الرئيس .. ممنوع من السفر! (1)

الخبر نشر فى مصادر كثيرة أن الرئيس المصرى محمد مرسى ما زال على قوائم الممنوعين من السفر، تلك القوائم التى كانت تضم ما يزيد على مليونى مصرى ما بين ممنوع من السفر إلى ترقب الوصول، وكانت تسمى قوائم الإدراج. وكان ضباط أمن الدولة علاوة على المخابرات العامة وأجهزة أمنية أخرى تضع من تريد على هذه القوائم، حيث مارس ضباط أمن الدولة صنوفا من الإذلال والإهانة للشعب المصرى طوال العقود الماضية، وكانت قوائم الإدراج من أسوأ تلك الوسائل. عشرات الآلاف من المصريين فقدوا وظائفهم فى الخارج بسبب منعهم من السفر أو التلكؤ فى منحهم تصريح العمل، وآلاف آخرون فقدوا المنح التعليمية أو التوظف فى سلك التعليم العالى بسبب تقارير أمن الدولة، وكان رئيس مصر الحالى أحد هؤلاء المدرجين على تلك القوائم السوداء. ورغم أنى كنت أحد هؤلاء المدرجين لسنوات طويلة فلم أكن ممنوعا من السفر، لكنى كنت على قوائم ترقب الوصول والسفر حيث كنت أقضى أحيانا عدة ساعات حتى يسمح لى ضباط أمن الدولة بالدخول إلى مصر! وفى السفر كم أخر ضباط أمن الدولة موعد إقلاع طائرتى، وأنزلت حقائبى عدة مرات من على الطائرة بسبب تعنتهم فى سفرى ثم يسمحون لى فى اللحظة الأخيرة! وكانت المواجهات والمشاحنات بينى وبين ضباط أمن الدولة لا نهاية لها، حتى أصبح موظفو شركات الطيران يعرفون أن سفرى يعنى مشكلة، فكانوا يأخذون الاحتياطات اللازمة ويبقون حقائبى خارج الطائرة إلى اللحظة الأخيرة وهم يبدون أسفهم لى. أذكر فى إحدى مرات وصولى من الدوحة إلى القاهرة على طائرة الخطوط القطرية قبل أكثر من عشر سنوات، كان أحد مندوبى السفارة القطرية ينتظر أحد الوزراء القطريين القادمين على نفس الطائرة لتسهيل إجراءات خروجه، فلما رآنى طلب منى جواز سفرى حتى يختمه مع الوفد المرافق للوزير فأعطيته الجواز وختمه بالفعل وأخذت حقائبى وخرجت، ذهبت لبيتى فتركت حقائبى ونزلت إلى موعد وعدت فى العاشرة ليلا وكانت الطائرة قد وصلت فى الثالثة عصرا، عدت فوجدت نحو خمسة من موظفى السفارة القطرية فى القاهرة فى انتظارى أمام البيت والقلق مستبد بهم، فأدركت أن هناك مشكلة بسبب ختم الجواز، فقال لى أحدهم: «نحن آسفون، ولكن يبدو أن هناك مشكلة فى الختم ويريدونك مع جواز السفر فى المطار»، ذهبت إلى المطار فوجدت أحد ضباط الجوازات يقف فى الخارج وقال لى: «ماذا فعلت بى يا أستاذ أحمد؟ والله أنا أحبك وأحب برامجك وكنت سعيدا أنى ختمت جواز سفرك، لكنى فوجئت بأمن الدولة يقولون لى: لم ختمت هذا الجواز، إنه مدرج؟ يجب أن تعيد المسافر مع جوازه، ورغم أن نوبتى تنتهى فى الساعة الرابعة فإنهم قالوا لى لن تذهب لبيتك دون عودة المسافر»! هكذا كان ضباط أمن الدولة يفعلون مع زملائهم، دخلت على ضابط أمن الدولة وأنا غاضب فاتصل بالمسئول فى لاظوغلى وقال له: تمام يا أفندم وصل، رفعت صوتى حتى يسمع الأفندم غضبى، وطلبت من الضابط أن أتحدث معه ورفعت صوتى عليه وتحدثت معه بحدة، أعطانى بعدها جواز السفر وذهبت إلى لاظوغلى حيث قضيت ليلة مطولة من النقاش الحاد مع عدد من الضباط، وكان مدير قناة الجزيرة آنذاك محمد جاسم العلى معى على الهاتف طوال الليل يتابع معى ما يقوم به رجال أمن الدولة، حتى خرجت من أمن الدولة عند الفجر، وربما كانوا يعملون حساب أنى أعمل فى قناة فضائية تتابع أمرى لذا كانوا إلى حد ما لديهم حساباتهم. وقد بقى محمد جاسم العلى طوال سنوات إدارته للجزيرة يتابعنى لحظة بلحظة خلال رحلاتى إلى القاهرة، وفى إحدى المرات احتجزونى فور وصولى فاتصلت به وأبلغته وكان قد بقى على النشرة عشر دقائق قال: أبلغهم أن احتجازك هو الخبر الأول على نشرة الخامسة، وما إن أبلغتهم حتى ارتبكوا بعد إجراء مكالمة، وخرج ضابط أمن الدولة بنفسه معى إلى خارج المطار مودعا. أما الضابط الذى ختم لى الجواز واحتجزوه حتى أعادونى للمطار فلى معه قصة أخرى وقعت بعد عشر سنوات سأرويها غدا.

Total
0
Shares
السابق

الجمعة الأولى للرئيس

التالي

الرئيس.. ممنوع من السفر! (2)

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

اشترك الآن !


جديد أحمد منصور في بريدك

Total
0
Share