يتناول أحمد منصور الحديث مع محمود مرداوي وجاسر البرغوثي، القياديين في حركة حمـ.ـاس، عن أسباب رفض يحيى السنوار إقامة دولة في غزة؟ وذلك في الحلقة الأخيرة من حوارهما في برنامج شاهد على العصر.
يتناول الحوار الأجواء التي سبقت طوفـ.ـان الأقصى، وكيف نفذ يحيى السنوار خطة تمويه محكمة لخداع الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى أسباب رفضه لقاء الأمريكيين وعرض إقامة دولة في غزة تحت رئاسته .
أكد الضيفان أن السنوار رفض لقاء الأميركيين حتى لا يُضعف السلطة الفلسطينية، وكشفا عن الثمن الذي عُرض عليه لقاء موافقته على إقامة دولة مستقلة في غزة تطرّق الضيفان إلى الحديث عن أنفاق غزة بأنواعها الهجومية والاستراتيجية وأنفاق التأمين، مشيرين إلى أن بنائها اكتمل تقريبًا منذ عام 2018، وأن السنوار تعرض لإصابة في يده أثناء تفقدها..
تناول الضيفان تفاصيل معركة سيف القدس، حيث قرر السنوار وقادة حمـ.ـاس خوض المعركة بعد رسالة من الفلسطينيين في القدس المحتلة، عبّرت عن وصول الأوضاع مع الإسرائيليين إلى مرحلة لا تُطاق تم الكشف عن تفاصيل خطة التمويه قبل طوفـ.ـان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، والتي شملت تشجيع دخول العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وتطوير التجارة مع المصريين، وحل قوة النخبة، وتقليص المجلس العسكري، والسماح بالتدريب على الطيران الشراعي المظلي.
ناقش الضيفان أيضًا الإجراءات التي اتخذها السنوار ضد 45 عميلًا إسرائيليًا بعد اغتيال مازن فقها، والتي أدت إلى إنهاء قدرة جيش الاحتلال على جمع المعلومات البشرية داخل غزة تحدّث محمود مرداوي عن أنه لم يستطع رصد مؤشرات الطوفان بشكل شخصي، معترفًا بأن نجاحه في ذلك كان سيُفشل الطوفان.
أشار الضيفان إلى شخصية مروان عيسى، نائب القائد العام لكتـ.ـائب القسـ.ـام، ونقلا مقتطفات من وصف الإسرائيليين له باعتباره شخصية غامضة وقوية في العمل العسكري، وأن كت!ئب القسام كانت متأكدة من نجاح طوفـ.ـان الأقصى بنسبة مئة بالمئة، حيث كانت تملك لوائح بأسماء الضباط والجنود الإسرائيليين ومواقعهم، وأن هذا الحدث غيّر وجه العالم، وأسقط صورة الغرب المتغني بالديمقراطية والحرية .
كما ناقشا الرمزية التي أضافها استشهـ.ـاد يحيى السنوار، مشيرين إلى تزايد مشاعر الإعجاب بشخصيته حول العالم، وأكدا أن الإسرائيليين الذين سعوا لاغتياله نشروا سيرته عالميًا دون قصد، ليبقى رمزًا خالدًا في ذاكرة المقاومـ.ـة
نص حوار محمود مرداوي وجاسر البرغوثي عن
أسباب رفض السنوار إقامة دولة في غزة؟
أحمد منصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم في حلقة جديدة من برنامج شاهد على العصر.
في هذه الحلقات الخاصة التي يغيب عنا فيها الشاهد ولكن لدينا الشهود عليه. محمود مرداوي وجاسر البرغوتي القياديين في حركة المقاومة الإسلامية حماس يشهدان على زعيمها يحيى السنوار.
كلاكما كنتما قريبين من السنوار وأنا بدرس حياة السنوار في غزة، كل تصريح كان يقصد به شيء إذا بيرمي تصريح لإسرائيل كان يوجهه إذا بيرمي تصريح إلى الخارج، إلى الفصائل إلى الداخل، حتى إلى أهل غزة، وأصبح يجمع ملفات كثيرة بين يديه وهو يدير القرار، كيف كان؟ كيف كان يدير القرار؟ كيف كان يصنع القرار السياسي؟
إدارة السنوار للقرار السياسي
محمود مرداوي
نعم أبو إبراهيم. فعلا هو يمنح المكونات التي تنفذ قرارات المكتب السياسي مساحات وصلاحيات واسعة، لكنه يشرف عليها وينزل إلى التفاصيل يراقب
أحمد منصور
كيف؟
محمود مرداوي
يقوم بزيارات مستمرة، يستدعي القائمين، يتابع بشكل حثيث. ثم مسألة يعني مهمة بخصوص عمل أبو إبراهيم يعني في داخل الدورة يغير الدورة الانتخابية يغير المسؤولين في سابقة لم تحدث يعني..
أحمد منصور
أضرب لنا مثال.
محمود مرداوي
يعني مثلا رئيس دائرة معينة لم يقم بواجبه كما يجب بغيره.
أحمد منصور
رغم أنه منتخب؟؟
محمود مرداوي
نعم وحصلت وحصلت يعطيه ملفا اخر وبشكل مباشر ويبلغه أنت لم تقم بالواجب. أنت لم تنفذ الخطة التي قدمتها.
أحمد منصور
حازما حاسما.
محمود مرداوي
حازما حاسما
أحمد منصور
لا يجامل أحد
محمود مرداوي
لا يجامل بعد أن يثبت أن الخطة شيء وما نفذ شيء آخر، نسبة المطلوب في هذه المرحلة الزمنية 25 عندك 15، و 10 غابوا. الموارد قدمت لك أم لا؟ كل الميزانيات أخذتها ولا لا؟ القوى البشرية جاهزة؟
ناس تنتظر لماذا لم يتم تحقيق الأهداف المحددة للخطة؟؟ أبو إبراهيم في الدورة الأخيرة
أحمد منصور
اللي هي الرئاسة الأخيرة
محمود مرداوي
الرئاسة الأخيرة
أحمد منصور
لأنه هو جددت له الرئاسة ..أعيد انتخابه في 10 مارس 2021. قبلها لما أنت كنت هناك تقصد؟
محمود مرداوي
نعم وأنا يعني في غزة وكنت عضوا في لجنة متابعة مسيرات العودة حصل عندنا إشكال
أحمد منصور
ما هو
محمود مرداوي
ما بين الإدارية والتنظيم، فكان نوع من الإرباك في تنفيذ
أحمد منصور
المسيرات.
محمود مرداوي
نعم
أحمد منصور
بشكل منتظم.
محمود مرداوي
نعم. فكان لا بد من إعادة النظر في صلة الإدارية العامة في رئيس الحركة فتم الجمع وتولي رئيس الحركة الإدارية ووضع من ينوب عنه. لكن هو المسؤول المباشر لأن التنظيم لا يتحرك إلا من خلال الإدارية هي التي تحرك التنظيم، فبالتالي إن لم يكن يعني قدرة اتصال مسؤول التنظيم في الإدارية التي تحرك هذا الكم البشري في مهمات، غزة مشروع مثل المنحلة الصبح تقوم كل الناس تتجه من يشاهد من على غزة يرى أنها تكون مثل أي دولة أو عاصمه عربيه. ولكن تحت السواهي دواهي.
أحمد منصور
تحت السواهي دواهي أنت بصفتك أنت يا جاسر بقيت لـ 2022 وتعرف هذا المشهد وتشارك فيه.
جاسر البرغوثي
يعني شوف أبو إبراهيم شخصيته اللي خلاه يختلف عن غيره هو أول إشي عمل في الجانب الأمني. بعدين في الجانب العسكري، بعدها في الجانب السياسي غالبا أي رئيس بيجي من جهة معينة بيكون في عنده ملفات مجهولة وبيتم التأثير عليه من خلالها، يعني مثلا لو ما دخل في الأمن بيجي على الأمن، هو بيحط التقرير الأمني بيصير يحكم من خلال الأمن وكأن الأمن بيوجه فيه. أبو إبراهيم بالتشكيلة هذه ما قدر أي جهاز من هذه الأجهزة يؤثر ويتوغل على فكره..
