رجـــال الـهـانــم !!

لا أعرف كيف استطاعت امرأة منطفأة مثل سوزان ثابت زوجة المخلوع حسني مبارك أن تحيط نفسها بكثير من الرجال الذين كان ينبغي أن يكون لهم شأن في بلادهم لو أنهم لم ينحنوا لها ويمشوا في ركابها حسب العبارة المصرية «دلاديل» وكثير من هؤلاء كان ينظر لهم في المجتمع على أنهم رجال محترمون الا أنهم خسروا كل شيء لأنهم أصبحوا «دلاديل الهانم»، ورغم أن كثيرا من هؤلاء تنصلوا منها ومن تاريخهم المصور والمكتوب معها فور سقوط المخلوع وعصابته، لكن بعض هؤلاء ما زالوا يعملون «دلاديل» للهانم رغم ما أجرمت فيه بحق مصر وشعبها وبعض هؤلاء «الدلاديل» في مناصب يفترض أنها مرموقة في الدولة، بل ان بعضهم ما زال يقوم بدور «السمسار» للتغطية على جرائم فساد وسرقة ارتكبتها سوزان ثابت خلال الثلاثين عاما الماضية وآخرها الفضيحة المالية الكبيرة التي فجرت في سويسرا والتي يركض بعض «الدلاديل» لمحاولة احتواء الامر أو التغطية والتدليس عليه.
لقد كنت أشعر بالمرارة حينما أجد الرجال الذين يفترض أنهم أصحاب علم أو خبرة أو مكانة وهم يذكرون بين الكلمة والكلمة عبارة «الهانم» وكأنها هي والعياذ بالله الرب الذي يرزقه أو الاله الذي يطعمه ويسقيه، كما كان كثير من كبار المسؤولين في الدولة يسخرون زوجاتهم ليعملن خدامات لدى الهانم أو يمشين في ركابها يقضين اليوم بطوله من الصباح الى المساء واقفات رهن اشارة «الهانم» وكنت أتعجب كيف يذل الناس أنفسهم الى هذا الحد، وما الذي يمكن لهم أن يحصلوا عليه من فتات الدنيا مقابل اهانة أنفسهم واذلالها لامرأة مثلها ليس فيها ما يجعلها تستحق حتى مجرد الالتفات لها.
أذكر أني ذهبت قبل عدة سنوات الى لقاء الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الاسكندرية من أجل ترتيب لقاء معه حول المكتبة ودورها في الاشعاع الحضاري في المنطقة، وبعد جولة قمت بها في المكتبة التقيت مع الدكتور سراج الدين في مكتبه من أجل الترتيب للحوار، لكني فوجئت بالرجل الذي كان نائبا لرئيس البنك الدولي وسبق أن أجريت معه حوارا في برنامجي التليفزيوني «بلاحدود» حول البنك الدولي ودوره الاستعماري وكان يدافع بشدة عن البنك وسياساته من خلال منصبه، فوجئت بالرجل لا يحدثني عن مكتبة الاسكندرية والجهد الذي بذله رجال مخلصون في بناء هذا الصرح واعادة اشعاعه ولكنه أصبح يتحدث عن «الهانم» ودورها في الاشعاع الحضاري على مصر وشعبها وكأنها هي التي بنت مكتبة الاسكندرية بل وكأنها هي التي تشع على مصر بما ينعم فيه أهلها من خير وبركات، أصبت بشيء من القرف الشديد والرغبة في التقيؤ، فلم تكن هناك جملة تخرج من فم الرجل دون ذكر «الهانم» وهممت من شدة ما أصابني من قرف أن ألعن الهانم وزوج الهانم على مرأى من الرجل لكني تمالكت نفسي وقررت الانصراف مقررا الغاء الحلقة والفكرة من أساسها بل وعدم اللقاء مع هذا الرجل أو أمثاله مرة أخرى، ثم قرأت تقريرا في الاسبوع الماضي أنه بصفته نائبها في المؤسسة التي أقامتها في سويسرا واتهمت بأنها استولت على عشرات الملايين من الدولارات منها دون وجه حق يسعى لتبييض وجهها واحتواء المسألة وأن مسؤولين مصريين يتواطأون معه في الامر تماما مثل الذين تواطأوا وألغوا قرار النيابة بحبس سوزان ثابت والتحقيق معها في الفساد الذي مارسته خلال وجود مبارك في السلطة، وهذا أمر يستدعي من نواب الشعب أن يتدخلوا ليكشفوا للشعب حقيقة ما يحدث.
