الأميركيون ينهبون أموال العراق بوسائل شتى

لم تقف جرائم الولايات المتحدة الاميركية بحق العراق عند حد احتلاله وقتل وتشريد واختفاء ما يقرب من المليون من ابنائه وتدمير بنيته الاجتماعية والجغرافية وكيانه السياسي واستخدام الاسلحة المحرمة دوليا ضد ابنائه وسرقة نفطه ونهب ثرواته وتاريخه وتراثه وحضارته لكن الامر زاد على ذلك بنهب اموال الشعب وثرواته بشكل يفوق كل صور السلب والنهب التي وقعت في العصور الوسطى.
فقد كشف تقرير لمراجعة وتدقيق الحسابات اصدره المفتش العام الاميركي الخاص باعادة اعمار العراق عن ضياع 7,8 مليار دولار من اموال النفط والغاز العراقية كانت مخصصة للحاجات الانسانية واعادة الاعمار بعد غزو البلاد عام 2003.
والمشكلة لا تقف عند حد هذه الفضيحة التي تتعلق باختصار بضياع هذا المبلغ الخرافي ولكن الاكثر شناعة هو ان وزارة الدفاع الاميركية لا يمكنها التحديد على وجه الدقة مصير تلك المليارات التي تمثل قرابة 96% من مبلغ اجمالي قدره 1,9 مليار دولار محول الى وزارة الدفاع من صندوق تنمية العراق.
هذه الاموال التي فقدت هي اموال الشعب العراقي وهي من عائدات النفط التي دخلت ضمن الحسابات الاميركية بعد الاحتلال لأن معظم عائدات النفط العراقي لا يعرف احد اين تذهب حتى الآن.
وكانت سلطة الائتلاف المؤقتة وهي الادارة المدنية الاميركية التي تولت تسيير شؤون العراق عقب الغزو قد انشأت صندوق تنمية العراق بهدف جمع اموال من صادرات النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي والارصدة العراقية المجمدة والفائض من برنامج النفط مقابل الغذاء الذي ادارته الامم المتحدة وانفاقها على ما ينفع العراقيين لكن هذه السلطة التي كان يرأسها السفير بول بريمر انتهت مهمتها في نهاية مايو من عام 2004 وسط غموض هائل في كل مهمتها من البداية الى النهاية ومع علامات استفهام كبيرة حول الاموال التي وضعت تحت ايديها وكيف انفقت.
ولنا ان نتخيل ان هذا المبلغ قد بدد خلال عام واحد او اقل من عمر الاحتلال وحينما سعى بعض اعضاء الكونغرس لطلب فتح تحقيق حول تبديد ثروة العراق رد عليهم آخرون بأن هذه اموال عراقية وليست اميركية ومن ثم فإن كل ما يتعلق بها يناقش خارج مجلس النواب الاميركي وليس داخله وهذا ما جعل نهب هذه الاموال وكثير مثلها يخرج من اطار اي تحقيق او مساءلة اميركية جادة ليتحول الى اجراءات داخلية عادية داخل وزارة الدفاع التي كانت مسؤولة بشكل اساسي عن ادارة العراق آنذاك.
ولنا ان نتخيل ان مليارات الدولارات تضيع دون ان يكون هناكك اية مستندات لمعرفة اين ذهبت بل يمنك القاء اللوم على موظفين صغار او ارشفة ورقية او غير ذلك من الوسائل التي تستخدمها الانظمة الفاسدة لتبرير نهب ثروات الشعوب وضياع حقوق اجيالها.
هذا المبلغ يتعلق بالعام الأول بعد الاحتلال ولنا ان نتخيل حجم الأموال التي سرقت ونهبت والتي ما زالت تسرق وتنهب بعد ذلك سواء على أيدي الاميركيين بشكل مباشر او على ايدي رجالهم الذين أتوا بهم على ظهور الدبابات والطائرات ليحكموا شعب العراق.
وكان كثير من العرب وغيرهم قد تفاءلوا بأن الادارة الجديدة للولايات المتحدة المتمثلة في الرئيس باراك أوباما سوف تغير سياستها تجاه كل من العراق وأفغانستان لكن اوباما سار على نفس النهج الذي كان يسير عليه جورج بوش ولم يغير شيئا.
وقد انتقد لين وولزي وهو سيناتور اميركي مناوئ للحرب اسلوب أوباما في الانفاق على حرب العراق وادارتها بنفس الطريقة التي كان يديرها بها جورج بوش وذلك بعدما طالب أوباما في العام 2009 الكونغرس بالموافقة على تمويل الحرب «خارج الحسابات» وهي الطريق التي جعلت بوش يبدد مئات المليارات من الدولارات بدعوى الحرب على الارهاب وصناعة نظام ديمقراطي في كل من افغانستان والعراق، لكن الأمر في النهاية لم يكن سوى عمليات سلب ونهب وصلت الى حد العشوائية وضياع مليارات الدولارات من عائدات النفط العراقي دون ان يعرف احد أين ذهبت وكأنها تبخرت.
وكانت تقارير كثيرة تحدثت عن وسائل عديدة يتم بها نهب نفط العراق غير السرقات المباشرة وهي السرقات غير المباشرة مثل تصدير مئات الآلاف من براميل النفط دون ادراجها او ادراج اسعارها، علاوة على تسعير النفط العراقي بأسعار تقل عن الاسواق العالمية بشكل مثير فقد سبق ان اتهم صباح الساعدي عضو البرلمان العراقي عن حزب الفضيلة وزير النفط حسين الشهرستاني انه يبرم عقودا لبيع النفط العراقي بأسعار تصل الى 17 دولارا للبرميل في الوقت الذي يتجاوز فيه السعر العالمي 70 دولارا للبرميل مما يعني ان الفروقات اليومية التي تهدر من ثروات العراق حسب الاسعار المعلنة وحسب الكميات المعلنة ايضا تصل الى ما يقرب من 35 مليون دولار يوميا.
ولنا أن نتخيل هذا اذا ضربنا هذا المبلغ في عام كامل ما هو الناتج العام الذي ينهب من نفط العراق كل هذا يتم تحت سمع وبصر وترتيبات سلطات الاحتلال والمتعاونين معهم، ومن ثم فإن جرائم أميركا في العراق يجب أن تسجل كلها حتى تفتح حينما يأتي يوم الحساب حتى يأخذ الشعب العراقي حقوقه حينما يسترد أرضه وحريته وحقوقه ويطالب أميركا بدفع الثمن، ثمن كل جرائمها في العراق.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الأزمة الكبرى بين الحليفين أميركا و بريطانيا

التالي

مصر : الانهيار يطال كافة مناحي الحياة

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share