فى جحيم لبنان

صور الجنود الأمريكيين العائدين مهزومين من معركة بنت جبيل التى وقعت يوم الأربعاء الماضي 26 يوليو 2006وتكبدت فيها القوات الأسرائيلية خسائر وصفها وزير الدفاع الأسرائيلي عمير بيريتس بأنها فادحة ، تدل علي أن الأستراتيجية العسكرية الأسرائيلية قد هزمت أما إرادة المقاتلين الذين نصبوا لهم كمينا فى بنت جبيل ، وأقاموا مذبحة للواء ” جولاني ” الذي أسس عام 1948 ليكون الذراع الضاربة للجيش الأسرائيلي ، لكن الهزيمة والأنكسار التى بدت فى الصور التى بثتها وكالة رويترز يوم الخميس الماضي 27 يوليو للجنود الأسرائيليين تؤكد أن إسرائيل قد فتحت على نفسها أبواب الجحيم ، ، ولعل المحلل العسكري الأسرائيلي الذي يصفونه بأنه الأكثر احتراما بين الأسرائيليين زائيف شيف كان الأكثر تعبيرا عما تعانيه الدولة اليهودية وجيشها حينما قال ” إن إسرائيل أبعد ما تكون عن تحقيق انتصار عسكري حاسم كما لم تحقق أي من أهدافها حتى الآن ” هذه الرؤية من داخل المعسكر الأسرائيلي تثبت أن أسطورة الجيش لا يقهر قد قهرت بالفعل ولو في هذه المرحلة ، ويكفي أنه بعد ثلاثة أسابيع من الحرب لم تستطع إسرائيل أن توقف صورايخ حزب الله التى تخطت يوم الجمعة الماضي حيفا ووصلت إلي العفولة للمرة الأولي تنفيذا لتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ، لتزيد إرباك الأسرائيليين الذين أعلنوا انسحابهم في نفس اليوم من مثلث بنت جبيل عيترون مارون الرأس بعد أربعة أيام تكبدوا خلالها خسائر فادحة ، وفي نفس الوقت انسحبت دباباتهم من غزة بعدما خلفت عشرات القتلي والجرحي من المدنيين الفلسطينيين بينهم أطفال رضع ، وقد يكون هذا الأنسحاب تكتيكيا لحرق المنطقة بكل ما فيها ومن فيها ، وقد يكون قناعة بالعجز عن التقدم أمام إرادة مقاتلي حزب الله ، وأن إرادة الجنود الأسرائيليين الذين بدوا مهزومين نفسيا ومعنويا من خلال عشرات الروايات التي نشرتها الصحف الأسرائيلية تحتاج إلي إعادة النظر فى الخطط القائمة ، كما أن بقاء أكثر من مليوني إسرائيلي فى الملاجيء طوال الأيام الماضية يلقي عبئا كبيرا على الحكومة لأن هؤلاء يمثلون حوالي أربعين فى المائة من عدد السكان ، كما أن عجز القيادة العسكرية الأسرائيلية عن تحقيق نصر ملموس رغم الأسلحة المحرمة دوليا التى استخدمتها والتى أكد علي استخدامها مدير منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية ، ومع تواطؤ المجتمع الدولي بضغط من الولايات المتحدة التى أرسلت مزيدا من القنابل الصاروخية التى يفوق تدمير بعضها القنابل النووية الصغيرة ،مع كل هذا تعجز إسرائيل عن التقدم لبضع كيلو مترات داخل لبنان ، كل هذا يثبت أن إرادة نفر من الأمة حينما تتحقق فإن كافة أنواع التكنولوجيا العسكرية لا يمكن أن تقهرها ، ويشيربعض المراقبين إلي أنه إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة قبلها مصرة على تحقيق نصر يتبعه وقف لأطلاق النار فإنها ربما تلجأ في هذه الحرب لاستخدام قنابل نووية تكتيكية مثل التى قيل إنها استخدمت فى معركة بغداد ، لتحول مساحات واسعة من لبنان كما طالب كثير من الكتاب الأسرائيليين فى الصحف إلي أرض محروقة ، لتبيد الحرث والنسل وكل ماله صلة بالحياة ،ثم تتقدم قواتها علي أرض محروقة معلنة تحقيق النصر وسقوط الجنوب في يدها تماما كما حدث خلال الساعات الثماني و الأربعين التى سبقت التاسع من إبريل عام 2003 فى معركة بغداد ، وهذا أمر غير مستبعد فى ظل التواطؤ الدولي ، والعجز العربي ، وإذا كانت الحكومة الأسرائيلية قد قررت بعد اجتماع اللجنة الأمنية يوم الخميس الماضي أن تزيد من كثافة القصف الجوي وأن تستدعي أكثر من ثلاثين ألف جندي من الأحتياط ربما للقيام بعمليات برية أوسع فهذا يعني أن مزيدا من المعاناة للمدنيين ومزيدا من إسقاط القنابل الأمريكية لتدمير ما لم يدمر من لبنان ، إن إسرائيل ستحاول تحقيق نصر بأي ثمن وعلي أي شكل وبأية طريقة ، وبكل ما يمكن أن يتوفر تحت يديها من سلاح حتى لو وصل الأمر إلي حد القنابل النووية التكتيكية أو الفراغية محدودة التأثير التى تملكها الولايات المتحدة ، حينها فقط ستدعو الولايات المتحدة المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار ، لكن الذي يشعل فتيل الحرب لا يملك دائما القدرة على إطفائها .

الأسبوع المصرية

Total
0
Shares
السابق
حمد بن جاسم

حمد بن جاسم : مستقبل الخليج في ظل الصراع بين أميركا وإيران

التالي

حجاب زوجة الرئيس التركي

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share