين والجمهوريين في اليمن يرويها محسن العيني

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share