أحمد منصور
ويطغى عليه
جاسر البرغوثي
لأنه هو أنا هو أنا عارف هذه الملفات، أنا اشتغلت في الأمن وعارف حدودها، عارف العسكر واشتغلت فيه، أنا في الجانب السياسي في الجانب الجماهيري أنا ملتصق في الناس، أنا إبن المخيم وعارف الناس وحال الناس فيها. الأمر الأخر إنه كان كل صباح الإعلام مطلوب منه يجيب له كل اللي موجود على التواصل الاجتماعي مطبوع على ورق ويقعد يقرأ فيه رأي الناس وموجود فيه. كان بيقضي.
أحمد منصور
كان يقضي وقت طويل في القراءة
جاسر البرغوثي
بشكل عجيب، يعني حتى في اجتماعات له مثلا يوم يشعر إنه فيه بيصير نقاش في أوراق بيصير يقرأ فيها بيروح الشنطة معاه، بيقعد يقرأ في الليل موجودة معاه، ما يخلي شغلة ما بيقرأها ورقة ما بيقرأها. فهذه الميزة ميزت أبو إبراهيم إنه أصبح مطلع لدرجة إنه كل واحد بيكون لازم يقدم كما يجب، وكيف يفهم أبو إبراهيم على التعامل مع هذه الأجهزة؟
رفض السنوار الاجتماع مع الإدارة الأمريكية
أحمد منصور
في لقاء له مع ممثلي الفصائل وممثلي المنظمات الأهلية في غزة، وقال إن محددات حماس لمواجهة صفقة القرن تتمثل في عدم إجراء لقاء مع الإدارة الأمريكية، كان له تصريحات ضد صفقة القرن ويعتبرها. أي أنها هي التي ستقضي. كما قال إنها تهدف إلى دمج إسرائيل في المنطقة العربية والإسلامية، وكان يقف منها موقف حاد جدا، أنت بصفتك كنت في اللجان السياسية وقريب منه، رغم أن هذا كان في 2019 موضوع صفقة القرن؟
محمود مرداوي
نعم، أعود قليلا لموضوع إطلاع أبو إبراهيم ومتابعته، يعني أنا توليت مسؤولية الرصد
أحمد منصور
رصد ما يقوله الإسرائيليون وغيرهم
محمود مرداوي
وغيرهم ونتابع الملفات
أحمد منصور
وتعملوا تقرير يومي مثل كل الدراسات، يعني أنتم جهاز استخبارات معلوماتي.
محمود مرداوي
نعم لكن لا يتبع للاستخبارات يتبع للإعلام السياسي، فكنت أنا أتولى هذا يعني القسم فكان يأتي
أحمد منصور
يعني بترفع له مباشرة.
محمود مرداوي
أرفع له مباشرة لا يقبل إلا يكون مباشرة على طول، على أساس إنه أحيانا يتأخر البريد لمكتب رئيس الحركة، فعلى طول مباشرة أرفع له. فكان مكتب رئيس الحركة متعدد الموظفين، النائب، و مدير المكتب إلى آخره. فكان كانت تأتي ملاحظات حمراء على الملف.
أحمد منصور
منه هو؟؟
محمود مرداوي
أبو اسامة يا جماعة الخير كان أبو اسامة الدكتور
أحمد منصور
خليل الحية
محمود مرداوي
نعم هو مسؤول الإعلام السياسي مسؤول الإعلام الحركي ومسؤول.
أحمد منصور
يعني كان رئيسك هناك ؟
محمود مرداوي
نعم، فتلقائيًا يقول: “يا جماعة الخير، في ملاحظات؟” ولا تتابع، وإذا قلنا “تابعوا”، يرد قائلاً “لا تتابعوا”. أنتم عارفين مين اللي حاطط الملاحظات، بقول له: “يا أخي، مين قال الملاحظات الحمراء؟” أبو إبراهيم، والزرقاء؟ أبو البراء، ما بتردوا.
أحمد منصور
أبو البراء، مين؟
أحمد منصور
مروان عيسى.
أحمد منصور
مروان عيسى، الرجل الثاني يُعتبر.
محمود مرداوي
ما في نشرة نبعثها إلا في تعليق من الاثنين عليها. قارينها الاثنين، فالمعلومات كانت… يعني رائد الحلاج، ربنا يحفظه.
أحمد منصور
الملاحظات كيف كانت؟ طبيعتها إيه؟
محمود مرداوي
عميقة.
إصابة السنوار أثناء تفقده الأنفاق
أحمد منصور
اضرب لي مثال لو تفتكر حاجة.
محمود مرداوي
يعني على سبيل المثال، أنا أفتكر كثير من الحاجات. يعني أعطيك حاجة. مثلاً، كان تقدير أو تقرير عن دولة عربية. فكان في التقرير خلاصة أن الدولة ستتجه إلى فتح علاقات مع مصر، وهذا مهم بالنسبة لنا ويخدمنا في جوانب معينة. فرد وقال: “إن ذلك مبالغ فيه، وفيه قدر من التسرع في الحكم، ولا تشير هذه المعلومات الواردة والمتوفرة لدى جهات الرصد إلى إمكانية حدوث علاقة، فلا تنشروا تفاؤلاً في غير مكانه”. فتعمقوا في الدراسة.
أحمد منصور
وكان رأيه بعد كده هو الصح؟
محمود مرداوي
نعم، بالفعل، لم تحدث العلاقة ولم تتقدم. ومسائل عدة لربما يتعذر ذكرها.. في موضوع المعلومات. أبو إبراهيم، رحمة الله عليه، كان يحضر، يعني مسؤول المعلومات في حينه، رائد الحلاج. وكان أسيرًا معنا، وخبيرًا في الشأن الصهيوني. كل يوم، ساعة كاملة، هو بنفسه على المكتب يجلس مع إبراهيم ويتحدث مع أبو إبراهيم عما تداولته الصحف والفضائيات العبرية الإسرائيلية.
أحمد منصور
كان جدول يومي؟
محمود مرداوي
نعم، يوميًا يأتي على الغداء، يتغدى مع إبراهيم في مطبخ المكتب.
أحمد منصور
يعني ما بيضيع وقت، قاعد يأكل ويسمع.
محمود مرداوي
نعم، وأثناء الغداء يعطي أبو إبراهيم المعلومات.. يومًا ما رحنا على أحد الجلسات لأنضاج قرار في ملف مهم وحساس.
أحمد منصور
كان ملف إيه؟
محمود مرداوي
ملف مهم وحساس يتعلق باستراتيجية الحركة.
أحمد منصور
مش هقول لحد، قول لي.
أحمد منصور
فدخلنا على المكتب وإذا بأبو إبراهيم معلق إيده، معلق إيده مكسورة. نعم، خير يا أبو إبراهيم؟ شو يعني؟ في شيء؟ فقال: “لا لا، ما في شيء يا أبو… كيف ما في شيء؟ مكسورة إيدك؟”. فقلت: “لا سمح الله، تزحلقت”. قال: “كنت ليلة مضطر أقوم بجولة.. رئيس الحركة، أقوم بجولة على الأنفاق الاستراتيجية تحت الأرض 20 مترًا”. تزحلق وهو يشرف على بناء الأنفاق الاستراتيجية للحركة، واللي اليوم تشكل معضلة أمام العدو الصهيوني. فكسرت يد أبو إبراهيم السنوار. ولربما هذه أول مرة تذكر هذه الواقعة..
