السر الذي أغضب العرب و العجم من حماس

حالة الأستنفار الشامل التى قامت بها إسرائيل وحلفائها لاسيما الولايات المتحدة وبريطانيا ومعها الدول العربية المجاورة لفلسطين بعد سيطرة حركة المقاومة الأسلامية حماس علي قطاع غزة حتى وصلت إلي حد دعوة الرئيس المصري حسني مبارك إلي عقد قمة رباعية تضمه إلي جوار ملك الأردن عبد الله الثاني ، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الأسرائيلي يهود أولمرت علاوة علي التداعي الأمريكي الغربي لتقديم الدعم اللامحدود للرئيس عباس وحكومة الطواريء التى شكلها وفتح كل الأبواب لدعمها والتضييق فى نفس الوقت علي قطاع غزة وإغلاق كل منافذه ومحاصرة سكانه ، هذا الأستنفار العربي الأسرائيلي الأمريكي الدولي ضد حماس لا يعود إلي مجرد سيطرتها علي القطاع ، وإنما إلي سيطرتها علي كم هائل من الوثائق والأسرار وأجهزة التصنت التى كانت موجودة في مقار الأجهزة الأمنية والتى تكشف العلاقات المعقدة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وهذه الدول ،والتى أعلنت حماس عن بعضها فى المؤتمر الصحفي الذي عقدوه فى غزة يوم الجمعة الماضي ، وكانت مصادر إسرائيلية قد أعلنت فى أعقاب سقوط مقار الأجهزة الأمنية والأستخباراتية التابعة للسلطة فى غزة فى أيدي حركة حماس أن ما حدث ” يشكل أكبر كارثة استخباراتية فى القرن الأخير لم يحصل ما يشببها فى تاريخ الأجهزة العالمية ” وربما يعتبر البعض ذلك تهويلا إسرائيليا إلا أن الحقيقة ربما تكون أكبر من ذلك فطوال ثلاثة عشر عاما والولايات المتحدة تنفق عشرات الملايين من الدولارات علي التدريب والتجهيز للأجهزة الأمنية ورجالها ، وهناك تقارير تنشر من سنوات عن ارتباط مباشر لبعض قادة هذه الأجهزة الأمنية بالأستخبارات الأمريكية والأسرائيلية كما أن الأتفاقات التى أبرمت خلال السنوات الماضية تحتوي علي كثير من التفاصيل ، ورغم أن حركة حماس لم تفصح عما استولت عليه حتى الآن وربما لن تفصح إلا عن القليل ، لكن هناك تقارير تشير إلي استيلاء حماس علي أجهزة تنصت وتعقب أمريكية متطورة للغاية ، وأن نجاح حماس في استخدام هذه الأجهزة ، أو نقلها إلي خارج القطاع سيؤدي إلي عواقب وخيمة سواء للأسرائيليين أو الأمريكيين أو حلفائهم الذين تداعوا للبحث فى هذه الكارثة وكيفية تحويل استيلاء حماس علي القطاع وعلي هذه الأجهزة وهذا الكنز الأستخباراتي إلي كارثة علي سكان غزة جميعا .
وتشير بعض المصادر الأسرائيلية إلي أن هذه الوثائق ـ التى أعلنت حماس أنها لن تستخدمها فى التشهير بأي مسئول فلسطيني أو جهة خارجية ـ تعتبر سلاحا ثقيلا وكنزا استخباراتيا سقط بيد حماس ، وأن الأمر استدعي إلي عقد لقاء عاجل بين مسئولين فى أجهزة ” السي آي إيه ” الأمريكية ” وإم أي 6 ” البريطانية ” والموساد والشاباك الأسرائيلي للبحث في هذه الكارثة التى ألمت بهم ، فكل هؤلاء سعوا لمد السلطة الفلسطينية علي مدي السنوات الماضية بأجهزة ونظم استخباراتية معقدة ، وتدريب الألاف من رجال الأمن والأستخبارات الفلسطينية فى دورات تدريبية فى دول أوروبية وعربية علي استخدامها ، ومن ثم فإن سقوطها بيد حماس أصبح يشكل خطورة كبيرة علي الجميع .
وفي هذا الأطار أذكر أنه بعد سقوط نظام صدام حسين فى بغداد استولي كثير من الناس علي ملفات أجهزة الأستخبارات والأجهزة الأمنية العراقية الكثيرة والتى كان بعضها يتجثث علي بعض علاوة علي تجسس الجميع علي الشعب ، وكانت من أكبر أنواع التجارة الرائجة فى أعقاب سقوط نظام البعث هو بيع تلك الوثائق ، وقد حصلت علي بعضها ونشرتها في كتابي ” قصة سقوط بغداد ” ، لكن جانبا من هذه الوثائق لاسيما المتعلقة بالتجسس علي الأفراد كان لها أثارا مدمرة علي المجتمع العراقي إذ أنها كشفت كيف كان الجار يتجسس علي جارة والطبيب علي مريضه والولد علي أبيه وكوارث أخري مؤلمة أدت إلي كثير من التصفيات بعد سقوط النظام حتى أن بعض الوجهاء فى بعض المدن قرروا حرق ملفات الأجهزة الأمنية بعدما اكتشفوا أن لها آثارا مدمرة علي المجتمع العراقي وعلي علاقات الناس بعضها ببعض ، والمخاوف هنا من أن يكون هذا الكنز الأستخباراتي التى حصلت عليه حماس له أثار مدمرة علي المجتمع الفلسطيني إذا لم يحسن استخدامه ، وإذا تسربت المعلومات وأصبحت في أيدي العامة مما سيؤدي إلي ثارات كثيرة داخلية علاوة علي المخاوف الدولية القائمة مما تحت أيدي حماس ، ومن ثم فإن هذا الكنز الأستخباراتي هو سلاح ذو حدين ، و في هذه الحالة لن يكون ” كارثة استخباراتية ” علي إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وحلفائهم فقط ، وإنما قد يكون كذلك علي الشعب الفلسطيني وهذا هو السر الحقيقي فى الغضب العربي والغربي علي حماس ، فهل ستحسن حماس استخدام الكنز الأستخبارتي الهائل الذي حصلت عليه ؟

Total
0
Shares
السابق

تأملات في اقتصاد تركيا

التالي

بيروت …. المدينة الخائفة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share