تساؤلات عن مصير عملاء الاحتلال فى العراق

يعيش عملاء الأحتلال فى العراق حالة غير مسبوقة من الرعب والفزع والخوف بعدما أصبح رحيل قوات الأحتلال البريطاني وشيكة ، ومن بعدها قوات الأحتلال الأمريكي التى تبحث عن ” انسحاب مشرف ” ، وقد دفع هذا كثيرا من المحللين الأمريكيين والبريطانيين إلي الكتابة عن ما بعد الأنسحاب ، ورغم انشغال الأمريكيين والبريطانيين بأنفسهم وقواتهم التى تزداد نسبة الخسائر فيها يوما بعد يوم ، إلا أن ملف عملاء ا لأحتلال قد فتح وبشكل كبير فى الصحف الأمريكية والبريطانية ، وكتب الكثيرون يتساءلون عن مصير هؤلاء الذين باعوا أنفسهم للمحتل ، وكان من أبرز الأمريكيين الذين كتبوا عن هذا الكاتب والمحلل الأستراتيجي الأمريكي البارز فرانسيس فوكوياما فى مقال نشره في صحيفة لوس أنجلوس تايمز فى 7 مايو الماضي تحت عنوان ” تساؤلات ما قبل الأنسحاب “وقد عاد بالذاكرة إلي عملاء الأحتلال الأمريكي في فيتنام وقارن بينهم وبين عملاء الأحتلال الأمريكي في العراق حيث قال : ” إن منظر حلفائنا من المواطنين الفيئتاميين وهم يتعلقون بالأجزاء البارزة من بدن آخر طائرة هليكوبتر أمريكية تغادر فيتنام من أمام مقر سفارتنا فى العاصمة سايجون هو منظر يجب أن نستدعيه إلي ذاكرتنا فى هذا الشأن ؟ ” وما طرحه فوكوياما طرحته الصحف البريطانية عن عملاء الأحتلال البريطاني فى العراق بعدما أصبح رحيل القوات البريطانية من العراق وشيكا حسب رأي كثير من المحللين حيث لم يفلح الرئيس الأمريكي جورج بوش فى ثني عزم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أثناء لقائه به فى نهاية يوليو الماضي عن قرار لم يعلن رسميا بعد ببدء سحب القوات البريطانية من العراق ، وهذا ما دفع صحفا مثل ” التايمز ” البريطانية إلي أن تغطي علي مدي عدة أيام مصير عملاء الأحتلال البريطاني فى العراق حيث بدأت الحديث عن 91 مترجما وأسرهم ثم وصل الأمر بعد يومين من تناول الموضوع إلي بيان أن عدد العراقيين الذين عملوا مع قوات الأحتلال البريطاني وحدها منذ احتلال العراق فى إبريل من العام 2003 يزيد علي عشرين ألفا ، وأنهم جميعا تحت التهديد .
ففي عددها الصادر فى 7 أغسطس الماضي احتلت قضية عملاء بريطانيا فى العراق صفحة الغلاف الأولي وثلاث صفحات داخلية من صحيفة التايمز وكان هذا بداية لسلسلة من المقالات وردود الفعل التى تتالت فى الأيام التالية ، وقد أوردت الصحيفة قصة أحد المترجمين العراقيين الذين يعملون مع قوات الأحتلال البريطانية والذي أصبح يعيش داخل أحد معسكرات الجيش البريطاني بعدما أصبحت حياته مهدده لأنه مثل غيره ممن يعملون مع قوات الأحتلال ينظر إليهم من بقية العراقيين علي أنهم ” جواسيس يستحقون القتل ” ، أحد هؤلاء واسمه ” كناني ” قدم طلبا إلي رئيس الوزراء البريطاني توني بلير فى آخر زيارة قام بها للعراق في مايو الماضي كرئيس للوزراء وسلم طلبه باليد إلي روس تيرنر الذي كان أحد المستشارين المقربين من بلير ، وبينما كان هذا العميل الذي توسط له ضباط بريطانيون رفيعو المستوي تكلفوا بأن تصل رسالته إلي بلير ينتظر الجزاء الأوفي نظير خدماته التى قدمها للبريطانيين علي مدي السنوات الماضية ، إذا به تصله رسالة من مستشار السياسة الخارجية في رئاسة الوزارء البريطانية نيك بانر فى 22 مايو الماضي برفض طلبه ، وتنصحه بالدخول إلي موقع الحكومة البريطانية علي الأنترنت لمعرفة شروط الحصول علي تأشيرة دخول ، وهناك قصص كثيرة لعملاء آخرين أحدهم خرج هربا من الموت من العراق إلي سوريا وحاول أن يدخل حتى إلي مقر السفارة البريطانية في دمشق ليشرح لهم قضيته إلا أنهم لم يفتحوا له الباب ، وهو الذي كان يعتقد أنهم سيرحبون به رغم أنه باع وطنه مقابل راتب متدني للغاية لايزيد عن مائتين وخمسين جنيها استرلينيا فى الشهر هو راتب المترجم العراقي الذي يعمل مع قوات الأحتلال ، ورغم أن رئيس الوزارء البريطاني جوردون براون وعد بالبحث عن حل لمشكلة هؤلاء بعد نشرها إلآ أنه اتضح أن المشكلة ليست مشكلة المترجمين وحدهم وإنما مشكلة عشرين ألف عراقي عملوا مع قوات الأحتلال البريطاني وحدها .
الأمريكيون بدؤوا بالفعل قبول آلاف من العملاء للأقامة فى الولايات المتحدة وبعدما كانوا يمنحون خمسين تأشيرة لهم كل عام منحوا هذا العام تأشيرات لسبعة آلاف وسط تكنهات بأن كل العملاء لديهم قلق كبير علي مصيرهم ولا يعرفون هل سيمنحون حق اللجوء إلي أمريكا أم سيتركون ليتلقوا ” جزاء سنمار ” بعد رحيل قوات الأحتلال ، عدد المترجمين الذي يعملون مع القوات الأمريكية من العراقيين يزيد علي خمسة آلاف وهؤلاء ليسوا مجرد مترجمين وإنما يعملون مرافقين للقوات كأدلاء وجواسيس أيضا وهذا ما يجعلهم هدفا لقوات المقاومة حيث قتل من المترجمين الذين يعملون مع القوات الأمريكية حتى الآن أكثر من مائتين وخمسين ، الدانمارك أحد دول التحالف التى انسحبت من العراق منحت اللجوء للعملاء العراقيين الذين عملوا معها مع عائلاتهم ، والأمريكيون بدؤوءا إجراءات استقبال آلاف العملاء ، والبريطانيون يبحثون الأمر الآن بعدما اتضح أن الأمر يتعلق بعشرين ألفا وليس ببضع عشرات ، وبما أن الذي يبيع وطنه لا يبكي عليه أحد فإن المصير الأسود ينتظر هؤلاء العملاء سواء بقوا داخل العراق أم هربوا خارجه وعلينا أن ننتظر ونترقب الخاتمة التى اقتربت لهم .

Total
0
Shares
السابق

المحكمة الدولية .. والفرار من مأزق العراق

التالي

من يشعل فتيل الحرب الأهلية فى لبنان ؟

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share