أحمد منصور
هو كان يتكلم عن الأنفاق بشكل واضح جدًا ويتباهى بها، وكان يقول: “لدينا خمسمائة كيلومتر من الأنفاق”. وهو يتعامل مع الإسرائيليين، خاصة بعد عام 2021، كان يتعامل بشكل من أشكال التحدي. أنت كيف كنت ترصد هذا وأنت في غزة؟
جاسر البرغوثي
طبيعة أبو إبراهيم، سلوكه كله تحدي. يومًا ما مثل أبو إبراهيم، أولًا، هو غير مطلوب منه أن ينزل للأنفاق. هو عنده ثقة في الجيش والخبراء والمهندسين لأن الأنفاق لا تبنى بشكل عبثي. هم خبراء ومهندسون هم الذين يقومون بحفر هذه الأنفاق. إلا أنه حتى يتمم الأمر ويرفع من معنويات الناس، ويشعروا أنه ملتصق بهم، وينزل. يكون يعاين الأمور بشكل شخصي ويخرج من الأنفاق. ويصرح التصريحات أمام العالم.
أحمد منصور
كان جدول يومي.
جاسر البرغوثي
نعم، ويقول: “نتنياهو، نحن متجهين على خطوة. يا إما عزل إسرائيل، يا إما إحنا هنحصل الـ67 .. إنسان في موقع مسؤولية”. وكأنه عمليا قمة التحدي، وكأنه بيقول لنتنياهو: “نحن جاهزون للخطوة القادمة”.
الثمن الذي قدم للسنوار مقابل دولة غزة
محمود مرداوي
أول شيء، واحدة واحدة. موضوع ترامب ومواجهة صفقة القرن… كان ترامب يقصد أن يعزل الرئيس الفلسطيني الذي كان يعني خصمًا سياسيًا يعارضنا في كل المسارات، ويطبق علينا الحصار في بعض الجوانب. ومع ذلك، اتخذت الحركة، وكان أبو إبراهيم يؤمن بذلك مع باقي قيادة الحركة، أنه لا نلتقي كوشنير، لنفس السبب.
أحمد منصور
كوشنير طلب اللقاء مع ؟؟
محمود مرداوي
طلب اللقاء من خلال دولة عربية ورفض.
أحمد منصور
دي معلومة مهمة، لأنه هنا قال: “أنا لن ألتقي مع الأمريكان”. فأنا قلت إنه ربما يعني يروج لحاجة، لكن لن ألتقي مع الأمريكان. يعني الأمريكان طلبوا اللقاء مع حماس.
محمود مرداوي
نعم، كوشنير وجرين، أحد الموفدين للشرق الأوسط من أمريكا.
أحمد منصور
أمريكي.. طلبوا اللقاء معه؟
محمود مرداوي
نعم، طلبوا اللقاء.
أحمد منصور
حسنًا، أليس هذا قصورًا سياسيًا منكم مطلقًا. أنت الآن، اجلس معه، لكن لن تقدم تنازلات لكي تجلس معه.
محمود مرداوي
مجرد الجلوس… يعني للسلطة الفلسطينية أنكم ذاهبون للاستبدال والاستقواء. فتلقائيًا، تقدم تنازلات.
أحمد منصور
هنا سبب الرفض، أنا أسألك عن سبب الرفض.
محمود مرداوي
سبب الرفض…
أحمد منصور
وسبب الرفض أنكم تريدون تقوية موقف السلطة وليس إضعافه.
محمود مرداوي
نعم، نحن نقوم بإزاحتها حتى تغير موقفها باتجاه المقاومة، ولكن دون أن يتدخل الخارج. لا نقبل بشكل من الأشكال تدخل الجانب الوطني.
أحمد منصور
يعني الرفض هنا فقط، لكي تكون الأمور واضحة، لأننا أيضًا لم أفهم سبب الرفض. واعتبرت الرفض قصورًا من قيادة حماس في تقدير الموقف، إنه حينما طلب الأمريكان منكم الجلوس معهم، رفض السنوار الجلوس مع الأمريكان حتى لا يضعف موقف السلطة رغم أن السلطة ضد الحركة.
محمود مرداوي
نعم، المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات.
جاسر البرغوثي
وهذا يسجل موقفًا للحركة، لو كانت أي حركة ثانية، كانت تعتبرها فرصة للتواصل مع الأمريكان، لكن في هذه الحالة، كانت مصلحة التنظيم نقطة دمار للقضية الفلسطينية، فمجرد إنك تذهب لخطوة تكتيكية وتخسر إستراتيجياً، هذه كانت مضرة لقضيتنا، ورغم أن العوام والناس العاديين شعروا أن السلطة تعمل ضدكم، الأصل أنكم تذهبون خطوة.
أحمد منصور
والكل يقول، حتى أنا ممكن أقول كده، مش بس العوام، حتى المثقفين، حتى الصحافيين.
جاسر البرغوثي
نعم.
أحمد منصور
انتقدوا الموقف لحماس.
جاسر البرغوثي
نعم، هذا الموقف في التاريخ سيسجل أنه رغم الخصومة، حتى السلطة مع حرب الإبادة، لم تقترب لحل مشاكل غزة، إلا في الفرصة التي نشعر فيها أنه يمكننا لم شمل قضيتنا نذهب للتقارب مع أبو مازن.
أحمد منصور
محمود.
محمود مرداوي
نستكمل بخصوص “دولة غزة”.
أحمد منصور
تفضل.
محمود مرداوي
هي عرضت علينا فعلاً.
أحمد منصور
آه، آه، ده كان سؤال مهم.
محمود مرداوي
عرضت علينا وكان الرفض من كل الحركة، وبالتالي هو الذي رفض.
أحمد منصور
من الذي قدم العرض إلى يحيى السنوار حتى يكون رئيسًا لغزة ويترك باقي فلسطين على أن يرفع الحصار عن غزة ويأخذ كل الإمكانيات التي يريد؟
محمود مرداوي
عشرة مليار دولار.
أحمد منصور
بداية العرض؟
محمود مرداوي
عشرة مليار دولار، والصواريخ تجمع في غزة.
أحمد منصور
تجمع صواريخ حماس؟
محمود مرداوي
نعم، صواريخ حماس الثقيلة في غزة، وتبدأ غزة بدولة، وثم تبدأ المفاوضات، لكن في هذه المفاوضات…
أحمد منصور
سنة كاملة عرض؟ وتفتكر يا محمود؟
محمود مرداوي
يعني كان في 2017-2018.
أحمد منصور
قدم مباشرة من الأمريكان أو منين؟
محمود مرداوي
كان من الأمريكان، ومن جهات قريبة من ألمانيا.
أحمد منصور
أنتم كان لكم علاقات بالألمان؟
محمود مرداوي
نعم، مع كل أوروبا من تحت الطاولة.
أحمد منصور
هنا في نقطة مهمة جدًا، أن رغم أن بعض الدول الأوروبية تصنف حماس أو كلها تقريبًا تصنفها كحركة إرهابية، ولكن كل المخابرات الغربية كانت تجلس معكم. بريطانيين يجلسوا معكم، فرنسيين.
محمود مرداوي
نعم، ووزراء خارجية كانوا يجتمعون معنا، كانوا ينتهزون الفرص، وكلما وجدونا في ملتقى، يجتمعوا.
أحمد منصور
خارج غزة؟
محمود مرداوي
نعم، خارج فلسطين، يجتمعوا معنا بشكل مستمر في الضفة الغربية، يأتون إلى الضفة ويجلسون مع أشخاص يقولون إنهم فلسطينيين، ولكن التوجيه من الحركة أن يجتمعوا معهم.
جاسر البرغوثي
أنت تتحدث عن رجال مخابرات، هل كانوا رجال مخابرات؟ هل كانوا قارئين للمشهد بشكل حقيقي؟ أم كان مجرد فهم؟ يعني بناء على معلومات حقيقية أن حماس لا يمكن تجاوزها، وأن حماس قوية في الشارع والسلطة في الضعف الذي هي فيه. إذن الورقة القوية في فلسطين هي حماس، فإذا كان هناك أي تفاهم، يجب أن يكون مع حماس، ولكن كيف؟ بالحد الأدنى من شروط حماس.