مرة أخرى ذهبت لزيارة شخصية لعبت أدوارا سياسية يفترض أنها كبيرة في فترات حكم عبد الناصر والسادات لمصر، حتى أرتب معه لتسجيل برنامج «شاهد على العصر» ، لكني فوجئت بالرجل الذي لم يتول مناصب سياسية في عهد مبارك لا يكف عن الحديث عن «الهانم» وسرعان ما اكتشفت أن الرجل يساهم في أعمال بعض الجمعيات التي على صلة بالهانم وأنه مازال يبحث عن دور يقوم به حتى لو كان أحد «دلاديل» الهانم، وكدت أقول له عيب على سنك وتاريخك، لكني طلبت الذهاب الى التواليت وأفرغت ما بطني قرفا مما سمعت ثم استأذنت وانصرفت، والقصص كثيرة فيها غير أني كنت بعد كل موقف يصادفني حينما ألتقي بأحد «دلاديل» الهانم أقول: يا الهي ما الذي يجبر هؤلاء الناس ويفترض أنهم أهل علم وخبرة أن يسيروا في ركب امرأة لا تتميز بشيء سوى القبح وسلاطة اللسان والجهل، فلو كانت مثقفة أو عالمة أو حتى تحب مصر وشعبها لكان لهؤلاء عذرهم، وحول سلاطة لسانها وقبح أخلاقها حدثني اللواء صلاح سليم ـ رحمه الله ـ أنه كان قد دعي من محافظ القاهرة لافتتاح أحد المشروعات السكنية لمحدودي الدخل وأن سوزان ثابت زوجة المخلوع مبارك كانت هي التي سوف تفتتح المشروع، لكن الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين كان يزور مصر في ذلك الوقت وقرر زيارة الاهرامات مما أدى لإغلاق معظم الشوارع في مصر تأمينا للضيف الروسي وهذا أدى بطبيعة الحال الى تأخير موكب «الهانم» وكان لها موكب يضاهي موكب الرئيس في تحركاتها بل ربما أهم، وحينما وصل موكب الهانم الى موقع الاحتفال نزلت من السيارة ـ حسب رواية اللواء صلاح سليم ـ وتوجهت الى المحافظ ومدير الامن وكبار مسؤولي الدولة الذين كانوا في انتظارها وتطاولت عليهم بأقذع ألوان السباب والشتائم بسبب تأخر موكبها وحينما قالوا لها عن موكب الرئيس بوتين قالت موكب بوتين يتأخر لكن موكب الهانم لا يتأخر، وأضاف اللواء سليم لي قائلا: لقد شعرت بالخزي و العار حينما رأيت كبار الرتب الشرطية وكبار موظفي الدولة يقفون مطأطئي الرؤوس والهانم تصب عليهم لعناتها دون أن يجرؤ أحد على الرد عليها مما اضطرني للانصراف.
الامر أسوأ من ذلك لدى كثيرين فقد انتشرت صور تقبيل يد الهانم من الكبار والصغار واذا كانت صورة الوزيرة عائشة عبد الهادي هي الاكثر انتشارا لكن كثيرين ممن كان ينظر لهم على أنهم كبار رجال الدولة كانوا يقبلون يد الهانم وربما رجلها لو استطاعوا .
ان هذه الحقبة السوداء من تاريخ مصر يجب ألا تطوى صفحاتها دون أن يعرف الشعب حقيقة ما كان يحدث ودون أن يتم فضح هؤلاء «الدلاديل» الذين بدأ بعضهم للأسف يأخذ دوره في النظام الجديد بعد عام من الثورة.

الوطن القطرية

Total
0
Shares
السابق

سالي توما

التالي

تونس من الثورة إلى الدولة «1»

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share