وحينما قلت له ان ما يقوم به قد دمر الدبلوماسية الاميركية فرد قائلا: «أعتقد أنه وللمرة الأولى هناك أمل حقيقي في الدبلوماسية وذلك لأن ما تقوله هذه الدول مع بعضها للولايات المتحدة وما يقوله السفراء في هذه الدول لواشنطن وللـ CIA كل هذا بدأ الآن يكشف وهذا يعني بأن هناك الآن تساويا في هذه اللعبة فالناس بدأوا يرون ما الذي تريده الولايات المتحدة وما الذي تريده هذه الدول وهذا هو أفضل أرضية للتفاوض، خلال الحرب الباردة الوضع أصبح أكثر خطورة عندما كان هناك انعدام في المعلومات فالكل كان خائفا لأنه لم يعرف ما الذي سيفعله الطرف الآخر وما هي قدرات الطرف الآخر ولكن عندما بدأ الناس يعرفون ماذا يريدون من بعضهم البعض وعرفوا قدراتهم عندما كانت هناك ارضية حقيقية للدبلوماسية وللتفاوض».
وحينما سألته ماذا تريد من الولايات المتحدة يا جوليان قال: «اريد من الولايات المتحدة ان ترتقي الى قيمها العليا المثلى وهي قيم الآباء المؤسسين في الولايات المتحدة، حرية التجمع وحرية الصحافة والتساوي أمام القانون وسيادة القانون هذه هي أسس الدستور الأميركي وحان للمؤسسة العسكرية في أميركا وواشنطن ان تطبق الدستور والقانون، وحان الوقت لتطبيع تصريح هيلاري كلينتون عندما حصلت مشكلة بين غوغل وواشنطن حيث أدلت هيلاري كلينتون بتصريح قوي يقول بأن تدفق المعلومات الحر يجب ان يتم ويجب ان يتم هذا بتفاهم بين الطرفين يستند الى التفاهم السلمي، إذن فهذا تعامل بين دولة كبيرة ودولة صغيرة، الولايات المتحدة يجب ان ترتقي بالتالي الى دورها التاريخي الداعم لحرية الصحافة وحرية القيم وهذا شيء لم تفعله الى الآن وفشلت فيه: وحينما سألته عن فلسفته في الحياة أوجزها أسانج قائلا: ان لدي مبادئ شخصية وأفكارا تتلخص في ان الشجاعة معدية وإذا ما قمت بعمل شجاع فإنك تستقطب آخرين ليقوموا بأعمال شجاعة مثلك ومفهومي للشجاعة لا يعني بأنك لا تشعر بالخوف بل ان الشجاعة هي التغلب على الخوف وان تكون حذرا في فهمك لطبيعة العالم وسيرته وان تتخذ الخطوات اللازمة لفعل ما هو شجاع بالفعل ، أنت لا تهرب من الخوف ولكن تواجهه وان تقوم بفهم الكيفية التي يعمل بها العالم وكيفية بنيوية عندها نستطيع ان نعمل لجعل العالم أكثر عدلا وان نجعله مكانا أفضل، وأنا هنا أتحدث عن الرجال لأنني رجل فالرجال مفوضون ومن خلال فهمهم لكيفية سير العالم وبنيته لذا عليهم ان يعملوا بطريقة لجعل العالم عادلا وان يجعلوه مكانا أفضل وان الرجال أيضا ــ وأكرر أنا أتحدث عن الرجال لأنني رجل ــ ان الرجال مفوضون بالقيام بهذه المسؤوليات وان يسخروا مواهبهم وقدراتهم لتعزيز ودعم العدالة بدلا من ان يكابدوا من أجل الثراء والغنى فقط، وهذا ليس صعبا أبدا، فإذا كنت قد حظيت بتحصيل تعليمي أو عندك خبرات في مجال ما فعندها تمتلك الموارد والقدرات اللازمة التي لا ينبغي لك ان تكابد باستخدامها لتحصيل المال فقط، هناك أناس ليسوا محظوظين وأجبروا على ان يقوموا بأعمال عادية أنا لا انتقد هؤلاء الناس أبدا ولكن هناك آخرين يمكنهم ان يفعلوا أمورا كثيرة ولذلك اعتقد ان على هؤلاء الناس حقا ان يبذلوا جهودهم لجعل العالم أفضل وأكثر عدلا، فعندما انظر حولي في العالم وأرى عناء الناس فإنني أشعر بالألم ولأن هذا هو عالمي ولا أحب ان أرى أي انسان يعاني في هذا العالم، فعالمي هو عالم أكثر سعادة لا يعاني الناس فيه، لذا فأنا أفعل ما بوسعي للتخلص من كل هذه الظروف الشائنة بكل القدرات المتاحة لي وان أبذل كل ما بوسعي للعمل من خلال ويكيليكس ومنشورات أخرى لتحقيق ذلك.
أقول من خلال ثلاثة أيام قضيتها قريبا من جوليان أسانج انه ليس مجرد قرصان كمبيوتر كما يصفه البعض أو شخص يريد جمع المال لأنه قدم كل شيء للمصادر الصحفية المختلفة مجانا دون مقابل ولو أراد جمع الملايين لفعل ويكفي ان بعض من كانوا يعملون معه أصبحوا أثرياء بعدما خانوه بينما لا يجد إلا بيوت أصحابه وأصدقائه يقيم فيها، ولو أراد ان يصبح مليارديرا من وراء ما لديه ما لامه أحد حتى انه اضطر لبيع مذكراته حتى يمول المحامين الذين يدافعون عنه، كما انه بسيط الملبس والمأكل الى حد يدعو للشفقة والرثاء أحيانا، في أول يوم لقيته قال لي في السادسة مساء لم أتناول طعاما منذ الصباح يجب ان أتناول بعض الطعام حتى أتقوى على المقابلة، وفي اليوم التالي لقيته في المساء وكان لم يتناول غداءه، إن أسانج ليس ظاهرة عابرة ولكنه رجل له فلسفة في الحياة على استعداد ان يدفع حياته كما قال لي ثمنا لمبادئه كما انه لم يخف إعجابه ببعض رؤساء أميركا الجنوبية المناوئين للولايات المتحدة أو زعيم كوبا فيدل كاسترو وهذا يكشف ميوله المناهضة للامبريالية والهيمنة الأميركية، ويكفي ان ما فعله سوف يغير وجه العالم إن لم يكن قد غيره وساهم أو سوف يسهم في انهيار الامبراطورية الأميركية.
الوطن القطرية