الأوروبيون يذكرون هذا الدور، وهم على استعداد للتفاوض سنوات طويلة حتى يصلوا إلى الوضع الذي وصلت إليه السلطة، أي أن يكون هناك شخص جالس في المقاطعة منعزل عن العالم ويشعر أنه له دولة.
أحمد منصور
يعني هم أرادوا أن يقيموا سلطة أخرى في غزة أشبه بالسلطة الموجودة في الضفة الغربية، على أن تكون هذه مع حماس، ورفضت حماس هذا العرض.
محمود مرداوي
رفضًا قاطعًا، رفضًا قاطعًا.
أحمد منصور
يحيى السنوار كان يلتقي مع بعض المسؤولين الدوليين الرسميين الذين يذهبون إلى غزة؟
محمود مرداوي
نعم، نتناول البعد الوطني. المهم هنا هو البعد الوطني، وأهمية العلاقة التي أحدثتها غزة في العلاقات الوطنية الداخلية. يعني مثلًا الاجتماعات الاستراتيجية التي كانت تحصل مع الجهاد الإسلامي، مع الجبهة الشعبية، مع الديمقراطية، مع كل الفصائل، جزء منها مجتمعًا وجزءًا فرادى، مثل الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي.
أحمد منصور
في حاجات كثيرة أصلاً، لو قعدت معكم فعلاً عند التفاصيل، سأعود لعشرين حلقة عن السنوار لأنها تجاوزت أشياء كثيرة. رغم أنني درست الموضوع بشكل جيد، لكن أيضًا أريد أن أركز على الحاجات الجوهرية. وإحنا تكلمنا عن الذي حدث مع فتح، لكن الآن نكمل مع باقي الفصائل.
محمود مرداوي
هذا مهم جدًا. لماذا كنا نجلس في جلسات استراتيجية؟ كانت جلسات استراتيجية ومهمة تتناول أمورًا غاية في الخطورة والدقة، والحاجة إلى موارد كبيرة. لكن على هامش اللقاءات التي كانت تتحدث عن السلاح، وعن استراتيجية استخدام السلاح، وعن المناورات بالذخيرة الحية، وعن المراكز والتجمعات، وعن حركة الجنود والتنسيق أثناء المعركة وما شابه ذلك، والموقف السياسي وحماية المقاومة. كل هذه الأمور الاستراتيجية على الهامش كان يطرأ من الفصائل أن الحركة أو تحديدا الحكومة تحصل منها بعض المخالفات في جوانب محددة لها علاقة بالجمهور، ولها علاقة بقلة استيعاب الآخرين من دون حماس. فكانوا يعني أبو إبراهيم يصمت ويتركهم يتكلمون وهم يسمعون عندما يشاهدون هذه الحلقة، يتركهم يعرضون حقائق فعلًا، تجربة الحركة ليست تجربة منزهة عن الخطأ، هي جهد بشري في ظل ظروف معقدة، ولكن كان يعرض عليهم هذه الأخطاء، ويسجلونها ويوافقهم عليها، ولكن شاركونا.
أحمد منصور
أخطاء حماس في الإدارة، وكيف كان يتعامل معها السنوار؟
جاسر البرغوثي
أخطاء حماس في إدارة الحكم هي أخطاء بشرية، وعادةً، دائمًا عندما يمسك الناس بالسلطة، في أي حكومة في العالم، يكون هناك نسبة خطأ ونسبة صواب، فما بالك بحكومة أصلاً لا ترتقي حتى لمسمى حكومة؟ هي لجنة تدير غزة بدون إمكانيات. حتماً في أي ملف ستظهر فيه تقصير، لكن أبو إبراهيم لن يتجاوز عن أي تجاوز كان يحدث في قطاع غزة، ونحن حتى في الموضوع الذي يتحدث عنه أخونا أبو مرداوي، حول استيعاب الآخرين، دائماً هناك طاقم حول أبو إبراهيم، لكن لم نتطرق له في الحديث، وهو أخونا مروان عيسى. واستيعاب… يعني هذا مروان عيسى.
مروان عيسى
أحمد منصور
من هو مروان عيسى؟ عرفونا بمروان عيسى.
جاسر البرغوثي
مروان عيسى يحتاج إلى حلقات توازي حلقات أبو إبراهيم، هو شخصية من أرقى الشخصيات في جميع المجالات، لدرجة أن الاحتلال أطلق عليه العبارة: “هذا الرجل الذي يستطيع أن يلحم الحديد مع البلاستيك، وهما لا يلتقيان”. فهو من أذكى الناس الذين تتعرف عليهم في حياتك. يستطيع أن يجمع كل المكونات، والصورة التي ترافق أبو إبراهيم والتطور الذي حدث في غزة، هو جزء أصيل فيه.
أحمد منصور
ما كانت مسؤوليته يا محمود في حماس؟
محمود مرداوي
قبل أن أتحدث عن مروان، ربنا يحفظه، بخصوص استكمال الفصائل، كان يقول للفصائل: “أنتم تقولون ما هو صحيح ويحتاج إلى تغيير. تفضلوا يا إخوان، أي وزارة تريدون؟ أي وظيفة تحتاجون؟ لا تقولوا لي حماس. أنتم بعرض عليكم، أنتم رافضين. أنا رافض أن يشاركني أحد. الحكومة تفضلوا، البلديات، تفضلوا، ما تريدون. تفضلوا، ما تريدون”. طبعًا لا خلاف على موضوع الدعم والإسناد، دعم الإسناد العسكري. على سبيل المثال، بخصوص أبو البراء، عندما تولى ليبرمان وزارة الحرب وقام باستهداف أحد الأنفاق في الشمال قرب بيت حانون، كان القصف بسلاح حديث، أحدث هزة شعرت بها بشكل قوي في كل الشمال. فذهبت إليه واتصلت به، قلت له: “أريد أن أراك”.
أحمد منصور
مروان عيسى؟
محمود مرداوي
قال لي: “تفضل”. التقيته في منتجع النور، فقلت له: “يا أبو البراء، مروان، يعني هذا خطير، وليبرمان وزيراً حديثًا، ويريد أن يجرب ردة فعل الحركة”. قال: “نحن سنخاطب جهات دولية، ويقصد مصر، ونبلغ الإسرائيليين بخطورة ما يجري، وأننا لا نتحمل ما يحدث، لا تقلق، لكن أريد أن أقول لك شيئًا واحدًا، والله كل ساعة نكون في حالة، وفي الساعة التي تليها حالة أفضل، الله سبحانه وتعالى فتح علينا في التصنيع لأبعد الحدود”.
أحمد منصور
محدش فاهم إلى الآن كيف 15 شهرًا من القتال في قطاع محاصر، والناس تقاتل أعتى دولتين في العالم؟
محمود مرداوي
نعم. فقال: “نريد أن نستكمل البناء، نريد أن نستكمل البناء”.
جاسر البرغوثي
يعني تتخيل شخصية مثل هذه، أنت تمتلك جيشًا والقرار بيدك، ويحدث تصعيد يومً عمل الجهاد الإسلامي، والشارع ضاغط عليك، ومحيطك ضاغط عليك. الكل كان يستفزك، ونحن طبيعتنا العرب دائمًا أن يكون صدرنا حاميًا، ونذهب على غرار “فزعة الحمايل”، إن كل الناس تتحمل الضغط، والضغط الذي تعرضت له وأنت تمتلك نفسك، لا بد أن تكون قيادة مثل أبو البراء عيسى، ومحمد الضيف، وأبو إبراهيم السنوار. كل هذه الضغوط يتجنبونها، ويصلون بنا إلى “طوفان الأقصى” الذي تتحدث عنه، شوف، حتى الصورة التي تكرم فيها أبو إبراهيم، نحن نتحدث عن “سيف القدس”، كيف؟ أبو إبراهيم جلس على هذا الكرسي وتحدى العالم، وكان مصيره على الكرسي، وكأنما كان يعرف مستقبله، وحسن الخواتيم، وكان يضع رجلاً على رجل في “سيف القدس”، متحديًا، وبموت متحديًا، وحاطط رجلاً على رجل. ومين ؟؟ يواجه إسرائيل في 7 أكتوبر؟ انهزمت. نحن نقاتل أمريكا وبريطانيا وفرنسا. في 7 أكتوبر انتهى دور الإسرائيليين، نحن نقاتل دول العالم كله. البوارج جاءت، الذخيرة وكل الذخيرة مستمرة على غزة، نحن في 15 شهرًا نقاتل دولًا عظمى، ونرى المشهد الذي فيه أبو إبراهيم، الذي من السجن رفض الصفقة، هو نفسه الذي يقاتل وبالكيفية التي يملكها في أقل ما يملك، وهو عصاه. هذا هو مشهد قيادة غزة.
