الإنتخابات الرئاسية والحشد الأخير

شهدت الأيام والساعات القليلة الماضية قبيل توجه المصريين إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يحكمهم، عمليات استقطاب واسعة بين مرشحى الرئاسة محمد مرسى الذى يمثل الإسلاميين ومؤيديهم والتيارات السياسية المعارضة للنظام السابق والتيارات الثورية والكثير من عموم المصريين وأحمد شفيق الذى يرمز للنظام السابق بكل أطيافه ومكوناته، فقد سعى مرسى للوصول إلى كل من يستطيع لإقناعهم بأنه الرئيس الذى يمكن أن يحقق آمالهم ويرد حقوقهم ويرسى لهم قواعد العدالة والمساواة، ونصرة المظلوم، والتف حوله كل من يأمل أن يكون هو المخرج مما تعيشه مصر من أزمات فقد أعلنت معظم الأحزاب والفصائل الإسلامية بمعظم مكوناتها أنها تدعم محمد مرسى، كما أعلنت قطاعات واسعة من عموم المصريين كذلك أنها تدعمه، غير أنه لم يتمكن من الوصول إلى من يوصفون بأنهم نجوم المجتمع ودعاة ما يسمى بالدولة المدنية التى يدعو لها مرسى أيضاً، فهؤلاء لهم حسابات ومصالح أخرى، وفى ظل أن نصف المصريين لا يزالون يعيشون الحالة السلبية فى عدم المشاركة فى العملية الانتخابية، فإن المعركة تبدو شرسة بين مرسى وشفيق فى ظل تفوق الماكينة الإعلامية لشفيق، وتقليدية وضعف الماكينة الإعلامية لمرسى، غير أن ما أثار انتباهى فى حملات شفيق هو أنه سعى قدر ما يستطيع لحشد الرموز النسائية حوله مثل السيدة جيهان السادات أرملة الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، والسيدة هدى عبدالناصر نجلة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وأعتقد أنه كان يود لو كانت زوجة المخلوع حسنى مبارك سوزان مبارك ثالثتهما ليقول شفيق إنه امتداد لهذه الرموز الثلاثة، التى حكمت مصر على مدى ستين عاماً وجرّتها إلى ما وصلت إليه من خراب ودمار، كما أن معظم الذين فاتهم قطار الحصول على وظائف قيادية مميزة فى عهد مبارك مع كل ما بذلوه من جهد وتضحيات فى سبيل ذلك ولم ينالوا فى النهاية سوى الأوهام التفوا حول شفيق أيضاً طمعاً فى المنصب الذى قضوا حياتهم يحلمون به، فربما يأتى المنصب إذا أتى شفيق رئيسا، كذلك كل من يعمل لمصالح الدول الغربية من جمعيات ومؤسسات وأغطية لأجهزة استخباراتية ومصالح دولية علاوة على فلول النظام السابق من رجال أعمال ووزراء ومسئولين سابقين، منهم من وقف بنفسه وماله ومنهم من وقف بفكره وقلمه، ومنهم من وقف داعما بمنصبه الذى ما زال يشغله لا سيما فى الأجهزة التى لم يتغير أحد من أفرادها وكوّنها النظام السابق حتى تحافظ عليه وعلى امتداد نظامه، حتى أصبح العاملون فى هذه الأجهزة مصالحهم مرتبطة باستمرار النظام وبقائه، ولا أنسى طاولة عشاء جمعتنى مع عدد من الشخصيات فى مناسبة اجتماعية عشية ظهور الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية وكان يجلس على الطاولة أحد قيادات وزارة الداخلية، فقال وهو يأخذ نفسا عميقا من سيجارته: اليوم.. واليوم فقط بعد الإعلان عن دخول شفيق جولة الإعادة، رأيت للمرة الأولى الفرحة على وجوه الضباط فى الوزارة، تلك الفرحة التى لم أرها منذ 25 يناير من العام الماضى؛ لأنهم أدركوا أن النظام الذى حموه طوال الثلاثين عاما الماضية والذين أصبحوا مكونا أساسيا من مكوناته لديه فرصة قوية للبقاء وعدم الرحيل. فى الوقت نفسه لم يتوقف «تكسير العظام» بين حملتى مرسى وشفيق، ففى الوقت الذى أدلى فيه شفيق بحوار مطول لـ «الوطن» تحدث فيه عن لقاءات سرية جمعته بقيادات إخوانية لمناقشة إدارة الدولة حال فوزه بالرئاسة، فرد عليه الدكتور ياسر على المتحدث باسم حملة مرسى وقال: «كلام شفيق حول لقائه بالإخوان كذب فى كذب، وأتحدى أن يكشف عن اسم واحد من الإخوان التقى به» أما الدكتور فريد إسماعيل عضو المكتب التنفيذى فى حزب الحرية والعدالة الذى يرأسه مرسى، فقد قال: «إن مرسى بدأ يترنح وكلامه هستيرى». وبين ادعاءات شفيق، واتهامات مرسى سيحسم الشعب المصرى خياره اليوم، حيث يرفع الله أقواماً وينزل آخرين لتكون النتيجة فى النهاية مرسى أو شفيق لكنها ستكون البداية لمعركة التصفية بعد ذلك بين الإخوان والنظام السابق وأجهزة الدولة العميقة، أو العكس، لأن أياً من الفائزين لن يتوقف عند مرحلة الفوز ولكن فوزه الحقيقى حينما يجهز على الآخر ويرسخ نظامه.

Total
0
Shares
السابق

!الثورة إلى نقطة الصفر

التالي

ما بعد الانتخابات الرئاسية

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share