ما وراء جوليان أسانج وتسريبات ويكليكس(1)

«يجب أن أذهب فلدي اليوم توقيع عقد كتاب عن سيرتي الذاتية وموقع ويكيليكس وفلسفتي في الحياة مع ناشر اميركي وسوف يكون التوقيع عبر الانترنت، وسوف يحوي هذا الكتاب كثيرا من التفاصيل المثيرة التي لا يعرفها الناس عني وعن حياتي وافكاري» هكذا أخبرني جوليان اسانج مؤسس موقع ويكيليكس معتذرا عن تناول العشاء معي وزميلي أحمد إبراهيم في اليوم الثاني من لقاءاتنا به حيث يقيم تحت الاقامة الجبرية في بيت صديق له في مقاطعة نورفولك جنوب شرق بريطانيا.
كنت أريد أن أعرف المزيد عن تلك الشخصية الغامضة التي هزت الامبراطورية الاميركية وسربت للنشر أكبر حجم من الوثائق السرية في التاريخ عن امبراطورية وهي في زهو القوة حيث كشفت هذه الوثائق ولا زالت كل يوم تميط اللثام عن اسرارها وعلاقاتها مع دول العالم ولقاءات سفرائها ومندوبيها مع الجواسيس الذين يتصدرون المسؤولية واماكن الصدارة في كثير من دول العالم، وبين كيف كان هؤلاء الجواسيس والعملاء يتسابقون لتقديم المعلومات عن دولهم وشعوبهم الى السفراء او العملاء الاميركان في تلك الدول معا في القرب ونيل الرضا.
أذكر أني حينما طلبت من أسانج ان يطلعني على بعض ما لم ينشره من وثائق ذهلت لهول ما رأيت، فالوثائق تكفي كما قال أسانج لاصدار ثلاثة آلاف كتاب من الحجم الكبير، وهي في خلاصتها سجل حافل لعملاء اميركا من المسؤولين الرسميين في انحاء العالم والتقارير والمعلومات التي كانوا يزودون الادارة الاميركية بها، وتعكس رؤية السفراء الاميركيين لكل ما يدور في الدول التي يقيمون فيها، ما لم يكشف من هذه الوثائق أكبر حجما ويحوي على معلومات أكثر اثارة مما نشر لا سيما ما يتعلق بالبنوك الاميركية الكبرى وشركات النفط والتسلح لا سيما من حلفاء اميركا والأسرار العسكرية لكثير من الدول، الوثائق الدبلوماسية وحدها ان استمر نشرها على هذه الوتيرة فانها بحاجة الى ثماني سنوات من النشر المتواصل اذا استمرت الصحف التي حصلت على حق نشرها بتسريبها بهذه الطريقة التي تنشرها بها حيث ان ما نشر عن بعض الدول لا يتجاوز نصف في المائة بينما نسبة مجموع ما نشر هي أقل من 2%، لا سيما وأن كل صحيفة تنشر ما يناسبها، هناك بعض الدول لها سبعة آلاف وثيقة لم ينشر منها سوى عشرين أو ثلاثين، ولذلك فإن أسانج ربما يلجأ إلى طريقة أخرى في النشر هي أن يمنح صحفا محلية في بعض الدول حق نشر بعض الوثائق التي تتعلق بدولها إن كان لديها القدرة على مواجهة الأنظمة المستبدة التي تحكم هذه الدول، ولأن موقعه تعرض لهجمات عديدة فقد ربط كل الوثائق التي لديه بأكثر من ألفي موقع الكتروني حول العالم وربطها بكود سري يتم تسريبه بحيث تطلق مرة واحدة ان أصبح موقع ويكيليكس عاجزا عن العمل، أو تعرض أسانج للاغتيال فتعجز الولايات المتحدة أو القوى التي تسعى لتعطيل عمل موقعه عن ملاحقة ألفي موقع حول العالم، ويكون اطلاق هذه الوثائق بمثابة قنبلة نووية معلوماتية تنشر اشعاعاتها وتأثيرها على الكون بكل حكوماته وأنظمتها، لكن هناك عملية اغتيال معنوي يتعرض لها أسانج من خلال اصدار عدد من الكتب ضده سوف يصدر سبعة منها على الأقل حسبما أفادني قبل أن تصدر مذكراته في يوليو القادم واولها سوف يصدر في الشهر القادم في المانيا من مساعده السابق، ما يميز أسانج أنه لا زال يحتفظ بالآليات السرية لطريقة عمله ولا يطلع عليها احدا وهذا ما جعل الآخرين يتهمونه بالديكتاتورية، وقد فسر لي ذلك بأن اجهزة مخابرات الدنيا تلاحقه وتريد ان تعرف تفصيلات عما يقوم به وقد قام بعض العاملين مع اسانج ممن أتيحت لهم فرصة الاطلاع على بعض الوثائق بنسخها وبيعها لحكومات ورؤساء مقابل مبالغ طائلة حتى إن بعضهم أثرى من وراء ذلك مما جعل أسانج يتعامل بحذر مع من حوله، وإذا كان بعض رفاقه قد خانوه وباعوا ما عرفوه من معلومات عنه فكيف يثق بالآخرين ويعطيهم ما لديه من معلومات وتكنيك عمل الموقع حتى لو اتهموه بالديكتاتورية، كما أنه علم من وكالة استخبارات خاصة أن هناك ترتيبات لادانته اخلاقيا عبر وضع مواد اباحية في حقائب سفره او مخدرات أو توريطه في قضايا أخلاقية مثل التي يلاحق بسببها الآن.
شعرت أنه تحت ضغط شديد فأردت أن أخفف عنه فسألته عن ابنه الذي يبلغ من العمر عشرين عاما فقال لي إنه يعيش في استراليا وقد ورث عنه عبقريته فقد تخرج من الجامعة وعمره ستة عشر عاما وحصل على الماجستير في علم الجينات وعمره ثمانية عشر عاما وهو الآن خبير في الكومبيوتر والبرمجة مثله، سألت أسانج كيف يحفظ ما لديه من مواد فقال عبر شيفرة معقدة بحيث يصعب فكها وهي عبارة عن سلسلة متتابعة من التشفير تقود في النهاية الى الوصول للمادة لكن دون منحها لمن يريد فتحها يصعب الوصول اليها.
وحينما قلت له ان ما يقوم به قد دمر الدبلوماسية الاميركية فرد قائلا: «أعتقد أنه وللمرة الأولى هناك أمل حقيقي في الدبلوماسية وذلك لأن ما تقوله هذه الدول مع بعضها للولايات المتحدة وما يقوله السفراء في هذه الدول لواشنطن وللـ CIA كل هذا بدأ الآن يكشف وهذا يعني بأن هناك الآن تساويا في هذه اللعبة فالناس بدأوا يرون ما الذي تريده الولايات المتحدة وما الذي تريده هذه الدول وهذا هو أفضل أرضية للتفاوض، خلال الحرب الباردة الوضع أصبح أكثر خطورة عندما كان هناك انعدام في المعلومات فالكل كان خائفا لأنه لم يعرف ما الذي سيفعله الطرف الآخر وما هي قدرات الطرف الآخر ولكن عندما بدأ الناس يعرفون ماذا يريدون من بعضهم البعض وعرفوا قدراتهم عندما كانت هناك ارضية حقيقية للدبلوماسية وللتفاوض».

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

الحرب الأميركية على جوليان أسانج

التالي

ما وراء جوليان أسانج وتسريبات ويكليكس(2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share