أحمد منصور
في مارس 2021، انتُخب يحيى السنوار رئيسًا لحركة حماس في غزة لولاية ثانية مدتها أربع سنوات. منزله تعرض للقصف عدة مرات؛ فقد قصفته الطائرات ودمرته بالكامل في 2012 و2014، كما تعرض لغارات في 2021. في 10 مايو 2021، اندلعت سيف القدس. كنت خارجًا حينها، لكنك كنت في غزة.
جاسر البرغوثي
شوف “سيف القدس”. كنا نذهب بشكل مستمر لزيارة أبو إبراهيم. كنا نحن الأسرى المحررون نذهب بين فترة وأخرى، ولا كان لدينا موعد محدد، بل نذهب بشكل عفوي للمكتب، فكان الناطق باسم القدس، محمد حمادة، الذي استشهد رحمه الله في هذه المعركة، كان يردد دائمًا عبارة مهمة، شوف قديش لازم نظل مركزين، وقلت لك إحنا لازم نتابع الخط البياني لأبو إبراهيم القدس، من بداية الجلسة. محمد حمادة كان يقول: “إنت بتحكي باسم القدس، ارفع السقف كما تشاء. جيش القسام جاهز، لا تقول إنه يومًا ما راح نقصر في أي تصريح يتعلق بالقدس”، كان أحدهم يخاطب الناطق الإعلامي للقدس: “ارفع سقفك كما تشاء”. ثم انتقلنا لحديث عن “سيف القدس”. وصلتنا رسالة من إخوتنا في القدس تقول: “لا أبو إبراهيم ولا أبو خالد الضيف”، نحن وصلنا لمرحلة كان فيها التدخل الإسرائيلي في المسجد الأقصى لا يُطاق، ووصلت الرسالة لأبو خالد الضيف، وأجاب قائلاً: “أنا جاهز، إذا كان القائد السياسي جاهز”. ولكن إذا كنت سأكتب تغريدة تخص القدس، سيكون هناك فعل من القيادة السياسية التي ستعطيني الإشارة، نحن في معركة من أجل القدس.
معركة سيف القدس
أحمد منصور
أنت تعرف قائد كتائب القسام، محمد الضيف.
جاسر البرغوثي
الرسالة وصلت، وأعطى أبو إبراهيم الإشارة للقيادة السياسية، كانت بداية معركة “سيف القدس” التي أحدثت نتائج واضحة، وكانت مؤشرات للطوفان. شعرنا لأول مرة أننا على أبواب التحرير. كان المشهد في الضفة مشتعلاً، والمشاعر التضامنية مع فلسطين في أوجها. حتى أنه جاء اتصال من أخ في غزة قائلاً: “هل صحيح أن بسام جرار قال إن التحرير سيكون في 2022 أو 2021؟”. المشهد في “سيف القدس” يدل على أن التحرير أصبح قريبًا.
أحمد منصور
الشيخ أحمد ياسين، في 2027 شهادته على العصر.
جاسر البرغوثي
النصر والتحرير هو بيد الله تعالى، ولكننا نتحدث عن الرجال الذين يصنعون الفرق. نحن نواجه دولة نووية، وهي تقيم علاقات مع العالم الإسلامي، بينما نحن محاصرون ومطاردون. نواجه التحديات ونصنع الانتصارات بأبسط الإمكانيات. هذا كله توفيق رباني، وفي كل معركة يظهر التحدي الأكبر والنصر الأوضح. ومعركة الطوفان التي نحن بصدد الحديث عنها، ضروري تعطينا مجالاً للإجابة على أسئلة الناس التي تكثر في الساعات الحرجة.
أنفاق غزة
أحمد منصور
محمود، شخصية حذرة، السنوار شخصية أمنية، لا يتكلم كثيرًا، وإذا تحدث فإنما يرسل رسائل من خلال كلامه.
في 26 مايو 2021، بعد إطلاق مئات الصواريخ في “سيف القدس”، قال إن لدى حماس 500 كيلومتر من الأنفاق تحت الأرض، وأن إسرائيل لم تلحق ضررًا سوى بنسبة 5% منها.
هذه الشخصية الحذرة، ماذا كان يريد أن يقول بهذا التصريح الذي يعترف فيه بوجود الأنفاق التي تعتبر من أقوى أسلحة حماس؟ ربما لم توجد حركة مقاومة في التاريخ حفرت أنفاقًا بهذا الحجم، حتى الفيتناميين لم يصلوا إلى ما وصلت إليه حماس في هذا المجال؟ ماذا كان يريد السنوار؟
محمود مرداوي
نعم، كان يتحدث بالحقائق، وكان يريد أن ينزع الحالة المعنوية التي بناها العدو على أكاذيب وأضاليل، قال فيها أن الضربات الجوية الحديثة قد دمرت جميع أنفاق حماس. ومعركة “طوفان الأقصى” والمعركة المستمرة لمدة خمسة عشر شهرًا تؤكد عكس ذلك. في فترة الذروة لحفر الأنفاق كنت في غزة. تقريبًا في 2018 من كانت الأنفاق جاهزة تقريبًا، جميع الأنفاق في غزة، سواء الهجومية أو الاستراتيجية أو الأنفاق التي تؤمن القوات.
أحمد منصور
إذاً هناك أنواع مختلفة من الأنفاق؟
محمود مرداوي
نعم، الأنفاق الأمنية التي تؤمن القوات وتنقلها من مكان لآخر، وتؤدي إلى الملاجئ والذخائر. هذه هي الأنفاق الاستراتيجية التي تمتد عبر أحياء ومدن كاملة. الأنفاق الهجومية، التي كانت تستخدم لمهاجمة العدو.
أحمد منصور
الإسرائيليون صوروا بعضها؟
محمود مرداوي
نعم، كان القطاع من بيت حانون إلى رفح وصلاح الدين. ولكن لم يكن أحد يعلم أين المدخل أو المخرج.
أحمد منصور
حتى مع الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية؟
جاسر البرغوثي
هناك طرق للتمويه في هذه الأنفاق.
محمود مرداوي
الإسرائيليون كانوا يصورونها لكننا كنا نستخدم أساليب للتمويه لإخفائها.
جاسر البرغوثي
في الأنفاق، يبدأ الحفر من نقطة معينة، وهي ما تسمى بـ “عين النفق”، التي يبدأ بها، ومن ثم يتم إخفاء الكثير من المدخلات والمخارج بشكل تدريجي.
خطة السنوار للتمويه على طوفان الأقصى
أحمد منصور
ما هي الأجواء التي سبقت “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2017؟ وكيف كانت أساليب السنوار في التغطية والتعمية، حتى فوجئ العالم كله بهذه الخطة التي ربما لم يقم بها أي قائد عسكري في العصر الحديث؟ ولم يكن السنوار وحده، بل كان معه جميع القيادات العسكرية في حماس والمنظومة الكاملة؟
جاسر البرغوثي:
أبو إبراهيم، كونه اقترب من الهدف بدأ في خطة التمويه التي انطلق فيها.
