حوار مع أحمد داود أوغلو (3)

فى مقارنة بين التجربتين المصرية والتركية قال أحمد داود أوغلو فى لقائه الذى حضرته مع عدد محدود من الدبلوماسيين والمفكرين فى العاصمة المصرية القاهرة يوم الاثنين الماضى: «الوضع مختلف فنحن لدينا فى تركيا أحزاب تقليدية قديمة عمرها يزيد عن سبعين عاما، هذه الأحزاب لديها تجربة عريقة، وبعد كل انقلاب عسكرى كانت هذه الأحزاب تنفض الغبار عن نفسها وتغير أسماءها ثم تعيد الانطلاق مرة أخرى معتمدة على رصيدها التاريخى وأعضائها وتجربتها العريقة، لكن مصر لم توجد فيها تجربة حزبية حقيقية خلال الستين عاما الماضية لذلك فإنها سوف تعانى فى ترسيخ التجربة الديمقراطية حتى تتشكل العقلية التى تقبل التعددية السياسية وتقبل اللعبة الديمقراطية ونتائجها لأن عماد الديمقراطية هو ترسيخ التجربة الحزبية التعددية، التى تقوم على إسعاد الإنسان، وتحقيق الحد الأدنى له من الرفاه، وهنا يأتى دور الاقتصاد، فالاقتصاد الناجح هو الذى يشعر عموم الناس بالفائدة وليس طبقة محدودة من الناس، وقد نما الاقتصاد التركى خلال السنوات العشر الماضية أربع مرات وكذلك تضاعف دخل الفرد بنفس القدر، لذلك فإن الناس تحرص على الاستقرار السياسى حتى يظل الرخاء والنمو الاقتصادى تعم فائدتهما على الجميع. ومن أهم الأسباب التى يمكن أن تؤدى إلى إنعاش الاقتصاد فى مصر هو أبناء مصر فى الخارج، إن وضع مصر الآن بالنسبة لأبنائها فى الخارج مثل وضع تركيا قبل عشر سنوات حيث كان الأتراك يعانون من البيروقراطية والفساد فى بلادهم فوجدوا فرصا أفضل فى الخارج، وحينما تحسنت الأوضاع والقوانين الآن عاد الأتراك إلى بلادهم بالثروات وفرص العمل والمشروعات التى ساعدت على إنعاش الاقتصاد، وهكذا يجب على الحكومة الحالية أن تفكر فى أبناء مصر المميزين فى الخارج فهؤلاء يمكن أن يلعبوا دورا مميزا فى إنعاش الاقتصاد المصرى، ويجب أن يمنح هؤلاء الفرص التى يتمكنوا خلالها من المساهمة فى نهضة بلادهم. وهنا أود أن أؤكد أننا فى تركيا لا نملك النفط، لكننا نملك ثروة من أبناء تركيا فى الخارج الذين لعبوا دورا فى نهضة بلادهم أفضل من أى ثروة نفطية، إننا لا نملك النفط ولكننا نملك طاقة الشعب، وشعب مصر لديه طاقة يستطيع أن يضع مصر بها خلال سنوات معدودة فى مكانة متميزة. إن الاستقرار السياسى والنمو الاقتصادى والسياسة الخارجية القوية كفيلة بصناعة مصر قوية وقادرة، كما أن المصريين يتوقعون الأفضل من الرئيس والحكومة القادمة. وأود أن أقول لهم إن تركيا بجواركم، نحن بحاجة إلى أن نعمل معا من أجل نهضة المنطقة، نحن لدينا التجربة ومصر لديها الطموح والإمكانات، ولن نعيد التاريخ العثمانى أو الفاطمى ولكننا نصنع الحاضر المشترك لبلادنا. وإنى أرى أن ليبيا وتونس والمغرب يجب أن تكون مع مصر وتركيا ضمن منظومة واحدة تتكامل فيها الثروة النفطية مع الثروة السكانية مع الموقع الجغرافى مع المشروعات التى يمكن أن تغير خريطة العالم فى كافة النواحى، إننا على استعداد لفتح الحدود بين بلادنا وهذه البلاد، وإذا أقمنا الاتفاقات الاقتصادية والشراكة -ويجب أن نقوم بذلك- سوف نوجد قوة إقليمية جديدة يمكن أن تعلب دورا مهما فى تغيير وجه المنطقة». وحول مستقبل الوضع فى سوريا قال أوغلو: «الوضع معقد جدا فى سوريا، لقد زرت سوريا خلال تسع سنوات اثنين وستين مرة، وتحدثت لبشار وقلت له إننا عائلة واحدة، لقد دافعنا عنكم حينما واجهتم المشاكل مع إسرائيل فى العام 2007 وكان واجبنا أن نقف إلى جواركم ووققنا، وحينما نجد أنفسنا مخيرين بينكم وبين الشعب كما نحن الآن فإننا سنختار الشعب لأنه هو الذى سيبقى وأنتم سوف تذهبون، أعطوا الشعب السورى فرصة مثل الفرصة التى أخذها الشعب المصرى والشعوب الأخرى. لكنه لم يستجب ويواصلون قتل الشعب السورى. إن الصورة العامة للشرق الأوسط أنه فى حالة تشكل جديدة، لكنى أود أن أؤكد شيئا مهما للغاية هو أن الشرق الأوسط الجديد لن يتشكل دون مصر بل إن مصر هى التى سوف تلعب الدور الرئيسى فى تشكيله مصر القوية مصر الجديدة». انتهى الحوار الخاص مع أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركى.

Total
0
Shares
السابق

حوار مع داود أوغلو (2)

التالي

الجمعة الأولى للرئيس

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share