بعيداً عن الإنسانية : أسرار الاهتمام الأمريكي البريطاني بدرافور

الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا الضالعتان فى جرائم الحرب فى العراق وأفغانستان منذ ما يقرب من عدة سنوات ، يقودان الآن حملة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب فى دارفور ونشر قوات دولية من أجل حفظ الأمن فى الأقليم .
غلاف صحيفة الأنبدنت البريطانية كان يوم الخميس 2 أغسطس عن جرائم الحرب فى دارفور ، كما كان ملف دارفور كان من بين الموضوعات الرئيسية التى ناقشها رئيس الوزارء البريطاني جوردون براون مع الرئيس الأمريكي بوش أثناء أول زيارة قام بها إلي الولايات المتحدة فى شهر يوليو الماضي ، الرئيس الأمريكي أعلن أيضا فى يوليو أنه يستبعد إرسال قوات أمريكية إلي درافور لكنه طلب من مجلس الأمن أن يتحرك ، وبالفعل تحرك مجلس الأمن مع الأتحاد الأفريقي وخلال الأسابيع الماضية عقدت لقاءات كثيرة كان آخرها فى ليبيا وتنزانيا من أجل ترتيب نشر قوات إفريقية ودولية في دارفور .
أمريكا وبريطانيا الضالعتان فى جرائم الحرب تبديان اهتماما كبيرا بما يحدث فى دارفور أمر يدعو للعجب والتساؤل ، حقا هل الدولتان التى ترتكبان جرائم حرب منذ عشرات السنين في أماكن متفرقة من العالم أصبحت الأنسانية تسري فى عروق سياسييها الآن من أجل مسلمي دافور ، لقد بلغ عدد العراقيين الذي قتلوا منذ الأحتلال الأمريكي للعراق حسب تقرير نشرته قبل عدة أشهر مجلة سانسيت البريطانية الرصينة أكثر من ستمائة وخمسين ألف عراقي ، أما عدد العراقيين الذي هجروا قسرا من بلادهم فهو يصل حسب بعض الأحصاءات إلي ثلاثة ملايين ولولا أن الدول المجاورة تغلق حدودها لوصل العدد إلي أضعاف ذلك أما العراقيين الذين كانوا من أغني الشعوب العربية فقد وصلت نسبة الفقر فيهم تحت الأحتلال الأمريكي أكثر من 40% حسب استطلاع نشرته وكالة أوكسفام البريطانية ، ويأتي السيد بوش والسيد براون ليتحدثا عن حقوق الأنسان فى دارفور !!
إن سر الأهتمام الأمريكي البريطاني بدارفور ليس له أية داوفع إنسانية علي الأطلاق فهؤلاء أبعد ما يكونون عن الأنسانية ، وإنما الأمر باختصار يعود إلي صراع علي النفط في السودان ، فأمريكا التى حشدت حشودها فى العراق وساعدتها بريطانيا كان النفط أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحشود ، ولأن السودان هو أحد الدول الواعدة مستقبلا في إنتاج النفط حيث أن كثيرا من مناطقه ومن بينها دارفور يتوقع أن تكون بها كميات هائلة من النفط ، لذا فإن الأمريكيين يبحثون عن موطأ قدم لهم هناك ، وليكن باسم حقوق الأنسان أو جرائم الحرب أو أيا كان الأمر ، وتصريح بوش عن استبعاد إرسال قوات أمريكية يعني أنه درس الأمر لكنه وجده مكلفا للغاية في ظل هزيمة تلاحقه فى العراق ، وخيبة أمل فى أفغانستان ، وحرب يعد لها ضد إيران ، لذا فإنه لجأ إلي مجلس الأمن الأداة التى يستخدمها دائما فى تحقيق مآربه وأطماعه ، واستعان بالحلفاء هنا وهناك بالترغيب والترهيب حتى يكونوا رأس الحربة لتحقيق مآرب أمريكا وأهدافها من خلال موطيء قدم لها فى السودان ، هذا جانب .
أما الجانب الآخر الهام فهو الصين القوة العظمي القادمة حسب رأي كثير من الخبراء والمحللين والتي تؤكد كثير من القراءات أنها ستكون الوريث القادم للأمبراطورية الأمريكية التى بدأت الشمس فى الغروب عنها ، فالشركات الصينية تلعب دورا رئيسيا فى استخراج النفط السوداني الآن ، وتسعي الصين بصمت شديد إلي ترسيخ وجودها في إفريقيا ، والسودان هي واحدة من أهم الدول التى ترتبط الآن بعلاقات قوية مع الصين ، وقد أقامت الصين قبل عدة أشهر أسبوعا لترسيخ علاقاتها مع الدول الأفريقية حضره بعض الزعماء الأفارقة كان من بينهم الرئيس عمر البشير ، كل هذا جعل الولايات المتحدة وحلفائها تشعر بالخطر الكبير من توغل الصين فى إفريقيا ، وأن يكون للصين حصة الأسد كما هو قائم الآن فى النفط السوداني ، لذا لا بد من اتخاذ أزمة دارفور وحقوق الأنسان وكل مطية يمكن لأمريكا وبريطانيا امتطائها من أجل وضع موطيء قدم لهم فى السودان ، يستطيعون من خلالها إدارة المعركة الصامته مع الصين حول إفريقيا .. هذه باختصار هي بعض أسباب الأهتمام الأمريكي البريطاني بدارفور .

Total
0
Shares
السابق

بريطانيا فى جنوب العراق : هزيمة بروح سايغون

التالي

تدمير الحياة علي الأرض 1 من 2

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share