أحمد منصور:
إيه هي خطة التمويه؟
جاسر البرغوثي:
خطة التمويه، وهو بدأ يقاتل على إدخال العمال لكي يستطيع أن يدخل داخل إسرائيل، وكأنه يريد أن يرسخ أن الوضع الطبيعي.
ذهب للمصريين لتطوير التجارة.
جمع كل عناصر الدعوة في غزة قبل يوم من الطوفان، وتحدث لهم عن ما قمنا به مع المصريين ونريد أن نعمل على تطوير غزة والقطريين تحدثنا معهم في توسيع الاقتصاد في غزة.
كل الأمور هذه كانت تجري كتمويه وحركة القوات، وكانت قوة النخبة دائمًا على رأس الحربة. هم مع القسام، دمجها في الكتائب وحل النخبة. يعني مجرد أن تقول إن لديك قوة نخبة، إذا كان لديك خطة للهجوم، يتم حل قوات النخبة ويتم الإعلان عن ذلك. أعلنوا وبشكل مباشر أن هذه خطة دفاعية وليست هجومية، فقرأ الاحتلال أن غزة ستستقر في إطار معين.
أردت أن أتحدث عن نقطة مهمة، لأنه في كل لقاءاتنا، بكل طاقاتنا، اليوم يتحدثون ويسألون سؤال واحد، وأريد أن أجاوب على هذا السؤال من خلال هذه الحلقة، قبل أن نختم، يسألون: هل أنتم نادمون على ما حدث؟
أحمد منصور:
أنا كنت سأطرح هذا السؤال في النهاية، لماذا هذا الاستعجال؟
جاسر البرغوثي:
قبل أن نتكلم…
أحمد منصور:
نحن لا زلنا نتحدث عن الخطة والترتيب. أنت يا محمود، كيف رصدت تخطيط السنوار لطوفان الأقصى؟
محمود مرداوي:
أنا لم أرصد. إذا كنت قد رصدت، لما نجحت العملية. حقيقة لم أرصد.
أحمد منصور:
هل أحد رصد يا محمود؟
محمود مرداوي:
لم يرصد أحد.
أحمد منصور:
حتى الاستخبارات الإسرائيلية، بكل ما تملك، فشلت 8100 هي.
محمود مرداوي:
أنا، على سبيل المثال، عندما استفسرت عن حل البحرية، قالوا: “حل البحرية”. قلت: “كيف؟ كيف نحل البحرية؟ عندكم سفن؟ المشكلة ليست في البحرية، لدينا سفن”.
أحمد منصور:
هي الغواصات يعني، الغواصين..
محمود مرداوي:
مثلاً، هذا ما لم أستوعبه. النخبة، عرفت، وأنت من الداخل تتواصل معهم. النخبة انحلت لأن كل شيء تم إعادة هيكلته للألوية. يعني معقول؟ أما البحرية فهي لم تذهب بعيدًا. تساءلت وانتهى الأمر. هذا من الإجراءات.. إعادة تقليص المجلس العسكري. كل هذا استوقفني.
أحمد منصور:
كل هذه الخطوات سبقت الطوفان الأقصى وكانت معلنة.
محمود مرداوي:
معلنة. استمرار المناورات كما هي على الحدود، وتحاكي الهجوم. وأعطى أبو إبراهيم السنوار أوامر، ثبت بالمعطيات الإسرائيلية بعد الاطلاع، أن تستمر علنًا لأن عملية الإخفاء سيصل إليها العدو من خلال الطائرات.
أحمد منصور:
لكن ما تفعله يوميًا استمر فيه.
محمود مرداوي:
اعمله و أستمر فيه. ثم بقي موضوع الإجراءات العملية في سرية تامة، مثل التدريب على الطيران المظلي. كيف؟؟ تم فتح شركة وسُمح للناس باستخدام ذلك، ولكن تم رفع السعر بحيث لا يستطيع الجميع دفعه، رفعوا السعر على أساس أن الناس لن يقدروا، ثم خفضوه ليستخدموه، ولكن بالأساس لم يكن إلا للقسام أو التدريب للقسام..
أحمد منصور:
يعني الطيران الشراعي الذي رآه الناس، كان تخطيطًا بعيد المدى منذ البداية. نعم، تم فتح شركة تؤجر الطائرات، والذين أرادوا الطيران يمكنهم الطيران.
انتهاء عصر العملاء بعد اغتيال مازن فقها
محمود مرداوي:
المناورات التي أُجريت في داخل القسام وحاكت هذا الموضوع، سمح للفصائل دون أن تعلم بإجراء مناورات مشابهة، طلبت بعض الفصائل محاكاة هذه المناورات، فسمح القسام بذلك، وكانت مناورات واسعة، احتاجت لإغلاق شارع البحر طوال اليوم على المواطنين، واضطروا على التوجه إلى صلاح الدين من أجل التمويه على العدو. ثم أخطأ العدو خطأ استراتيجيًا، وهذا تناوله الأخ جاسر في محاولة استخدام العملاء لقتل الشهيد مازن فقها، وهذا استفز أبو إبراهيم واتخذ إجراءات حاسمة.
أحمد منصور:
كانت محاولة ولم تنجح.
محمود مرداوي:
نجحت، تم اغتياله.
أحمد منصور:
إذن، لم تكن محاولة اغتيال، بل اغتيال.
محمود مرداوي:
نعم.
أحمد منصور:
مازن فقها.
عندما تم اغتياله، قامت الحركة بعملية اعتقال، ونتج عن ذلك القبض على 45 مخبرًا إسرائيليًا. هؤلاء الـ45 حلو قدرة العدو على الحصول على معلومات حول حركة الشباب في يوم الطوفان؛ فشلوا في الحصول على معلومات بشرية، وكانت الظروف غير مواتية لهم، مع حالة الارتخاء وما شابه.
أحمد منصور:
أنا كان سؤالي الذي حللته الآن، والجاسر الذي تعرض له في الحلقة السابقة. فعلاً، العدو أو الإسرائيليين يسعون إلى زرع العملاء البشريين الذين يمدونهم بمعلومات هامة جدًا، إذا كانت كل هذه المعلومات قد أُعميت عن العملاء البشريين، بعد عملية الاعتقالات التي تمت بعد اغتيال مازن فقها دورًا في هذا الموضوع.
جاسر البرغوثي:
في الواقع، ما تفيد هذه العملية هو أن عادةً عندما تمسك عميلًا أو عميلين، لا يعطيك الصورة الكاملة، لأن كل عميل يزودك بمعلومة جزئية، لكن عندما يتم القبض على شبكة من العملاء على امتداد القطاع، فهذا يعطيك صورة كاملة عن كيفية عمل الاحتلال وتفكيرهم، هذه المعلومة ساعدت في فهم كيفية التواصل مع العملاء المزدوجين، كثير من الأشخاص أصبحوا عملاء مزدوجين، يزودون الاحتلال بمعلومات خاطئة، وبالتالي يحرفون تفكير الاحتلال بشكل كامل، وهذا ساعد في التنسيق مع المنظومة التي أدت للطوفان.
صدمة طوفان الأقصى
أحمد منصور:
اختفى السنوار في 7 أكتوبر اختفاءً شديدًا، ولكن أفعاله كانت هي الظاهرة. من المؤكد أن الخطة التي وضعها السنوار أو خطة حماس أو خطط القادة العسكريين لم تتوقع المشهد الذي حدث في 7 أكتوبر، من عملية الانهيار التي حدثت للإسرائيليين، والوصول إلى أبعد مدى وصلوا إليه، وكذلك أعداد الأسرى، ربما كانوا يخططون لأسر 10 أو 12 ضابطًا، وفوجئوا بأن هناك مئات أو عشرات تم أسرهم، والشعب أيضًا شارك في عملية الأسر، الناس الذين كانوا يذهبون في مسيرات العودة شاركوا، ورأينا كيف كانت تتم عمليات الأسر، كانت الصدمة في 7 أكتوبر ليست عند الإسرائيليين فقط، بل كانت أيضًا عند حماس وقيادات الحركة، أليس كذلك؟
جاسر البرغوثي:
لكن أخي أحمد، القسام لم يكن يتوقع هذا الانهيار، يجب التدقيق في هذا الأمر، لأن القسام كان لديه لوائح بالاعتقال لهذه المواقع داخل القطاع، كل ما كان يهدف إليه هو اعتقال الضباط والجنود في غزة، اللي تفاجئ هو الاحتلال، إن القسام أنجز في ساعتين ما كان يهدف إليه، عندما يعترف الاحتلال بما حدث، سيكون هناك من يتفاجأ بمعلومات غير متوقعة حول نتائج الطوفان، ومع ذلك، يتكتم الاحتلال على بعض الأمور حتى الآن، لكن هناك معلومات أمنية كانت متوقعة وغير متوقعة، وكان النجاح مئة بالمئة.
