فشل خيارمقاطعة حماس وعزل غزة

” شاؤوا أم أبوا ستتحدث أوروبا وأمريكا مع حركة حماس ” كان هذا عنوان مقال كتبه دونالد ماكنتاير فى صحيفة الأندبندنت البريطانية يوم الجمعة الماضي 17 أغسطس فى نهاية أسبوع حافل من حضور حركة حماس علي الساحة السياسية الأوروبية ، فقد بدأ الأسبوع الماضي بتصريحات لرئيس الوزراء الأيطالي رومانو برودي ، أثناء لقاء جمعه مع شبان إسرائيليين وفلسطينيين يشاركون فى مخيم فى إيطاليا قال فيها ” إن حماس أمر واقع ” ، ودعا برودي فى كلمته إلي مساعدة حركة حماس علي تطوير نفسها ، وأشار إلي أن روما تريد رؤية الفلسطينيين والأسرائيليين يعيشون معا فى سلام ، وأوضح برودي إلي أنه يجب الدفع باتجاه الحوار مع حماس ليصبح ذلك حقيقة علي الأرض ، وقد أثارت تصريحات برودي هلعا فى إسرائيل وغضبا عارما من قادتها ، دفعت برودي إلي محاولة تهدئة القيادة الأسرائيلية عبر اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء الأسرائيلي أولمرت حاول خلاله التخفيف من الصدمة التى أصابت الأسرائيليين بسبب تصريحاته ، وقد حاول المتحدث باسمه سيلفيو ريسكانا أن يزيد الأمر وضوحا فقال في بيان توضيحي قال فيه أن برودي كان يتحدث فقط عن ضرورة ترك قناة حوار مفتوحة مع حماس وليس إجراء مفاوضات معها ، لكن لم تكد إسرائيل تفيق من صدمتها من تصريحات رئيس الوزراء الأيطالي حتى أصدرت لجنة الشئون الخارجية فى مجلس العموم البريطاني يوم الأثنين 13 أغسطس دعوة إلي الحكومة البريطانية ، والمبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية توني بلير من أجل فتح حوار مع ما سمته ” المعتدلين ” من حركتي حماس وحزب الله ، وقالت اللجنة فى بيانها : ” إن مقاطعة حماس وعزل غزة واتباع سياسة ” الضفة الغربية أولا ” ودعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحدث أثرا عكسيا علي مساعي السلام ، وفي نفس اليوم كتب مايك جيبس مقالا فى صحيفة الجارديان البريطانية يدعوا إلي إجراء حوار مباشر مع حركة حماس بل دعا موفد الرباعية الدولية إلي أن يحقق إنجازا دوليا بقوله ” من خلال إجراء محادثات مع حكام غزة ، يمكن لتوني بلير تحقيق تأثير مماثل لذلك الذي حققه نيكسون فى الصين ” ، وقد تصاعدت هذه الدعوات فى بريطانيا بعدما قام أكثر من أربعين من أعضاء مجلس العموم البريطاني بالتوقيع علي عريضة فى شهر يوليو الماضي يدعون فيها إلي ضرورة التفاوض مع حركة حماس ، كما حفلت كثير من الصحف البريطانية والأمريكية مثل مجلة تايم بمقالات تتحدث عن الأستقرار والسلم الذي تعيش فيه غزة الآن والذي لم يحدث منذ قيام اسرائيل باحتلال القطاع عام 67 ، إلا أن ذلك لا ينفي بعض الأخطاء التى ترتكبها القوة التنفيذية التابعة لحماس فى غزة ، كما أن الوضع الخانق فى القطاع يزيد من صعوبات حماس في إدارته فى ظل إصرار إسرائيل وأمريكا وحلفائهما حتى من الدول العربية علي ضرورة عزل حماس ومواصلة حصار مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون فى القطاع وتوجيه الدعم الكامل لحكومة عباس ، ومحاولة التوصل إلي أي اتفاق ولو شكلي علي إحراز أي تقدم سياسي يؤكدون من خلاله أن حماس هي المشكلة ، لكن رغم كل ذلك فإن ثقة إسرائيل فى عباس وحكومته تبدوا ضعيفة للغاية رغم كل محاولات عباس للألتزام بكل مطالب الأسرائيليين والأمريكيين ، وقد نشر موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي فى حركة حماس مقالا في صحيفة الجارديان البريطانية فى 16 أغسطس الماضي فى إطار الحملة الغربية للحوار مع حماس قائلا : ” إن الذين يقصون حماس يرددون معاذير متخاذلة ، لا تصمد أمام التمحيص المحايد ، إنهم يفعلون ذلك لأنهم يريدون شريك سلام لا يهدد نوايا إسرائيل التوسعية ، إنا ليست دبيلوماسية بل تزمت ” .
لقد باتت القناعة بقبول الحقائق فى غزة تتصاعد وتزداد يوما بعد يوم فى الغرب وحتى داخل إسرائيل ، فتصريحات برودي ودعوة لجنة الشئون الخارجية فى مجلس العموم البريطاني ، جاءت فى أعقاب مطالب عديدة من سياسيين أمريكيين وغربيين وإسرائيليين سابقين بارزين بضرورة التفاوض مع حماس مثل وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول ، والمسئول السابق فى إدارة بوش ريتشارد هاس ، ووزير الخارجية الأسرائيلي السابق شلومو بن عامي ، وكثير من المفكرين والكتاب الغربيين ، لكن الموقف المتعصب والأعمي لأسرائيل وأمريكا وحلفائهم القائم علي رفض قبول الحقائق علي الأرض في غزة ، يسير فى اتجاه آخر لكنهم جميعا في النهاية سيجبرون علي ما يرفضونه اليوم وذلك حسب توقعات مراسل الأنبدبنت فى القدس الذي قال بثقة مطلقة : ” شاؤوا أم أبوا… ستتحدث أوروبا وأمريكا مع حركة حماس ” .

Total
0
Shares
السابق

غيبوبة الدولة أم الرأس ؟

التالي

صحوة الشعوب العربية والإسلامية للزود عن الرسول

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share