معركة ضد إسرائيل فى البوند ستاج

رغم درجة الحرارة التى كانت ما دون الصفر خارج مقر البرلمان الأتحادي الألماني “البوندستاج ” يوم الأربعاء 28 نوفمبر الماضي إلا أن درجة الحرارة داخل قاعة البرلمان كادت أن تصل إلي درجة الغليان حينما شن المعارضون لسياسة المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل هجوما شديدا عليها متهمين إياها بالأنحياز التام إلي مصالح إسرائيل مما يضر بالمصالح الألمانية ، وتعيش ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية عقدة الذنب تجاه اليهود بعد قصة أفران الغاز التى يقال إن هتلر أحرق فيها ملايين اليهود فيها مما جعل ألمانيا حتى الآن تدفعا ثمنا باهظا إلي الدولة اليهودية وإلي يهود ألمانيا الذين يعتبرون من أكثر اللوبيات نفوذا في ألمانيا ، ومن آخر مظاهر نفوذهم داخل البلاد أن قطعة من أفضل وأكبر الأراضي فى قلب برلين والتى تقع فى مقابل المقر الجديد للسفارة الأمريكية التى يتم تشييدها الآن ، قد حولوها إلي نصب تذكاري عبارة عن مقبرة كبيرة ترمز إلي اليهود الذين أبادهم هتلر ، ورغم الجدل الواسع حول هذا الموضوع إلا أن المقبرة شيدت فى النهاية وافتتحت قبل عامين ، ورغم بشاعة منظرها وبعض التقارير التى تشير إلي تصدع بعض جدرانها رغم النفقات الهائلة التى أنفقت عليها إلا أن نجاح اللوبي اليهودي الألماني فى إتمامها وفي مكان يمر عليه كل من يقيم فى برلين أو يذهب حتى فى زيارة إليها جعل قصة المحرفة حية وماثلة بالشكل الذي أراده اليهود حتى الآن .
الهجوم علي ميركل فى البرلمان جاء من قبل أعضاء فى الحزب الأشتراكي الديمقراطي الشريك فى الأئتلاف الذي يقوده الأتحاد المسيحي الذي يقود الأئتلاف الحاكم ، فقد اعتبر رولف موتسنيش عضو لجنة الشئون الخارجية فى البرلمان الألماني وخبير الحزب الأشتراكي لشئون الشرق الأوسط والسياسة الخارجية أن مشاركة سوريا فى مؤتمر أنا بولس أثبتت صحة وجهة نظر وزير الخارجية الألماني ـ الذي ينتمي للحزب الأشتراكي ـ فرانك فالتر شتاينماير الذي ينتمي للحزب الأشتراكي ، بضرورة إدخال سوريا فى عملية السلام في الشرق الأوسط علي الرغم من معارضة ميركل وحزبها ، وأضاف موتسنيش إلي أن ” الوزير شتاينماير اضطر إلي أن يفتح وحده باب المفاوضات مع دمشق ” واتهم ميركل بأنه دافعها من إرسال قوات ألمانية للمشاركة فى قوة اليونيفيل أمام السواحل اللبنانية كان هدفه الأساسي هو الحفاظ علي المصالح الأمنية لأسرائيل فقط مما يضيع فرصا كثيرة علي السياسات الألمانية الخارجية فى المنطقة ، هذا الهجوم العنيف والصريح والمباشر جاء في أعقاب خلافات ظاهرة بين وزير الخارجية الألماني شتاينماير والمستشارة ميركل التى لا تخفي تعاطفها المطلق مع إسرائيل والولايات المتحدة في وقت كان المستشار السابق جيرهارد شرودر يقود سياسة متوازنة معارضة للولايات المتحدة ، وتراعي المصالح الألمانية والتوازن فى المنطقة ، وقد سألت فى نفس اليوم الذي كانت هذه المعركة محتدة فى البرلمان الرجل الأول المسئول عن تقديم الأستشارات السياسية للحكومة الألمانية الدكتور فولكر بيرتس مرير المعهد الألماني للشئون الأمنية والدولية وهو أكبر مركز دراسات يساهم في رسم السياسة الخارجية لألمانيا عن الفوارق في السياسة الخارجية الألمانية تجاه إسرائيل والدول العربية بين ميركل وشرودور في ظل الأنتقادات الموجهة لميركل بأنها أكثر التزاما بأمن إسرائيل من غيرها فقال ” هذا صحيح وكل مستشار يحدد سياسته الخاصة ” وأكد علي أن إسرائيل هي أكبر دولة تحظي بعلاقات مميزة مع ألمانيا خارج المجموعة الأوروبية لكنه ألقي باللائمة بشكل غير مباشر علي الدول العربية التى لا تحاول بذل أي جهد في ترتيب علاقات مع الساسة الألمان لتحقيق هذا التوازن ويتركون غيرهم يدافع عنهم فيما حتى لايقومون بتوجيه الشكر له ، فغياب الطرف العربي عن القيام بأي مبادرات أو صناعة علاقات يستفيد من خلالها بما يحقق المصلحة العربية أصبح مثار انتقاد حتى من قبل الذين يريدون تقديم المساعدة أو تحقيق التوازن من الساسة الغربيين ، فألمانيا هي أكبر دول أوروبا وهي التى تملل التأثير الرئيسي سواء من الناحية الأقتصادية أو السياسية علي كثير من توجهات السياسة الأوروبية ، ورغم أنها فعليا تعتبر حتى الآن تحت احتلال الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية حيث لازالت القواعد العسكرية الأمريكية تمثل وجودا رئيسيا فى ألمانيا إلا أن لدي الألمان نزعة استقلالية مثلها بشكل المتستشار السابق شرودور بشكل محترف ، وكان لايخفي كراهيته للرئيس بوش بل وعبر عنها بسخرية فى مذكراته التى نشرها بعد خروجه من منصبه ، وزير الخارجية الألمانية الحالي والذي ترشحه الأستطلاعات ليكون المستشار القادم لألمانيا خلفا لميركل لديه سياسات مخالفة لسياسة ميركل المنحازة لأسرائيل وقام بزيارة سوريا ويريد أن يكون لألمانيا توازن فى سياساتها تجاه الشرق الأوسط وكل ذلك بشكل نسبي دون شك وليس من أجل سواد عيون العرب كما قال لي الدكتور بيرتس ولكن من أجل مصالح ألمانيا أيضا ولكن مع كل هذا … أين العرب ؟

Total
0
Shares
السابق

الضربة القادمة لإيران

التالي

العراق علي خطي حرب فيتنام

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share