أحمد منصور:
يعني كتائب القسام حينما دخلوا معهم قوائم وخرائط بأسماء وأماكن الضباط والناس الذين سيقومون باعتقالهم.
جاسر البرغوثي:
في أحد الفيديوهات، كان الضابط يقول: “في باب خلفي لشقته”، يعني أنت واحد عارف إنه أنا درست وأن هذه الشقة موجودة، جئت لأعطيك إياها. يعني، أنت متخيل، ضابط من القسام موجود في غزة، الاستخبارات العسكرية تمتلك جميع المعلومات. كل ما تطلبه عن هذه الشخصية، يمكنك أن تذهب إليه وتعرف ما الذي يعمل فيه وطبيعة عمله. وأنا سأؤمن لك الجدار الأول والجدار الثاني والمسافة الفاصلة بينهما. على سبيل المثال، يمكن أن تقول: “هذه سرية الدبابات كيف تتعامل معها؟”، وكيف تحتاج للوصول إلى الشخص، وتحمل اللواء بملابسه الداخلية، ثم تجدوه في غزة. ونحن نتحدث عن رتبة لواء. يعني، تخيل، في غزة تم اعتقال لواء بعد خمسة عشر شهراً. اعتقال شخص برتبة لواء أو رتب عالية. في خلال ساعتين، أصبح اللواء في قلب غزة. وبعد 15 شهراً، لا يزال موجوداً في القطاع. وأنت غير قادر رغم كل إمكانياتك وإمكانات الغرب. لا تستطيع الصولول له، غزة استطاعت الحفاظ على 100 أسير، وكل هؤلاء الأسرى هم من أصحاب الرتب العليا، وعلى الهوية، وما زالوا محتفظين بهم.
أحمد منصور:
لأن المعركة لا زالت قائمة، تقييم المعارك في هذه المرحلة ليس صوابًا. يجب دائمًا أن ننتظر حتى نرى النتائج ثم نجري مسحًا. ربما يكون لنا لقاء آخر نتحدث فيه باستفاضة عن “طوفان الأقصى”. ولكن محمود، ما الذي حققته “طوفان الأقصى” حتى اليوم في المشهد العالمي؟ في المشهد الفلسطيني، في المشهد العربي، والمشهد العالمي؟
محمود مرداوي:
المشهد هو أن “طوفان 7 أكتوبر” كان معركة فلسطينية في مواجهة المحتل الذي يعتدي على المسجد الأقصى. يهود الضفة ويقطعونها.
في 8 أكتوبر، أصبحت المعركة مع الولايات المتحدة، وجزء من أوروبا، والصمت العربي والتخاذل كان جزءًا من المعركة ضد المقاومة.
ولكن الشعب الفلسطيني لم يكن في يوم من الأيام قريبًا من الدولة الفلسطينية كما هو الحال الآن.
يعني، الموفد الأمريكي للشرق الأوسط يتحدث عن أن مسببات “الطوفان” والدوافع وراءه يجب أن تزول. وعندما سُئل عن كيفية إزالة هذه الدوافع، قال: “بقيام دولة عاصمتها القدس الشرقية”.
هذا موقف لم نسمع به، من إدارة ترامب بالطبع، هذا الموفد..
فتلقائيًا، هناك تغيير في الموقف الأوروبي. الآن، تقر أوروبا جميعها بالحقوق الوطنية الفلسطينية وتدين الاحتلال. والصورة الوردية التي كانت تُرسم نفاقًا أو دعاية أصبحت مخالفة، هذا يعني أن هناك دولة تمارس الإرهاب وقادتها مجرمو حرب مطلوبون للعدالة الدولية، وقد تم إدانة نتنياهو وترامب في لائحة الاتهام، أنا لا أتحدث عن العالم الثالث، أو عن أمريكا الجنوبية أو آسيا، بل أتحدث عن الدول الأوروبية، موقفها تغير، والشعوب الأوروبية والأمريكية تغيرت في رؤيتها وحساباتها، كانت تعتبر الفلسطينيين إرهابيين، أما اليوم، فإنها تعتبر أن الكيان الصهيوني والشعب الصهيوني يمارس القتل والإبادة ضد الشعب الفلسطيني، و ما نشاهده من مواجهات مع فرق كرة القدم والسياح الإسرائيليين في كل أنحاء العالم، يعني أن المسّ بهم ومنعهم من دخول المطارات أو استادات الرياضة، يؤكد أن الموقف الفلسطيني والصورة للنضال الوطني الفلسطيني قد تغيرت لصالح الفلسطينيين بعد “طوفان الأقصى”.
ثم سقوط هذه الدولة التي لا تقَاتل، ويُقتل جنودها ويُأسَرون، وهي عاجزة عن إعادتهم. نعم، تستخدم الطائرات والبوارج لقتل أبناء شعبنا، أطفالًا ونساء، وهذا صحيح، وهو مؤلم ومحزن. نسعى لإزالته ومنعه. لكن في النهاية، انكشفت حقيقة هذا الكيان، وأصبح كل عربي فردًا وجماعات يعتقد أن بالإمكان إسقاطه وتفكيكه. لكن الحراس ورؤساء الدول العربية والإسلامية للأسف لا يريدون اتخاذ الموقف الواجب، واجب الساعة، تجاه فلسطين ومقدساتها. لكن الشعوب تعتقد جازمة أن كيان العدو يقاتل ويهزم. قريبًا، ستكون هناك معارك مفتوحة مع هذا العدو، لأن كل محاولات العدو بعد 7 أكتوبر لتدجين عقله والعودة إلى 6 أكتوبر فشلت، وهو يدفع باتجاه التطرف وصب الزيت على النار.
هل تسبب السنوار في تدمير غزة؟!
أحمد منصور:
كما قلت لك، لست بصدد تقييم “طوفان الأقصى” أو التعرض لها بشكل تحليلي لأنها لا تزال قائمة. تقييم المعارك دائمًا يكون بعد انتهائها. جاسر، هناك سؤال مهم، هناك اتهامات لحماس، وللسنوار تحديدًا، بأنه تسبب في تدمير غزة مقابل لا شيء.
جاسر البرغوثي:
الجواب على هذا السؤال هو ما نطق به الأنبياء. يعني عندما لو أردنا أن نسأل سيدنا إبراهيم قبل أن يُلقى في النار: “هل ألقيت نفسك في التهلكة؟” ماذا كان جواب سيدنا إبراهيم في تلك اللحظة؟ في لحظة انتهى الباطل وأصبح الحق ظاهرًا. لو سألنا سيدنا موسى، وكان فرعون بجيشه يقول: “أنا ربكم الأعلى”، وكان أتباعه يقولون: “إنا لمدركون”، وكان سيدنا موسى أمام البحر، وجيش فرعون في لحظة تغيرت الأمور. لكن نحن نقول للعالم كله: نحن ليس كما قالت بني إسرائيل: “إنا لمدركون”، بل نحن لمنتصرون.
