العراق علي خطي حرب فيتنام

خرج الرئيس الأمريكي جورج بوش على العالم يوم الأربعاء الماضي بما أطلق عليه
” خطة الانتصار الشامل فى العراق ” وقد نشرت هذه الخطة قبل خطابه بيوم من قبل المجلس القومي الأمريكي تحت عنوان ” الأستراتيجة القومية للأنتصار في العراق ” لكن خطاب بوش كان تماما مثل الوثيقة ، مليء بالتخبط والضبابية ويعكس
المساحة الكبيرة للفشل والتخبط الذي منيت به إدارته منذ احتلالها للعراق وحتى الآن ، وباختصار فإن خطاب بوش مع ” وثيقة ” الأستراتيجية القومية للأنتصار فى العراق ” ليسا سوي فلسفة للهزيمة غير المعلنة التى منيت بها القوات الأمريكية فى العراق ، وتبرير للفشل والتخبط الذي تعانيه إدارته منذ احتلالها للعراق وحتى الآن ، وليس هذا كلامي أو استنتاجي وحدي بل إني وجدت كثيرا من المعلقين وحتى الأمريكيين يقولون مثل هذا الكلام أو قريبا منه ، فقد شنت صحيفة ” نيويورك تايمز” الأمريكية فى افتتاحيتها لعدد الخميس الأول من ديسمبر هجوما على بوش وخطابه ، وقالت إن بوش ” خيب آمال مواطنيه ، حيث لم يسمعوا منه سوي نفس المبررات المبتذلة ـ وإن في قالب جديد ـ تلك المبررات التى تحاول تصوير كل شيء وكأنه على ما يرام ” ، وأضافت الصحيفة قائلة إن بوش ” فقد تماما أي ارتباط بالجمهور ، وتاه بدلا من ذلك فى أحضان زمرة من الناس الذين لا يشك فى اتفاقهم معه على الرأي ” بل ذهبت الصحيفة إلي أبعد من ذلك حينما قارنت بين خطاب الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون حول الوضع المأساوي الذي كانت تعيشه القوات الأمريكية فى فيئتنام ، والوضع القريب منه الذي تعيشه القوات الأمريكية الآن فى العراق وقالت ” إن بوش يبغض المقارنة بين فيتنام والعراق ، لكن من تابع حديثه أمس لا يمكنه أن يتوقف عن المقارنة بين هذا الخطاب والخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون ، عن الوضع فى فيئتنام “
ولم تكن صحيفة ” لوس أنجلوس تايمز ” أقل هجوما على بوش من سابقتها إذ أنها قالت إن بوش ” يتخلي عن أهدافه فى العراق واحدا تلو الآخر فبعد أن تخلي عن قضية أسلحة الدمار الشامل ،وأبدلها بإقامة الديمقراطية بالعراق وحمايتها هناك ، هاهو يجري ” تنقية ” لذلك الهدف إ ذ قلل من حديثه عن هزيمة الولايات المتحدة للأرهاب هناك ، وزاد من حديثه عن تكوين قوات أمنية عراقية يمكنها أن تقاتل دون مساعدة ” ، أما يو إس إيه توداي فقد أوجزت نقدها لبوش بقولها ” إذا كان بوش يهدف من وراء سلسلة الخطابات التى بدأ يفصل من خلالها سياسته فى العراق إلي إعادة بناء الدعم لتلك الحرب ، فإنه أخطأ التوقيت ” .
وعلي الضفة الأخري للمحيط كان البريطانيون يقدمون قراءة لا تقل عمقا لخطاب بوش ، فقد قال روبرت كورنويل فى تقرير نشره فى صحيفة الأندبندنت يوم الخميس الماضي الأول من ديسمبر ” إن بوش فشل فى خطابه فى تحديد استراتيجية واضحة للخروج من العراق وفقا لمنتقدي سياسته ” لكنه كان أكثر تحديدا للوضع المأساوي للقوات الأمريكية فى العراق بعدما عرض حجم الخسائر المعلنة للقتلي ” إن معظم الأمريكيين يعتقدون بأن الولايات المتحدة متورطة فى العراق ، كما تورطت فى فيتئنام سابقا ” وقد ذكرت الجارديان بادعاءات بوش التى رددها بعد أيام من احتلال القوات الأمريكية فى العراق في إبريل من العام 2003 قائلة ” إن خطاب بوش إن دل على شيء فإنما يدل على أنه تعلم مع مرور الزمن أنه لا يستطيع ادعاء ” انتهاء المهمة ” بالعراق كما فعلها عام 2003 ” .
أما الفرنسيون فكانوا أكثر شماته عبر عنها دانيال فيرني فى صحيفة ” لوموند ” بقوله ” إن حملة بوش على العراق فشلت بكل المعايير ” وقال ” إن كثيرا من الأمريكيين بمن فيهم الباحث ” فرانسيس فوكوياما صاحب كتاب ” نهاية التاريخ ” ينتقدون الآن النتائج الكارثية لهذا الغزو ولسياسة بوش النابعة من مباديء المحافظين الجدد … حيث قال اثنان منهم عام 2003 أن طريقهم يبدأ من بغداد ، لكنه كذلك قد ينتهي هناك ” .
وهكذا فإن قراءة متأنية لخطاب بوش ، ولوثيقة ” الأستراتيجية القومية للانتصار فى العراق ” لن تكشف إلا عن شيء واحد ، هو بداية مرحلة فلسفة الهزيمة ، ومساعي الأدارة الأمريكية من خلال خطابات ومؤتمرات ، وندوات وتقارير لتحويلها إلي نصر حتى لو كان على جثث أكثر من ألفين ومائة جندي وأكثر من خمسة عشر ألف جريح إصابات معظمهم بالغة ، وهو الرقم الرسمي المعلن عن الضحايا الأمريكيين فى العراق حتى الآن .، إن الأعلان عن بداية خروج القوات الأمريكية من العراق بداية العام 2006 في الوقت الذي كان فيه التخطيط لبقائها أكبر من ذلك بكثير ، يعني أن الولايات المتحدة قد بدأت بالفعل مسيرة حرب فيئتنام .

Total
0
Shares
السابق

معركة ضد إسرائيل فى البوند ستاج

التالي
مراد غالب

مراد غالب : لماذا لم يُكمل شهادته على العصر ؟ (1 - 2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share