ولو سألنا سيدنا يوسف: “هل أنت نادم على أنك دخلت السجن؟”، وهو كان يعلم أنه سيدخل السجن، ودخل السجن ودفع الثمن، وبعد لحظات أصبح أمينًا على خزائن الأرض.
كل الأنبياء تعرضوا لهذه الفتنة. الفتنة التي تتعرض لها غزة لم يتعرض لها أحد في التاريخ. كانت الدول العظمى التي اجتمعت على غزة، لاتجتمع فقط لحروب عالمية. لكن غزة، رغم الجراح والألم الذي يفوق كل وصف، أسقطت منظومة الغرب التي كانت تتغنى بالإنسانية، والديمقراطية، والحرية التي أنفقوا عليها المليارات. دماء أطفال غزة أسقطتها، ونحن مقبلون على مرحلة جديدة، مرحلة الإنسان. كل ما حدث في غزة هو أنها كسبت معركة الوعي. أصبحت كل الشعوب، عندما ترى عجوزًا في بريطانيا تخرج في مسيرة، يسألها الصحفي: “لماذا تخرجين في هذا البرد القارس؟”، فتقول: “أنا أخرج لأنتصر لإنسانيتي، أنا مجرد أن أخرج في الشارع، أنا أحقق إنسانيتي، وإنسانيتها أصبحت مرتبطة في بإنسانية طفل من غزة.” هذا هو الوضع الطبيعي. هذه الدول الاستعمارية لن تقبل إلا باستعمار واستعباد الناس. كل هذه البوارج التي انطلقت منها تريد أن نبقى أسيرين للخوف، وأن نظل عبيدًا لهذه الدول، وأن لا نفكر. يريدون محو ذاكرة 7 أكتوبر، لأن هذا محرم على الأمة الإسلامية. يريدون أن يغيروا ما حدث في 7 أكتوبر ويحولوه من نصر إلى… نعود للتفكير فقط في آلامنا وجراحنا.
أحمد منصور:
سيغير 7 أكتوبر وجه العالم.
محمود مرداوي:
نعم، بدون شك، وبالتأكيد، وخاصة فيما يتعلق بكيان العدو. نيكسون قال: “لا أستطيع أن أتخيل العالم والمسار السياسي فيه دون كيان العدو”. وبدون إسرائيل، دخل كيان العدو في مسار التفكك الداخلي وصراعات ناتجة عن الطوفان.
أحمد منصور:
هذه نقطة مهمة جداً لم نتعرض لها، وهي أن الخمس سنوات التي سبقت الطوفان كانت صراعاً داخلياً داخل إسرائيل، والكل كان يحذر من انهيار الدولة. ولكن بما أنني أرغب في أن أختم، لو استمررنا في الحديث ساعات طويلة. 17 أكتوبر 2024. يوم مشهود في التاريخ، لأول مرة ربما في تاريخ حركات التحرر في العالم، يقوم العدو بتصوير قائد حركة التحرر وهو يقاتله في آخر لحظات حياته وينشر هذه الصور. وتصبح هذه الصور متداولة في العالم أجمع بشكل من الذهول، والإعجاب، وعدم التصديق لما حدث. أن قائد هذه الحركة كان موجوداً في الجبهة يقاتل حتى آخر لحظة، وآخر شيء كان يملكه عصا. والمشهد هذا، المشهد الذي يحيى السنوار في نهاية حياته، كيف سيبقى في التاريخ؟
محمود مرداوي:
نعم، أول شيء أسقط الرواية الإسرائيلية من خلال الإسرائيليين وما نشروه. ثم سيبقى خالداً في قلوب الناس ووعيهم، أن الشعوب لا يمكن أن تنتصر إلا بالإيمان القاطع والاستعداد الكبير للتضحية. وإذا توفرت قيادات تقودها باتجاه أهداف محددة، مع وضوح الرؤية واستعداد لدفع الثمن، كما فعل الشهيد الكبير أبو إبراهيم السنوار.
أحمد منصور:
الكلمة الأولى في البداية كانت له لأنه هو الكبير. وأنت لك الخاتمة.
جاسر البرغوثي:
الخاتمة: إن المشهد الذي ختم به أبو إبراهيم حياته سيخلده التاريخ وسيصبح مضرباً للأمثال. ونحن نزور كل البلدان في تركيا أو خارج تركيا نجد صورة لأبو إبراهيم. أصبح هناك من يصنع حتى تمثالاً لأبو إبراهيم وهو يحمل العصا. التواصل الاجتماعي، الشعوب تهوى الحرية وصناع الحرية. هذه الثمار سنكتشفها قريباً. وسيدرك العالم التغيير.
أحمد منصور:
هذه كل الشعوب، بكل اللغات، بكل الجنسيات، بكل الأديان، بكل الأعراق. أصبحت صورة السنوار أيقونة. كان جيفارا في الماضي، لكن السنوار سبقه بكثير.
جاسر البرغوثي:
أرادوا أن يقتلوا السنوار في غزة، فانتشرت صورته في كل الكرة الأرضية. أصبح السنوار موجوداً في كل مكان. نحن شاهدنا المسيرات في أمريكا تحمل صورة السنوار وصورة أبو عبيدة، وهي لا تتكلم العربية، وليست مسلمة، ولم تلبس الزي الإسلامي. ما الذي يجعلهم يرتدون ذلك؟ يتركون تمثال الحرية في أمريكا، ويشعرون أن الحرية في عصا أبو إبراهيم، في عصا يحيى السنوار. إذاً مفهوم العالم كله يتغير، وسيكون هناك في مرحلة الوعي التي خلقها أبو إبراهيم بهذه الصورة. أنا إنسان مسؤول في الحركة وامتلك مقاليد الحكم، ولكنني تجدني مقاتلاً في الصفوف الأمامية، مقاتلاً مع الجنود العاديين، حتى إذا لم يكن قائد الكتيبة يتقدم الصفوف، تجد شخصاً مثل أبو إبراهيم يتقدم الصفوف ويحتك بشكل مباشر. هذا ينسف كل الروايات التي تقول إنه يختبئ بين الناس في الأنفاق، أنه يحافظ على أسرته. تجد أنه جريح، مقاتل، لم يأكل منذ ثلاثة أيام. يعني أنه منتمي لشعبه، وإذا جاع الشعب، فهو جائع. إذا كان الشعب مقاتلاً، فهو مقاتل. إذا كان في الصفوف الأولى، فهو في الصفوف الأولى. وإذا كان شهيداً، فهو شهيد. إذا كان جريحاً، فهو جريح. فهذه الصورة لم يسبق لقائد عبر التاريخ أن جمع كل هذه الصفات الشرفية، كما أظهرها أبو إبراهيم. وكما قلنا: “حسن الخواتم من حسن السوابق”.
أحمد منصور:
محمود مرداوي، جاسر البرغوثي، القيادي في حركة حماس، شكراً جزيلاً لكما على شهادتكما عن قائد حركة حماس يحيى السنوار.
كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم. حتى ألقاكم في حلقة قادمة مع شاهد جديد على العصر، هذا أحمد منصور يحييكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محاور الحلقة
00:00 المقدمة
03:20 إرباك في مسيرات العودة.
05:52 رفض السنوار الاجتماع مع الإدارة الأمريكية.
10:19 إصابة السنوار أثناء تفقده الأنفاق.
12:38 أسباب رفض السنوار لدولة في غزة ولقاء كوشنر.
17:30 الثمن الذي قدم للسنوار مقابل دولة غزة.
19:53 لقاءات السنوار مع الفصائل.
22:13 تعامل السنوار مع الأخطاء الإدارية.
23:05 مروان عيسى.
27:42 معركة سيف القدس.
34:17 الأجواء التي سبقت طوفان الأقصى.
39:30 انتهاء عصر العملاء بعد اغتيال مازن فقها.
41:35 صدمة 7 أكتوبر.
44:50 نتائج الطوفان المحلية والإقليمية والدولية.
49:25 هل تسبب السنوار في تدمير غزة؟!
52:42 مشهدية استشهاد السنوار.